الحرم المكي (أرشيف)
الحرم المكي (أرشيف)
الثلاثاء 21 مايو 2019 / 23:30

مكَّة المُكرَّمة.. من أبرهة الحبشي إلى أبرهة الحوثي

24 - الشيماء خالد

حفرت أخدوداً في عمر الزمن، وهوَت أفئدة من الناس إلى بيتها العتيق، وشكلت جبالها، وهي غرابيب سود، جغرافيا تتراءى للخلق يقظةً وحلماً، وفيها أسكن أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام بعضاً من ذريته، ومنها انطلقت دعوته للتوحيد وللأمان والرزق والثمرات.. إنها مكة، المدينة القديمة قدم البشرية نفسها، فيها أقيم البيت الوحيد لله والذي بني في أزمنة سحيقة، كما جاء في الذكر "إن أول بيت وُضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين" ( الآية 96 ـ سورة آل عمران).

منذ أقدم الأزمنة، وعلى مر التاريخ البشري نجحت مكة في الحفاظ على  مكانتها وقدسيتها، فلم تعبأ كثيراً بما تعرضت، وهي حتماً لن تأبه اليوم لأبرهة الجديد، كما القديم القادم من اليمن، وبالحملات المضادة التي ينظمها أصحاب الحسابات السياسية المذهبية، أو الطائفية، لخدمة أجندات دول معادية هدفها الفتنة وشق صفوف المسلمين.

أبابيل العصر
ما كان لقوى الشر أن تؤثر في مكة المكرمة، ومن ورائها السعودية، ليس فقط لأنها دولة يسهر أهلها حُكاماً، ورعايا، ونخباً، على حمايتها على النحو الذي رأيناه في تصدي للصاروخين البالستيين اللذين أطلقهما الحوثيون على جدة والطائف، بل لأنها محمية إلهياً منذ أيام" أبرهة الحبشي" إلى يومنا هذا، وحين يخيل لقوى الشر أنها قادرة على المساس بها تحولت مؤامراتها من جديد، إلى عصف وعهن منفوش، فلكل زمان في المواجهة طيوره الأبابيل، لرد المعتدين ودحرهم.

مكة قوية اليوم، كما كانت على مر تاريخها، باحتضان الذين يحجون أو يعتمرون والقادمين إلى بيتها العتيق من كل فج عميق، وهي أيضاً قوية بما حققته من نجاحات في المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وهي قوية أيضاً بمكانتها وريادتها في العالمين العربي والإسلامي، وهي الوجهة التي يجتمع عندها هذان العالمان في كل شدة وخطب، تماماً كما سيكون الأمر في أواخر الشهر الجاري باستقبال قمم ثلاث، عربية وخليجية، وإسلامية يومي 30 و 31 مايو (أيار)، بعد الاعتداء على محطتي ضخ للنفط في السعودية وعلى أربع سفن قرب سواحل الإمارات، وإطلاق الحوثيين صواريخ على مكة.

تأكيد اليقينيات
وكما أشارت المصادر السعودية، فإن دعوة عاهل السعودية تأتي "حرصاً من خادم الحرمين الشريفين على التشاور والتنسيق مع الدول الشقيقة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية في كل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة"، وهذا كله يأتي على خلفية التصعيد الإيراني، وتحريك طهران لمليشيات الحوثي الموالية لها، لتؤكد السعودية ومن ورائها مكة مجدداً أنها الصخرة التي تتحطم عليها المؤامرات وينكسر عندها أعداء الخارج والداخل.