الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الإثنين 20 مايو 2019 / 12:51

أردوغان يحاول دقّ إسفين بين ترامب والكونغرس

ذكر السفير الأمريكي السابق إلى تركيا إريك ألدمان والمحلل السابق في تمويل الإرهاب ضمن وزارة الخزانة جوناثان سكانزر كيف قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإيداع دفعة أولية لشراء صفقة أس-400 الروسية في ديسمبر (كانون الأول) 2017، بعد أشهر على تمرير الكونغرس قانوناً يفرض عقوبات قاسية على الحكومات التي تشتري أسلحة روسية.

بين 2012 و 2015، وفي ذروة الجهود لإجبار إيران على التخلي عن طموحاتها النووية، تورط الأتراك في مخطط شامل للتهرب من العقوبات على إيران

وكتبا في صحيفة "ذا وول ستريت جورنال" أنّ أردوغان يريد الآن إعفاء ويبدو في الظاهر معتقداً بأنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يميل لإعطائه هذا الإعفاء. من المحتمل ألا يستطيع ترامب فعل ذلك من دون موافقة من الكونغرس. لكن حتى إن استطاع ذلك، فيجب على الرئيس الأمريكي ألّا يخطو هذه الخطوة.

القانون واضح
إنّ مواجهة أعداء أمريكا من خلال قانون العقوبات أو اختصاراً كاتسا واضح جداً بشأن فرض عقوبات على أي كيان "ينخرط في تعامل بارز مع ...القطاعين الدفاعي أو الاستخباري لحكومة الاتّحاد الروسي". تكلف صفقة أس-400 أنقرة حوالي 2.5 مليار دولار ويُعتقد على نطاق واسع أنّ هذا النظام من بين أفتك الأنظمة الدفاعية حول العالم. لكن ليس فتكه هو السبب الذي دفع وزارتي الخارجية والخزانة إلى حث أردوغان على إلغاء الصفقة. المشكلة الأكبر هي أنها تخاطر في كشف التكنولوجيا الأمريكية إلى قوى عدوانية.

تهديد للتقدم العسكري
تركيا في طور الحصول على مقاتلة أف-35 الأمريكية حيث يتدرب الطيارون الأتراك على استخدامها في قاعدة عسكرية أمريكية. إنّ تشغيل المقاتلة بالتزامن مع الصاروخ الروسي قد يمكّن موسكو من تعقب وجمع المعلومات حول قدرات أكثر مقاتلة تطوراً في العالم. وقد يهدد ذلك التقدم النوعي العسكري الأمريكي المتقلص أساساً إضافة إلى التقدم العسكري لحلفاء أمريكا الذين يمكن أن يحصلوا على المقاتلة.

يضاف إلى العقوبات المفوضة من الكونغرس، أنّ أردوغان قد يخسر صفقة أف-35 إذا حصل على الصفقة الروسية. أوقف البنتاغون رسمياً تسليم أنقرة التجهيزات التدريبية والمواد المرتبطة بها في الأول من أبريل (نيسان) الماضي. لا يزال الطيارون الأتراك يتلقون التدريب لكن من غير الواضح إلى متى سيستمر هذا الأمر.

عضويتها في الناتو ليست حقيقية
يجادل البعض بأنّ هذه الإجراءات ضد تركيا خاطئة لأنّ أنقرة عضو في حلف شمال الأطلسي، وإن لم تكن الولايات المتحدة حذرة، فقد تدفعها إلى خارج التحالف باتّجاه أحضان روسيا أو حتى إيران. ومع ذلك، كانت تركيا خارج مظلة الناتو لعقد من الزمن حتى الآن. هي تحتضن أكبر مقرات خارجية لحركة حماس الإرهابية في الشرق الأوسط.

لقد دعمت أسوأ الجهاديين في الحرب السورية بمن فيهم مرتبطون بالقاعدة وداعش. بين 2012 و2015، وفي ذروة الجهود لإجبار إيران على التخلي عن طموحاتها النووية، تورط الأتراك في مخطط شامل للتهرب من العقوبات على إيران مما جعل الأخيرة تستفيد ب 20 مليار دولار.

أنقرة ليست أكبر من أن تفشل

في هذه الأثناء، انزلقت تركيا إلى التسلط فأصبحت الحكومة في أنقرة أكبر سجان للصحافيين في العالم واحتجزت رهائن أمريكيين وغربيين. ويقبض أردوغان شخصياً على الإعلام والقضاء. مهما بقي حراً من مسار البلاد الديموقراطي، فهو يرزح تحت ضغط جهود أردوغان للتلاعب به، كما ظهر ذلك مؤخراً من خلال إلغاء نتائج الانتخابات البلدية في اسطنبول. على الرغم من كل ذلك، أظهر المسؤولون والمشرعون الأمريكيون صبراً عظيماً فتواصلوا مع الأتراك تكراراً وأرجأوا الإجراءات العقابية آملين في حصول انعطافات تركية.

بشكل محزن، إنّ الجهود الأمريكية للحفاظ على التحالف مع تركيا يمكن أن تكون قد نجحت فقط في إقناع أنقرة بأنها "أكبر من أن تفشل". بات المسؤولون الأتراك مقتنعين بأنّ أمريكا ستتراجع أولاً. بالتحديد، يظنون أن ترامب سيفعل ذلك، إذ قال مسؤول تركي في أبريل "نحصل على إشارات بأنّ ترامب يتبع موقفاً أكثر إيجابية من الكونغرس".

لا للاستسلام لتملق أردوغان
لن تكون هذه المرة الأولى التي يسعى فيها رئيس أجنبي لخلق شرخ بين الرئيس الأمريكي والكونغرس للحصول على ما يريد. لقد فعلت روسيا ذلك عقب انتخابات 2016 وهذا سبب دفع الكونغرس لتمرير قانون كاتسا سنة 2017. وطالب الباحثان أخيراً الرئيس الأمريكي بعدم الاستسلام لتزلفات أردوغان، كما طالبا الإدارة بإجبار تركيا على أن تقرر ما إذا كانت ستبقى جزءاً من التحالف الغربي بالفعل أو بالاسم فقط.