الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الثلاثاء 21 مايو 2019 / 10:56

إيران ملأت الفراغ بعد هزيمة داعش

24- زياد الأشقر

كتب الباحث عمر حسينو في موقع "تابلت ماغازين"، إن النزاع المتأجج بين الولايات المتحدة وإيران قد تفاقم الأسبوع الماضي رداً على ما وصفه مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون بالتهديدات الجدية من إيران ووكلائها، ونشرت الولايات الولايات المتحدة حاملة الطائرات "أبراهم لينكولن" ضمن قوة ضاربة في الخليج.

بينما اعتبرت هزيمة داعش نجاحاً باهراً، فإن هذا النجاح تحقق من خلال غضّ الطرف عن توسع إيران ووكلائها

وفي الوقت نفسه ألغى وزير الخارجية مايك بومبيو زيارة زيارة لألمانيا وزار العراق، حيث حذر من ان أي هجوم من إيران أو من وكلائها على القوات الأمريكية سيؤدي إلى رد أمريكي "سريع وحاسم". وفي الوقت عينه أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" أن البنتاغون أعد خططاً طارئة لمواجهة وكلاء إيران "يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إرسال عشرات ألاف الجنود الإضافيين إلى الشرق الأوسط". 

إيران ملأت الفراغ
وأضاف إن الجدل بين الولايات المتحدة وإيران ووكلائها في المنطقة يسلط الضوء على حقيقة صارخة ألا وهي أنه بينما تعرض تنظيم داعش للهزيمة، فإن إيران ملأت الفراغ وهي تسيطر الآن على مساحات واسعة من شمال الشرق الأوسط. وفي وقت انهارت "خلافة" داعش، أحكمت إيران قبضتها على العراق وسوريا ولبنان. ويكمن المأزق الاستراتيجي للولايات المتحدة في أنه بينما اعتبرت هزيمة داعش نجاحاً باهراً، فإن هذا النجاح تحقق من خلال غضّ الطرف عن توسع إيران ووكلائها، الذين يشكلون الآن تهديداً خطيراً لقوات الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

سياسة أوباما
و مع ذلك، فإن هذا التطور يجب أن لا يكون مفاجئاً. في الواقع، كان نفوذ إيران المتزايد وتوسيع نطاق سيطرتها، نتيجة مباشرة لسياسة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما المناهضة لداعش والتي استمرت خلال العامين الأولين من إدارة ترامب. وهكذا تجد الولايات المتحدة نفسها في مأزق هو جزئياً من صنعها الخاص. وسيتطلب المخرج تحدياً لبعض الافتراضات الراسخة حول طبيعة التهديدات الأمنية في الشرق الأوسط التي سادت في العقد الماضي. لكن الفشل في القيام بذلك لن يؤدي فقط إلى تشجيع العدوان من قبل القوات الإيرانية ووكلاء النظام، بل سيزرع بذور عودة داعش للظهور.

بين داعش وإيران
وبالنسبة للمشككين في سياسة أقوى ضد إيران، ليست المقارنة بين داعش وإيران شرعية. فإيران دولة ذات سيادة تسعى لتحقيق المصلحة الذاتية المشروعة، في حين أن داعش هو تنظيم إرهابي، وداعش فقط هو الذي ينفذ الهجمات الإرهابية ضد الغرب. لكن الخطوط الفاصلة بين الدولة والتنظيم الإرهابي ليست واضحة. فقد سيطر داعش على أراضٍ وأدارها في العراق وسوريا، في حين مارست إيران الكثير من سياستها الخارجية من خلال شبكة من الجماعات شبه العسكرية والإرهابية ذات النطاق العالمي.

"الموت لأمريكا"
وإيران على غرار داعش، تجعل من عداواتها الأبدية لأمريكا أمراً معروفاً تماماً. إن هتافات "الموت لأمريكا"هي عنصر أساسي في مسيرات النظام. وتم إعداد عناصر من الحرس الثوري الإيراني داخل الولايات المتحدة عام 2013 لمهاجمة مطعم مزدحم في واشنطن بهدف قتل السفير السعودي. وإيران على صلة بمقتل 500 من الجنود الأمريكيين في العراق. ونفذت إيران موجة من الاغتيالات مؤخراً في أنحاء أوروبا وتم تعطيل العديد من مؤامراتها الإرهابية، بما في ذلك واحدة في فرنسا قبل بضعة أشهر كانت تستهدف تظاهرة للمعارضة الإيرانية شارك فيها عدد من المسؤولين الأمريكيين السابقين.

ومع أن الميليشيات المدعومة من إيران تمثل تهديداً مثل داعش، إن لم يكن أكثر، فإن الردود على الجانبين لم تكن متشابهة. إذ قادت واشنطن ونظمت تحالفاً عسكرياً لهزيمة التنظيم، بينما تبقى مواجهة إيران "هدفاً غير عسكري" وفقاً للبنتاغون. 

مناخ طائفي
وخلص الكاتب إلى أن الهيمنة الإيرانية على العراق وسوريا أثارت مناخاً طائفياً للغاية ساهم في بروز داعش. واليوم تسود ظروف أسوأ من تلك التي رافقت صعود التنظيم، وقد بدأ هذا التنظيم بالعودة فعلاً إلى بعض مناطق العراق. ويدرك الرئيس ترامب أن تقليص النفوذ الإقليمي لإيران يجب أن يكون إحدى الركائز الأساسية لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ولدى ترامب فرصة الآن لضمان هزيمة حقيقية لداعش ووضع الأساس لاستقرار إقليمي دائم استعصى على أسلافه.