حاجز عسكري عراقي عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد (أرشيف)
حاجز عسكري عراقي عند أحد مداخل المنطقة الخضراء في بغداد (أرشيف)
الأربعاء 22 مايو 2019 / 23:47

العراق بين أمريكا وإيران.. وساطة فاعلة أم نأي بالنفس

24- إعداد: نيفين الحديدي

تعكس مبادرة العراق إلى قيادة جهود وساطة لتهدئة التوتر المتصاعد بين أمريكا وإيران، مأزق حكومة بغداد التي تخشى أن تتحول أراضيها إلى ساحة حرب بين البلدين، في وجود العديد من الميليشيات والفصائل التابعة لإيران على أراضيها، والمستعدة لتنفيذ هجمات ضد مصالح الولايات المتحدة.

وتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، إثر إرسال واشنطن قوات إضافية إلى الشرق الأوسط، للتصدي لما قالت إنها "مؤشرات واضحة" على تهديد لقواتها من إيران. كما أمرت إدارة ترامب الطاقم الدبلوماسي الأمريكي غير الأساسي بمغادرة العراق، بسبب تهديدات من مجموعات عراقية مسلحة مدعومة من طهران.

وأعلن موظف بارز في السفارة الأمريكية ببغداد، أن معلومات تفيد بوجود أربعة فصائل مسلحة، تخطط لأعمال عدائية ضد المصالح الأمريكية في العراق والمنطقة. 

ونُقل عن مسؤولي السفارة، تأكيدهم أن "الميليشيات التي تهدد الاستقرار الأمني العراقي، وتهدد المصالح الدولية الأمريكية هي خارج سلطة الدولة، وتابعة لإيران، ولا سلطة للحكومة العراقية عليها".

وتخشى الحكومة العراقية، أن تنفذ تنظيمات وميليشيات تابعة لإيران هجمات على مصالح الولايات المتحدة، إذا تلقت الإشارة من إيران، على غرار الصاروخ الذي سقط على المنطقة الخضراء قرب السفارة الأمريكية، في ظل عجزها عن الدخول في صراع ضد الميليشيات، وفق مراقبين.

وكان رئيس الوزراء العراقي عبد المهدي، قال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أمس ، إن العراق "سيرسل قريباً جداً وفوداً إلى طهران وواشنطن، من أجل دفع الأمور للتهدئة، لما فيه مصلحة العراق، وشعبه أولاً، والمنطقة بشكل عام".

وأضاف رئيس الوزراء العراقي، أن هناك رسائل عراقية الطرفين بضرورة التهدئة، و"عدم فسح المجال لأطراف أخرى لتأجيج الموقف والسير نحو الحرب"، وشدد على أن العراق ليس مخيراً في مسألة النأي بالنفس، "ولا نسمح بأن تكون أرض العراق ساحة حرب أو منطلقاً لها ضد أي دولة".

تحركات داخلية
وذكر مسؤولون في مكتب الرئيس العراقي برهم صالح، إنه تواصل مع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، لـ"فتح قناة تواصل فعالة بين واشنطن وطهران، منعاً لانزلاق الأوضاع نحو هاوية الحرب"، وفق موقع "إندبندنت" العربية.

كما استضاف الرئيس العراقي برهم صالح، في مقر إقامته ببغداد، سلسلة اجتماعات غير معلنة، شارك فيها كبار المسؤولين السياسيين ورؤساء الأحزاب وقيادات في ميليشيات مسلحة، شهدت عرض مبادئ عامة تقود إلى توقيع ميثاق شرف بين القوى العراقية، يمنع الانخراط في الصراع بين الولايات المتحدة وإيران.

ورغم أن قيادات سياسية عراقية في بغداد، وفق صحيفة العرب، أقرت بـ"استحالة إلزام قادة الميليشيات بأي مواثيق شرف، في إطار الصراع الأمريكي الإيراني"، إلا أن "رئيسا الحكومة والجمهورية ملتزمان بالعمل على تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين حتى آخر لحظة، تجنباً لحرب قد تندلع على أرض العراق".

وميدانياً شوهدت أرتال عراقية عسكرية، في محيط السفارة الأمريكية ببغداد، فيما ذكرت مصادر، أن قيادة التحالف الدولي ضد داعش، منعت أعضاءها من مغادرة مقرها "معسكر الاتحاد" في المنطقة الخضراء، وفق "إنبدندنت" عربية.

ووفق مصادر، في السفارة الأمريكية، فإن دواعي هذه الإجراءات المشددة في محيط مقار البعثات الدبلوماسية والعسكرية الأجنبية، معلومات من مصادر متنوعة، بعضها استخباراتي عراقي، "يحذر من أعمال عدائية وشيكة يخطط لها وكلاء إيران". 

وساطة دولية
أما على المستوى الخارجي، فيسعى رئيس الوزراء العراقي لتكريس جهود الوساطة الدولية بإشراك دول أخرى فيها على غرار الكويت، وقطر، فيما يستبعد مراقبون أن يحظى هذا النوع من الحراك باهتمام الأطراف المتنازعة.

وقلل مراقبون من دور يمكن أن تلعبه بغداد في مثل هذه الوساطة، خاصة أن أطرافاً في الإدارة الأمريكية تعتقد أن العراق جزء من المشكلة الإيرانية، ولا يمكن أن يكون طرفاً فيها، ما يضع جهوده للوساطة في موضع شك.ً

ويبدو أن بغداد تبحث عن مخرج من الأزمة، أكثر من سعيها للعب دور الوسيط بين طرفين يتحكمان في مواقفها السياسية.

مصالح اقتصادية
كما يتجلى مأزق الحكومة العراقية في ارتباطها بمصالح اقتصادية مع إيران، في المقابل تجد طهران في العراق منفذاً للالتفاف على العقوبات الأمريكية عليها. فيما يضغط الجانب الأمريكي على العراق لتحييد إيران في المنطقة، وتطبيق العقوبات المفروضة على طهران.

ورغم أن العراق، الدولة الوحيدة المستثناة من العقوبات الأمريكية النفطية على إيران، إلا أن الولايات المتحدة قررت في 2 مايو(أيار الحالي)، إنهاء كافة الإعفاءات الممنوحة لبعض الدول لاستيراد النفط الإيراني، في إطار تشديد العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي.

ولا شك أن وجود الأذرع العسكرية لعشرات الأحزاب والتنظيمات والمليشيات التابعة لإيران وتهديدها الصريح لأمريكا، يضع العراق في حسابات الربح والخسارة لدى الطرفين.

وفي ظل حكومة عراقية تعاني التشتت، وهيمنة الاستقطابات الطائفية والعرقية، سيكون العراق مسرحاً مفتوحاً لصراع الآخرين، وإذا انتصر أي طرف في هذه الحرب المدمرة، فلن يقبض العراق سوى المزيد من الخراب والتدمير.