أنس كانتر لاعب بورتلاند.(أرشيف)
أنس كانتر لاعب بورتلاند.(أرشيف)
الجمعة 17 مايو 2019 / 13:55

من هو أنس كانتر.. هاجس أردوغان؟

يظهر تقرير جين كيربي في موقع "فوكس" الأمريكي كيف تطال تهديدات أردوغان في الخارج لا معارضيه السياسيين وحسب بل أيضاً عائلاتهم وأطباءهم وحتى من يلتقط الصور معهم. وكتبت أنّه لا يزال أمام فريقي بورتلاند ترايل بلايزرز وتورونتو رابترز أربع مباريات للوصول إلى نهائيات الدوري الأمريكي لكرة السلة أن بي آي. لكن إن حصل ذلك، فسيتمتع النهائي ببعض التأثيرات الجيوسياسية.

أضحت عائلة كانتر هدفاً للرئيس التركي ومن ضمنها أبواه وشقيقته الذين لا يزالون في تركيا

وهذا لأنّ أنس كانتر لاعب بورتلاند هو موضع مذكرة اعتقال من الإنتربول بناء على طلب من الحكومة التركية. كانتر هو ناقد علني طويل المدى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسياساته التسلطية المتصاعدة. ألغي جواز سفر كانتر التركي سنة 2017، ومع أنّ التقارير تتحدث عن تمتعه بالبطاقة الخضراء الأمريكية، فإنّ سفره إلى كندا قد يعرضه للتوقيف.

دفع اللقاء المحتمل السيناتور رون وايدن للكتابة إلى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو طالباً منه "تسهيل المرور الآمن للسيد كانتر إلى ومن كندا" إذا تواجه الفريقان في النهائيّات. وأضاف: "أحضّ حكومتكم على التصريح علناً بأنّها لن تمتثل لأي إشعار أحمر من الإنتربول يهدف إلى التدخل في طريقة عيش كانتر وإلى ترهيبه وعائلته في تركيا". وقال الناطق باسم وزارة الهجرة الكندية لوكالة أسوشييتد برس "إننا ملتزمون بضمان أن يتم تقييم كل حالة بصورة عادلة بناء على أسسها ووفقاً لقوانين كندا".

من هو كانتر؟
إنّ موقع كانتر كلاعب أن بي آي عزز صورة اعتراضه على قمع أردوغان المناهض للديموقراطية، حتى ولو وجد نفسه ضحية لهذا القمع. أنس كانتر هو لاعب كرة سلة تركي بالرغم من ولادته في سويسرا،يبلغ من العمر 26 عاماً، وقد لعب كرة السلة باحتراف في الولايات المتحدة منذ سنة 2011. وانضم إلى بورتلاند ترايل بلايزرز في فبراير (شباط) 2019. كانتر هو مسلم وداعم وفيّ للداعية فتح الله غولن الذي يبشر بإسلام سني معتدل. عاش غولن في بنسلفانيا منذ سنة 1999 لكنّ أردوغان اتهمه بتنسيق الانقلاب الفاشل ضده سنة 2016. بعد الانقلاب طالب أردوغان واشنطن بتسليم غولن للمحاكمة بالرغم من قلة الأدلة التي تورطه وأنصاره بالانقلاب. ومع ذلك، فصل أردوغان آلاف المشتبه بمناصرتهم لغولن من القوى المسلحة والوظائف المدنية والقضاء.

"هتلر عصرنا"

في السنوات الثلاث التي أعقبت الانقلاب، أعطى أردوغان نفسه المزيد من السلطات وحول تركيا إلى أوتوقراطية، فيما يستمر بضرب أي تحديات لسلطته. في مارس، فاز مرشح معارض برئاسة بلدية اسطنبول في ضربة محرجة لأردوغان. لكن في هذا الشهر، ألغت اللجنة العليا للانتخابات النتائج وحكمت بإعادة الانتخابات الشهر المقبل. بالنظر إلى كل ذلك، ليس مفاجئاً أن يتحول كانتر إلى هدف لأردوغان بسبب دعمه لغولن وانتقاده الرئيس التركي. واستمر كانتر في مهاجمة الرئيس التركي واصفاً إياه ب "هتلر عصرنا".

إهانات
في مايو 2017، قال كانتر إنّه احتُجز في رومانيا بعدما أخبرته السلطات المحلية أنّ جواز سفره لم يكن صالحاً. وشرح أنّ الإجراء التركي تم بسبب وجهات نظره السياسية. أطلِق سراحه أخيراً وتمكن من العودة إلى لندن ثم نيويورك بمساعدة من وزارة الخارجية بحسب تقارير. في ديسبمر (كانون الأول) 2017، قالت وكالة الأناضول إنّ المدعين العامين طالبوا بعقوبة أربع سنوات لكانتر بسبب إهانة أردوغان على تويتر سنة 2016. وواجه اتهاماً سنة 2018 لتعليقاته "المؤذية والهينة" حول رئيس اتحاد كرة السلة التركية الحليف لأردوغان والذي سبق أن قال أشياء مؤذية بحق كانتر.

ملاحقة أي شخص تفاعل معه
أضحت عائلة كانتر هدفاً للرئيس التركي ومن ضمنها أبواه وشقيقته الذين لا يزالون في تركيا. وقال لصحيفة "نيويورك تايمس" في يناير (كانون الثاني) إنّه توقف عن التواصل معهم بعدما تم اقتحام منزلهم سنة 2016. وفي صيف 2018، اتهمت الحكومة التركية والد كانتر بالانتماء إلى حزب إرهابي. وفي سبتمبر (أيلول) من السنة نفسها، كتب مقال رأي في مجلة تايم الأمريكية جاء فيه:

"لقد كان خطيراً جداً بالنسبة إليّ أن أطأ تركيا لثلاث سنوات. آخرمرة زرتها، دمرت الحكومة مدرسة إخوتي ورمت طبيب أسناني وزوجته في السجن. أوقف النظام رجلاً واتهمه بصلات مع غولن لأنّني التقطت صورة مع طفله. ولاحق كوميدياً بعدما تبادل بعض التغريدات معي".

وقف بث مبارياته.. وحتى إحصاءاته
إنّ استهداف أردوغان لكانتر أثر على مسيرة اللاعب. في يناير 2019، رفض كانتر الذي كان لاعباً في فريق نيكس السفر إلى لندن للعب مباراة كرة سلة لشعوره بخطر على حياته بسبب أردوغان. لكن في الأسبوع نفسه الذي بقي كانتر في الولايات المتحدة وسافر فريقه إلى إنكلترا، طالبت تركيا بتسليمه بناء على مزاعم بارتباطه بالإرهاب. في مارس (آذار)، وبعدما انضم إلى ترايل بلايزرز، لم لم يسافر إلى تورونتو للعب مباراة عادية. ومع أنّه لعب هناك في الماضي، قال إنّ اندماج مسائل جواز السفر والتهديدات بالموت ومذرة الاعتقال دفعه لعدم اللعب.

كانتر غير نشط في تركيا. يسيطر أردوغان على الإعلام الذي يتهمه مراراً بروابط مع الإرهاب. في وقت مبكر من هذا الشهر، قطعت أن بي آي العلاقات مع شركة تركية كانت تدير حساب الاتحاد باللغة التركية على تويتر بعدما امتنعت بشكل كامل على أي ذكر لأداء كانتر في مباراة مهمة ضد دنفر. ووفقاً لرويترز، لم تبث شبكة تيركي أس سبورت مباريات أن بي أي منذ إدانته.

يدافع عن الأبرياء

احتفظ أردوغان بالحكم لمدة 16 سنة ومن غير المرجح أن يتخلى عن نفوذه قريباً بعدما ضرب الإعلام المعارض وسجن مئات الصحافيين وأغلق عشرات المنصات الإعلامية المستقلة إضافة إلى التطهير السياسي الذي شمل الجيش والإدارة المدنية والقضاء واعتقالات طالت عشرات آلاف الأشخاص. كذلك، عدّل القانون ليعطي نفسه المزيد من السلطات الواسعة.

كانتر لاعب كرة سلة بارز في أن بي آي وهو أحد أبرز الرياضيين في تركيا ويشكل هدفاً طبيعياً لأردوغان. لكنّ هذا الأمر يعني أيضاً أنّ له منصة لمواجهة هجمات الرئيس. وفي مقابلة مع موقع ريليجن نيوز قال: "الأمر بسيط، هنالك عشرات آلاف الأبرياء في السجن، أشخاص بأصوات محدودة أو بدون أصوات، من يستطيع الدفاع عنهم. أنا لست صحافياً أو سياسياً، لكن إن لم أدافع عنهم فمن سيفعل ذلك؟

العلاقة مع أمريكا قد لا تكون قابلة للإصلاح
وجدت قضية كانتر دعماً من كلا الحزبين في الكونغرس. وايدن من مواليد أوريغون هو مشجع جدي لترايل بلايزرز ودافع عنه من خلال التواصل مع المسؤولين الكنديين. والتقى كانتر أيضاً بمشرعين أمريكيين من بينهم السيناتور ماركو روبيو.
لكن احتضار الديموقراطية التركية تحت حكم أردوغان عقّد العلاقة التركية-الأمريكية وكما يشرح أليكس وورد من الموقع نفسه إنّ الشراكة الاستراتيجية بين حليفي الناتو تدهورت في السنوات الأخيرة ومن المحتمل جداً أن تكون غير قابلة للإصلاح.

حين خاب أمل أردوغان
إنّ توجه أردوغان نحو التسلط أدى دوراً في هذا بما أنه فضل الإسلام السياسي واعتنق وجهات نظر مناهضة للغرب كما وسع الخلاف الأمريكي-التركي واقترب من أعداء أمريكا مثل الصين وروسيا. وازداد التوتر بين البلدين بعد سجن تركيا القس أندرو برانسون فعاقبت واشنطن تركيا موجهة ضربة جوهرية للاقتصاد التركي المضطرب. أمل أردوغان بوضوح بمقايضة برانسون بغولن لكنّ الأخير أطلق سراحه في أوكتوبر الماضي وبقى غولن في الولايات المتحدة. إنّ استمرار كانتر بدعم غولن يعني أنّه سيبقى في مرمى أردوغان طالما أنّه يبقى في السلطة، خصوصاً أنّه ينوي ذلك، لفترة طويلة جداً.