الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولسوري بشار الأسد ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.(أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولسوري بشار الأسد ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.(أرشيف)
الثلاثاء 7 مايو 2019 / 12:25

ما الذي يُجهض محاولات موسكو لإعادة بناء سوريا؟

24- زياد الأشقر

لاحظت الصحافية أنشال فوهرا في مقال بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أنه كانت لدى روسيا حوافر عديدة عندما تدخلت في سوريا في سبتمبر (أيلول) 2015 لدعم الرئيس بشار الأسد، إذ كان الكرملين غاضباً لفقدانه السيطرة على قاعدته البحرية في طرطوس، التي تعتبر منفذه الأهم في الشرق الأوسط، لو انتصر الثوار المدعومون من الغرب.

يجمع ديبلوماسيون أوروبيون وسياسيون في بلدان تستضيف اللاجئين ومحللون روس، على أن السبب الأهم لهذا الإخفاق يتمثل في عناد الرجل الذي تدخلت روسيا لإنقاذه

وعلى نحوٍ أعم، أملت روسيا أن تفوز، من طريق إثبات أنها صديق وفي للأسد، بتأييد زعماء مستبدين آخرين في المنطقة.

وبعد أربعة أعوام، ومع تخلي الثوار إلى حد كبير عن مطلب تغيير النظام وخسارتهم مساحات واسعة من الجيوب التي كانوا يسيطرون عليها، حققت روسيا معظم اهدافها على المديين القصير والمتوسط. وثمة مؤشرات كثيرة تدل على أن روسيا تحوّل تركيزها الآن نحو هدف آخر، ويتوقع الكرملين أن توفر له سوريا مصدراً مالياً.

المال العامل الأساسي لروسيا
واستناداً إلى ثلاثة سياسيين من مختلف الاتجاهات اللبنانية، فإن المال هو العامل الأساسي الذي يحرّك السياسة الروسية في سوريا. وفوق ذلك كله، فإن روسيا راغبة في احتواء جزء كبير من مبلغ الـ 350 مليار دولار التي تحتاجها سوريا في عملية إعادة الإعمار، مما يوفر لها تنويع مصادر دخلها الاقتصادي عبر تعاقدات في مجالات مختلفة مثل مصانع لتوليد الطاقة ومشاريع أخرى للبنى التحتية.

وقال ديبلوماسي بارز في الاتحاد الأوروبي لـ"لفورين بوليسي" إن روسيا تريد أموالنا لبناء سوريا بحيث تتمكن الشركات الروسية من الحصول على التعاقدات. وهذا الهدف لم يتحقق بعد، على رغم أن الحرب قد توقفت في الإجمال، ولا تزال الجهود الدولية لإعادة الإعمار بعيدة- وذلك إلى حد كبير بسبب الافتقار إلى تعاون سوريا الخاص في هذا المجال.

تعاقدات إعادة الإعمار
وقالت الصحافية إن روسيا ستكون في موقع يخولها الفوز بتعاقدات إعادة الإعمار في سوريا، بسبب علاقتها القوية مع نظام الأسد. لكن المشكلة تكمن في أن سوريا تفتقر إلى الأموال-كما تفتقر إلى مصادر أخرى. وقد حاول الرئيس الروسي أن يستخدم اللاجئين كورقة مساومة من خلال التعهد بعودتهم مقابل موافقة الغرب على تقديم المساعدة المالية لسوريا. وفي يونيو (حزيران) طلب بوتين في هلسنكي ومن ثم في أغسطس (آب) ببرلين، من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يدفعوا لإعادة الإعمار في سوريا إذا كانا يريدان وقف تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط إلى أوروبا وكي يتجنبا أيضاً موجة هجرة جديدة. وزعم بوتين أنه يمكن لـ 1.7 مليون لاجئ سوري العودة في المستقبل القريب. كما أن الحكومة الروسية قالت إنها ستشئ لجاناً مشتركة مع دول تستضيف لاجئين مثل لبنان لتسهيل العودة.

عودة اللاجئين
وبعد عشرة أشهر، لم تحقق اللجان المشتركة سوى تقدم طفيف، وتكاد لا تسجل أي عودة فعلية للاجئين. وباختصار إن تخطيط روسيا للفوز بأموال إعادة الإعمار مقابل عودة اللاجئين قد أخفقت على ما يبدو. ويجمع ديبلوماسيون أوروبيون وسياسيون في بلدان تستضيف اللاجئين ومحللون روس، على أن السبب الأهم لهذا الإخفاق يتمثل في عناد الرجل الذي تدخلت روسيا لإنقاذه.