كردي يرفع صورة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان (أرشيف)
كردي يرفع صورة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان (أرشيف)
الخميس 16 مايو 2019 / 14:04

أردوغان يضطر للتودد لخصومه الأكراد

رأت مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بات مجبراً على جذب خصومه، إذ يحتاج إلى الأكراد إذا كان يأمل في فوز حزبه الحاكم العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية المعادة في إسطنبول.

الناخبون الأكراد تحديداً هم أكثر الفئات التي ساعدت على فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو بمنصب عمدة اسطنبول

وتقول المجلة: "لمدة ثماني سنوات، لم يُسمح لعدو تركيا الأول عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون بمقابلة محاميه، وذلك رغم إضراب مئات السجناء الأكراد الآخرين عن الطعام في أواخر 2018، وانتحار ثمانية على الأقل منهم، لإنهاء عزلته إذ لايزال أوجلان محتجزاً منذ قرابة 20 عاماً. ولكن في 2 مايو(أيار) الجاري، سُمح لاثنين من محاميه بزيارته في محبسه بجزيرة إيمرالي قبالة إسطنبول على بحر مرمرة".

إعادة الانتخابات
وسرعان ما طغت على هذه الأخبار الدراما السياسية، وبعد أربعة أيام فقط من مقابلة أوجلان مع محاميه، صوت مجلس إدارة الانتخابات في تركيا على إلغاء نتيجة الانتخابات البلدية في إسطنبول التي فازت فيها المعارضة على الحزب الحاكم، وقرر المجلس إعادة الانتخابات.

وبحسب المجلة، فإن قراري إعادة فتح قنوات التواصل مع أوجلان ومحاولة إلغاء نتيجة انتخابات إسطنبول، لم يحدثا دون تدخل من الرئيس التركي أردوغان، ويتفق على ذلك الكثير من المحللين السياسيين.

الأكراد وفوز أوغلو
وتعتبر المجلة البريطانية أن الناخبين الأكراد على وجه التحديد هم أكثر الفئات التي ساعدت على فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو بمنصب عمدة إسطنبول بفارق ضئيل في أواخر مارس(آذار) الماضي.

ويستقر ملايين الأكراد في غرب تركيا بعد نزوحهم من القرى والبلدات في جنوب شرق تركيا نتيجة عقود من الحرب بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، فضلاً عن الفقر.

ويضم سكان مدينة إسطنبول، البالغ عددهم 15 مليون نسمة، ما لايقل عن مليون كردي، أي أكثر من تعداد أي مدينة في الجنوب الشرقي الذي تقطنه الأغلبية الكردية.

ويدعم معظم الأكراد حزب الشعوب الديمقراطي، وهو تحالف من الليبراليين والقوميين الأكراد، ولكنه لم يخض انتخابات إسطنبول، وبدل ذلك كان يؤيد أكرم إمام أوغلو.

وفي يوم الانتخابات أيد أكثر من 80% من ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي أوغلو، ويبدو أن البقية امتنعوا عن التصويت، وذلك بحسب نتيجة بحث أجراه مركز أبحاث TEPAV.

استرضاء الأكراد
وتلفت مجلة "ذا إيكونوميست" إلى أنه من أجل الفوز في إعادة الانتخابات، ربما يضطر حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان على الأقل لاستمالة بعض الممتنعين عن التصويت، والأكراد المحافظين، لضمان انتخاب مرشحه بنعلي يلدريم رئيس الوزراء السابق.
  
وتنقل المجلة عن أسلي أيدينتاسباس، زميلة المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قولها "خسارة أردوغان في الانتخابات كانت لها علاقة كاملة بالمعارضة الكردية، ولذلك ربما يكون مجبراً الآن على التركيز على الأكراد للحفاظ على السلطة".

وتعتبر أسلي أن قرار السماح لأوجلان بمقابلة محاميه يبدو جزءاً من هذا التواصل، خاصةً لأن هذه الخطوة جاءت وسط شائعات مفادها أن رجال المخابرات الأتراك التقوا أخيراً بأعضاء حزب العمال الكردستاني في سوريا المعروفة باسم "وحدات حماية الشعب الكردية" لمناقشة إنشاء "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا.

ورغم معارضة الولايات المتحدة التي تعاونت مع الأكراد السوريين في دحر داعش، إلا أن حكومة أردوغان هددت مراراً وتكراراً بمهاجمة معاقل وحدات الشعب الكردية في سوريا. وقد دعا أوجلان، في بيان نقله محاميه، تركيا والمتمردين الأكراد إلى تجنب العنف، ومتابعة التسوية في "إطار سوريا الموحدة".

جرائم أردوغان ضد الأكراد
ولتحقيق أي تقدم جديد مع الناخبين الأكراد قبل إعادة انتخابات إسطنبول في 23 يونيو(حزيران) المقبل، على أردوغان، بحسب المجلة البريطانية، أن يفعل ما هو أكثر من مجرد جس نبض زعيم حزب العمال الكردستاني.

وخلال عقده الأول في السلطة، عرض أردوغان على الأكراد حقوقاً ثقافية جديدة، وأجرى محادثات سلام مع الانفصاليين، ولكن على مدار الأعوم الأربعة الماضية، أمر بعمليات الجيش التركي الوحشية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني بالمدن في جميع أنحاء الجنوب الشرقي، وباعتقال آلاف الناشطين الأكراد، كما تحالف أردوغان مع القوميين الأتراك، فضلاً عن الهجوم التركي على عفرين بسوريا.

وتختتم المجلة بأنه لم يعد أمام أردوغان سوى ما يزيد عن الشهر بقليل للتخلص من هذا الإرث، هذا إن لم يكن الأوان قد فات.