أعلام الاتحاد الأوروبي وتركيا في أنقرة.(أرشيف)
أعلام الاتحاد الأوروبي وتركيا في أنقرة.(أرشيف)
الأحد 19 مايو 2019 / 12:38

أوغلو يسوّق تركيا في أوروبا.. عبر مقال مضحك

في 14 مايو الحالي، كتب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مقال رأي في مجلة "بوليتيكو" تحت عنوان: "لنعد (المفاوضات حول) عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي إلى مسارها الصحيح". تعليقاً على هذا المقال، تساءل الصحافي التركي البارز سميح إيديز في موقع "سيغما تركيا" عما إذا كان أوغلو متصلاً بالوقائع اليومية التي تجري في تركيا. ويذهب إيديز للتدقيق في الحجج التي أوردها جاويش أوغلو من أجل تقييم مدى واقعيتها.

على المرء أن يكون أعمى كي لا يرى حالة الاقتصاد التعيسة اليوم والتي تستمر في مسارها الانحداري

يقول جاويش أوغلو إنّ تركيا تترك وراءها الأوقات الصعبة التي أعقبت محاولة الانقلاب سنة 2016 مضيفاً أنّ البلاد ذهبت باتجاه نظام رئاسي جلب سرعة في صناعة القرار وبيروقراطية أقل مما سمح بتسريع الإصلاحات. علاوة على ذلك، يجادل بأنّ تركيا سعت بلا هوادة إلى تعزيز ديموقراطيتها لأنّ "الأمة التركية تستحق أعلى المعايير".

يرد إيديز بالإشارة إلى صحة أنّ تركيا واجهت صدمة بعد الانقلاب الفاشل ولا يشك أحد في أنّ أي حكومة ديموقراطية تواجه حدثاً كهذا يحق لها محاكمة من يقفون خلف هذه المحاولة. لكن تم القبول بشكل عام، في الداخل والخارج، أنّ هذه المحاولة فتحت الباب أمام الحكومة التركية للقيام بأعمال لا تقوض الديموقراطية وحسب بل تشكك في مسألة القضاء التركي الحر برمتها.

ضرب منتقدي الرئيس بعصي البايسبول
بعبارة أخرى، لا تتمتع تركيا اليوم بسمعة أنها دولة تفادت هجوماً على ديموقراطيتها وأنقذتها. عوضاً عن ذلك، إنّها دولة يقبع عشرات الآلاف من مواطنيها في السجن بناء على تهم مؤامراتية ستكون مردودة في أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. هي أيضاً دولة اكتسبت السمعة السيئة بكونها "أكبر سجان للصحافيين" وحيث انتقاد الرئيس يشكل أخباراً عن توقيفات جديدة على قاعدة شبه يومية. ولجعل الأمور أسوأ، هنالك اليوم قضايا صحافيين تعرضوا للضرب بعصيّ البايسبول لانتقادهم الرئيس.

شهادة أبرز مسؤولي العدالة والتنمية
إنّ ادعاء كون الانتقال إلى نظام رئاسي مكن تسريع الإصلاحات أمر مشكوك به كثيراً. على المرء فقط أن يقرأ تقرير التقدم السنوي الصادر عن المفوضية الأوروبية حول تركيا ليرى كيف ينظر الأوروبيون إلى مسار الإصلاح التركي. وكتب وزير الخارجية ورئيس الحكومة السابق أحمد داود أوغلو مقالاً مطولاً وُصف بالمانيفستو ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شرح فيه كيف أنّ حكم الرجل الواحد لم يقدم الكثير لتعزيز الديموقراطية التركية. وأحمد داود أوغلو ليس عضواً من المعارضة بل مسؤولاً بارزاً في حزب أردوغان الخاص.

اقتصاد تعيس لا يجهله إلا الأعمى
يتابع إيديز أنّه على المستوى الاقتصادي ليس هنالك من نقص في الانتقادات ضد نظام الحكم الحالي في تركيا الذي يشير إلى أنّ جميع القرارات التي تحمل تأثيراً على الاقتصاد تأتي من مصدر واحد. يجد كثر هذا المصدر، أي الرئيس التركي، منفصلاً عن القواعد التي تحكم الاقتصادات الليبيرالية. على المرء أن يكون أعمى كي لا يرى حالة الاقتصاد التعيسة اليوم والتي تستمر في مسارها الانحداري.

التعاون لا يعني الاندماج
يضيف جاويش أوغلو أنّ الإطار الدولي الحالي يؤمّن حوافز قوية لتحالف أوثق بين تركيا والاتحاد الأوروبي. ويذكر القضية الفلسطينية والاتفاق النووي وسوريا وضبط الهجرة غير الشرعية. يرد إيديز بأنّ واقع تمتع تركيا والاتحاد بوجهات نظر متشابهة حول بعض هذه المسائل سيضمن بالطبع تعاوناً مستمراً بين أنقرة وبروكسل. لكن على الرغم من ذلك، لن يعني هذا التعاون إعادة تنشيط رهان تركيا النائم للدخول إلى الاتحاد الأوروبي.

لدى الاتحاد الأوروبي تعاون حول مسائل كهذه مع دول أخرى مثل الأردن ومصر وحتى إيران حيث لا تتمتع الأخيرة بمنظور أوروبي. هذا التعاون ذو طبيعة عملية ومصمم لمعالجة مسائل يومية وهو غير هادف إلى تهيئة الأرضية لاندماج أعمق بين الطرفين. كذلك، تحتاج تركيا إلى هذا التعاون من أجل مصلحتها الخاصة تماماً كما يحتاج الاتحاد الأوروبي لذلك.

في هذه الأثناء، إنّ المكاسب المتوقعة في الانتخابات البرلمانية المقبلة للأحزاب التي تعارض انضمام تركيا للاتحاد يجب أن تضع الأمور في إطار أفضل بالنسبة إلى جاويش أوغلو على مستوى فهمه ل "الإطار الدولي الحالي".

إلغاء انتخابات اسطنبول كما المقال.. مهزلة

تطرق جاويش أوغلو أيضاً إلى المسألة الملتهبة في تركيا اليوم وهي قرار اللجنة العليا للانتخابات إلغاء النتائج الانتخابية لرئاسة بلدية اسطنبول. هز القرار تركيا حتى الصميم ودهورت صورتها الدولية حيث أصبحت دولة تتقلص فيها الديموقراطية بشكل سريع.
يحاول جاويش أوغلو التقليل من أهمية القرار عبر القول إنّه "قرار قضائي متخذ من قبل هيئة مستقلة حصدت إشادة من آليات الرقابة الأوروبية على عملها المهني السابق". يشير إيديز إلى أنّه يمكن أن تكون هذه الهيئة قد تلقت إشادة على أعمالها السابقة، لكن الدلالة واضحة في أن لا إشادة حالياً بقرارها الأخير. على العكس من ذلك، إنّ مسؤولين أوروبيين بارزين شككوا بقرار اللجنة حتى أنّ بعضهم وصفه ب "المهزلة".

من هنا، ليس صعباً افتراض أنّ ادعاءات جاويش أوغلو في مقاله حول ترشح تركيا الميت للدخول إلى الاتحاد، تم تلقيها من قبل كثر في أوروبا على أنّها "هزلية".