الأربعاء 22 مايو 2019 / 13:45

شواهد عن التسامح... الصفح الجميل أعلى مراتب الأخلاق

بالتعاون مع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الإماراتية، يستعرض موقع 24 على مدار شهر رمضان المبارك شواهد عن التسامح في الدين الإسلامي، عبر تسليط الضوء على مواقف من دين اليسر والمحبة تجسد قبول الآخر واحترامه، والمساواة بين الجميع، ونشر الوئام والسلام لمحاربة الكراهية والتطرف وازدراء الأديان.

وتتضمن الحلقات مواقف تزخر بالتسامح والمحبة والتعايش بين مختلف الأديان والمشارب والمذاهب، مستمدة من القرآن الكريم والسنة، وكيف جسدت الإمارات هذه القيم واقعاً حقيقياً بتكريس التسامح نهج حياة على أرضها وبين جميع قاطنيها لأن المحبة والتعايش واحترام الآخر هي صمام أمان لحماية الأوطان.

كثيراً ما يؤم المرء في البحث عن جمال الأشكال والمظاهر والصور، ويذهل عن منبع آخر للجمال وهو القيم والفضائل والشمائل، التي تعد من أهم القواسم المشتركة بين بني البشر، وخاصة أن جمال الأخلاق هو الجمال الحقيقي الذي تنتفي معه كل صور القبح والبشاعة والأذى، وتحضر معه الفضيلة والروعة والنقاء.

الجمال في القرآن
والجمال هو البهاء ومنتهى الحسن، والتسامح الجميل هو قمة التسامح وغايته، وينال الإنسان هذه المرتبة بالتحلي بقيمة الجمال في نفسه وأفعاله وأقواله وعلاقاته مع الآخرين، ولهذا وردت مادة الجمال في القرآن خمس مرات، واحدة منها فقط وَصف لمحسوس، والأربعة الباقية في وصف الأخلاق، وذلك هو الجمال المعنوي الممتد غير المحدود، الذي إذا اتصف به الإنسان فَاض على كل أفراد المجتمع وعمهم ونال منه كل شخص حظه ونصيبه، وهذا ما أكده القرآن الكريم وحض عليه في قوله تعالى: {فَاصبر صبراً جميلاً}، وقوله تعالى: {فَاصفح الصفح الجميل}، وقوله تعالى: {واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلاً}.

ثلاث قيم
هذه ثلاث قيم وفضائل أخلاقية حث القرآن الكريم عليها: (الصبر والصفح والهجر الجميل)، وهي من الشيم المؤسسة لقيمة التسامح، وهي منازل ومراتب تكوين التسامح الذي ينبثق من الصبر والتحمل، وليس كل صبر يحقق التسامح المثالي، فكان التوجيه القرآني بأن يكون هذا الصبر جميلاً لا يعكر صفوه الشكوى والمن والاستياء والتألم، والاتصاف بالصبر الجميل يؤدي تلقائياً إلى التسامح الذي من أخلاقه: الصفح والعفو المأمور به في الآية الأخرى، شريطة أن يكون هذا الصفح جميلاً ناشئاً عن الرضا لا معاتبة فيه ولا توبيخ ولا تأنيب.

وقاية المجتمع
وهذه الآية فيها الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالصفح الجميل عمن آذاه من غير المسلمين، فالتسامح صفاء، ونقاء الباطنِ والظاهرِ تجاه جميع المخلوقات، ولأن صفاء الباطن في التسامح آكد، كان التوجيه الرباني بأن يكون جميلاً حتى في أسوأ الظروف التي قد يكون فيها الإيذاء، ولهذا كان ثالث الأثافي والقيم المؤسسة لجماليات التسامح في تدبير العلاقات مع الآخر إذا تعرضت للتكدير، فأقل المراتب حينئذ هو الهجر الجميل، والمراد به المعاشرة الحسنة ومدراة في الظاهر ، وإعراض بلا جفاء، وتقييم للعلاقة بلا صد، وإعادة النظر بلا أذى، فالهجر الجميل في النهاية من أهم درجات التسامح في القرآن، لأنه تعامل باللطف واللين لا يفضي إلى التنازع والخلاف ويقي المجتمع من الانشقاق.

أثر المتسامح
إن قيمة الجمال تضفي على التسامح روعة وقبولاً، فالجمال محبوب لذاته، وإذا كانت لمساته وأخلاقياته تحدق بالتسامح وأصبحت جبلة لسلوك الإنسان المتسامح كان التسامح في أعلى مظاهره وأبهى تجلياته، جميلاً في ذاته، جميلاً في قيمه، جميلاً في أثره على العلاقات الشخصية وعلى المجتمع المتواد المتحاب المتراحم.

نقاء الباطن
وعلى هذا فالتسامح في مقصده الجمالي يتجاوز مفهومه: احترام الآخرين والإيمان بالاختلاف والتنوع، إلى الحض على ممارسة جمالياته، حتى لا يقع التسامح إلا جميلاً لا كدر فيه ولا عوج ولا تعسف، وتلك منزلة عالية في التسامح أساسها نقاء الباطن وصفاؤه.