الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الأحد 19 مايو 2019 / 00:21

بعد مقاطعة المستثمر والسائح الخليجي.. الاقتصاد التركي يتلقى صفعة موجعة

24 - إعداد ريتا دبابنه

فيما تسببت العقوبات الأمريكية الأخيرة على أنقرة بانهيار كبير لليرة التركية، ما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية، وارتفاع نسب البطالة، وازدياد نسب التضخم، يبدو أن هذه الموجة المؤلمة من الانهيارات لن تتوقف عند هذا الحد، حيث حذرت السعودية أمس الجمعة مواطنيها، من الاستثمار في تركيا بسبب ضعف مصداقية الشركات العاملة في هذا المجال.

وقالت السفارة في بيان، إنه ورد إليها كثير من شكاوى المواطنين المستثمرين واستفساراتهم حول المشكلات التي تواجههم في مجال العقار في تركيا، كعدم حصولهم على سند التملك، أو الحصول على سندات تمليك مقيدة برهن عقاري، أو حتى منعهم من دخول مساكنهم رغم دفعهم كامل قيمة العقار، وتهديدهم من قبل الشركات المقاولة، وعدم تسليمهم المساكن في الوقت المحدد الذي تم الاتفاق عليه في العقود المبرمة بين المواطن والشركة العقارية".


السعوديون النسبة الأكبر
ويعد المستثمرون السعوديون في تركيا، الأبرز من بين دول الخليج العربي، وثاني أكبر مستثمر أجنبي بعد العراق، حسب إحصاءات عامي 2015 و2016، عندما كانت الأوضاع الاقتصادية شبه مستقرة في تركيا.

وبحسب تقرير الاتحاد التركي لشركات الاستثمار العقاري "جيودر"، أجرى المستثمرون السعوديون 1.327 معاملة، واشتروا 564 ألف متر مربع من المساحة العقارية خلال 2016.


ولفت التقرير إلى أن مواطني دول الخليج بشكل عام، ضخوا عام 2015 استثمارات كبيرة في العقارات بتركيا، حيث بلغت نسبة الشراء بنحو عقار من بين كل أربعة اشتراها الأجانب.

انكماش متصاعد
إلا أن الاقتصاد التركي الآن، يشهد انكماشاً كبيراً إثر العقوبات التي حلت عليه، حيث تراجعت الليرة التركية لمستوى 6.24 مقابل الدولار، لتسجل أضعف سعر لها في 8 أشهر، إثر القرار الأمريكي بإنهاء اتفاق المعاملة التجارية التفضيلية لتركيا، ما أثار حالة من القلق بين المستثمرين وخاصة السعوديين، نظراً إلى الأحداث السياسية المتسارعة داخلياً وخارجياً.



فبحسب الكاتب في موقع "أحوال تركية"، مارك بينتلي، فإن البنوك التركية تواجه في الفترة الأخيرة، خطر نضوب مستويات ودائع الأموال الخاصة، بعد أن استأنفت الليرة انخفاضها مقابل الدولار، الأمر الذي يضعها في دائرة الخطر في ظل جبال الديون المتعثرة.

وقبل أن تبلغ أزمة الليرة التركية ذروتها في أغسطس (آب) الماضي، حذر بنك الاستثمار الأمريكي "غولدمان ساكس" المستثمرين من أن انخفاض العملة المستمر يهدد بمحو فائض رؤوس الأموال الخاصة بالبنوك التركية.

وبحسب بينتلي، يطالب المستثمرون في تركيا الحكومة بتنفيذ إجراءات عاجلة لمعالجة مشاكل رأس المال المحتمل حدوثها جراء هذا الانهيار في القطاع المصرفي، خاصة وأن هناك قروضاً متعثرة وديوناً مُعاداً هيكلتها بقيمة عشرات المليارات من الدولارات تضر بميزانيات البنوك.


وبسبب حالة عدم الاستقرار السياسي الراهنة في تركيا، بعد الانتخابات المحلية التي أجريت مؤخراً، وتفوق فيها الحزب المعارض على حساب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" في كل من أنقرة وإسطنبول، ما أثار حفيظة الحزب الحاكم وأمر بإعادة انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول، تواجه البنوك التركية مشكلات إضافية.

سياسات أردوغان
من جهة أخرى، يزداد الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة، بسبب شراء أنقرة منظومة الدفاع الصاروخي الروسية أس- 400، والتي كان من المقرر تسلمها في يوليو (تموز) إلا أنه تم تأجيل العملية خوفاً من تصاعد التوتر.


وتعتبر سياسات أردوغان الخارجية وخلافاته مع واشنطن، عنصراً أساسياً في زعزعة ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد التركي.

وعلاوة على ذلك، فإن السياسة الخبيثة التي ينتهجها أردوغان ضد دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، والتي تبلورت بعد حادثة اعتقال شابين في إسطنبول الشهر الماضي، بزعم عملهم لصالح الاستخبارات الإماراتية، ما لقي استهجاناً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، ونفته أبوظبي، ساعدت أيضاً على انخفاض نسبة السياحة الخليجية لتركيا.

وهذا ما أكدته تقارير صحافية في أبريل (نيسان) الماضي، حيث أشارت إلى أن مؤشرات صادرة عن وزارة السياحة التركية أظهرت تراجع عدد السياح بـ 8.12% في مارس (آذار) الماضي، مقارنة مع مارس (آذار) 2018.



وبحسب صحيفة "زمان" التركية، فإن هذا المؤشر يؤكد تعرض السياحة التي توفر 32 مليار دولار سنوياً حسب آخر إحصائية رسمية، أزمة كبرى تُذكر بما توقعه صندوق النقد سابقاً عندما تحدث عن إضرار "المخاوف الأمنية بإيرادات تركيا من السياحة وهي مصدر رئيسي للعملة الأجنبية".

وفيما يخص السياحة الخليجية، فأكدت المؤشرات أيضاً أن أعداد السائحين السعوديين إلى تركيا تراجعت بشكل حاد بنسبة 38%، لتبلغ نحو 44.6 ألف سائح.

تفاعل منصات التواصل
وتعقيباً على ذلك، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر، خلال الفترة الماضية، موجة غضب واستهجان واسعة من قبل مغردين خليجيين فعّلوا عدة هاشتاقات من بينها #تركيا_تعتقل_الخليجيين، و#تركيا_غير_آمنة_للسفر تأكيداً على الموقف الخليجي اتجاه سياسات أردوغان.


تهديدات تركية
الجدير أن وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، أعلن منذ شهور قليلة، في لهجة تهديداً واضحة، لأي سائح له توجهات معارضة للسياسات التركية، أنه سيتم اعتقاله على الفور، ما لاقى انتقاداً واسعاً.

ووفقاً لأحدث الإحصاءات، فإن الليرة التركية لن تشهد أي تحسن في الوقت الراهن، ناهيك عن عزوف المستثمرين السعوديين عن الاستثمار في تركيا، وتراجع نسب سياحة العرب وخاصة مواطني دول الخليج إلى أنقرة، وتصاعد الخلافات مع الولايات المتحدة، كل ذلك سيزيد حتماً من تعثر الاقتصاد التركي المتعثر أصلاً.