تركي يعلق صوراً للرئيس رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
تركي يعلق صوراً للرئيس رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الخميس 23 مايو 2019 / 16:23

ماضي تركيا وحاضرها المظلم.. في إصدار جديد

في نهاية شهر أبريل (نيسان)، وخلال إحياء الذكرى السنوية للمذبحة الأرمنية، كرر أعضاء في الكنيست الإسرائيلي مطالبتهم باعتراف رسمي بمذبحة نفذتها ثلاث حكومات تركية متعاقبة، في بداية القرن الماضي.

مؤرخان أجريا بحثاً علمياً وقدما أدلة دامغة تثبت تنفيذ تركيا حملة دموية استمرت لمدة 30 عاماً

ونقل يوكانان فيسر، صحفي إسرائيلي مستقل، عن يائير لابيد، زعيم مشارك لتحالف "أزرق وأبيض" ثاني أكبر حزب سياسي في إسرائيل قوله: "آن الأوان كي تعترف إسرائيل بمذبحة الشعب الأرمني، وأن تكف عن الرضوخ للضغط التركي".
وكتب على تويتر: "نحمل على عاتقنا مسؤولية أخلاقية وتاريخية لكي نتذكر المذبحة، ولندعم حركة ِ"لا من جديد". وينطبق ذلك على جميع الدول".

وأشار فيسر، في صحيفة "إسرائيل اليوم"، لامتناع إسرائيل، حتى هذا اليوم، عن الاعتراف رسمياً بالمذبحة الأرمنية خشية استعداء الحكومة التركية، رغم تصويت أجرته اللجنة الثقافية في جلسة للكنيست، في أغسطس(آب) 2016، يدعو لاعتراف رسمي إسرائيلي بالمجزرة.

إنكار قوي
ويلفت كاتب المقال لإنكار الزعيم التركي الحالي رجب طيب أردوغان بشدة الادعاء الأرمني بشأن المذبحة، والتي شملت عمليات قتل جماعي وترحيل قسري لقرابة مليوني مسيحي من قبل الأتراك العثمانيين، وسواهم من المسلمين خلال مدة ثلاثين عاماً( 1894 – 1924 ).

ويقول الكاتب إن طاغية تركيا ينتقد بصورة روتينية زعماء حكومات أجنبية يتجرؤون على الكشف عن حقيقة ماضي تركيا الأسود، وفي نهاية أبريل(نيسان) انتقد بشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسبب اعترافه بالمجزرة الأرمنية. ويشير لانضمام فرنسا، في عام 2001، إلى حكومات 30 دولة أخرى في الاعتراف بالمسؤولية التركية عن إبادة وسواها من فظائع لحقت بمسيحيين. ومؤخراً، قرر ماكرون تخصيص "يوم وطني لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية بحق الأرمن".

وقال أردوغان أمام حشد من أنصاره إنه على ماكرون "أن يكون صادقاً في سياساته"، وزعم أن فرنسا ارتكبت "مجازر" خلال الحقبة الاستعمارية. وأَضاف محذراً: "سيد ماكرون، لن ينقذك إيصال رسالة إلى 700.000 أرمني يقيمون في فرنسا".

أدلة دامغة
ويشير كاتب المقال لخلاف بدأ منذ عقود بشأن هذا الجزء من تاريخ تركيا المظلم. ولكن مؤرخين إسرائيليين أجريا بحثاً علمياً وقدما أدلة دامغة تثبت تنفيذ تركيا حملة دموية استمرت لمدة 30 عاماً، وتسببت بشبه انقراض تلك الطائفة المسيحية في البلاد.

ونشر البروفسور بيني موريس وزميله البروفوسور درور زائيفي، من جامعة بن غوريون في صحراء النقب، كتابهما الجديد: "حرب إبادة طيلة ثلاثين عاماً: تدمير تركيا لأقلياتها المسيحية 1924-1894 ".

وقدم موريس وزائيفي في كتابهما دليلاً على أن حرب الإبادة الفعلية التي تمت في عامي 2015 و 1916، كانت جزءاً من "فترة استئصال أطول استمرت نحو 30 عاماً".

خلاصة
وحسب كاتب المقال: "بحث العالمان عبر مواد أرشيفية تركية وأمريكية وبريطانية وفرنسية، فضلاً عن بعض المواد اليونانية ووثائق من وزارتي الخارجية الألمانية والنمساوية – المجرية، وخرجا بنتيجة أن المسيحيين الأرمن ذكروا الحقيقة عندما زعموا أن الأتراك قتلوا قرابة نصف أجدادهم وطردوا الباقين".

وحسب الأستاذين في جامعة بن غوريون، تتحمل ثلاث حكومات تركية، منها حكومة أتاتورك، مسؤولية طرد ما بين 1.2 إلى 2 مليون مسيحي هرب معظمهم إلى اليونان.

ولا يصدق موريس وزائيفي مزاعم أردوغان بأن المسيحيين قضوا نتيجة "ظروف قاسية خلال الحرب العالمية الأولى".
وأشار الكاتبان إلى أنه إلى جانب عمليات قتل جماعي، اغتصبت آلاف المسيحيات، واختطفن وأجبرن على التحول إلى الإسلام.
كما تم بيع من اختطفن في أسواق بعيدة مثل حلب ودمشق وبغداد، كما فعل مؤخراً تنظيم داعش.

صمت
وكتب موريس وزائيفي في ختام مقالة نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، يوم الجمعة الماضي: "اعترف الشعب والحكومة الألمانية منذ وقت طويل بفظائع الرايخ الثالث، وقدموا تعويضات مالية، وعبروا عن بالغ ندمهم وتبرؤوا من النازية. ولكن جميع الحكومات التركية واصلت منذ عام 1924، إلى جانب معظم الأتراك، إنكار التاريخ المؤلم الذي كشفنا عنه".
  
والتزمت حكومة أردوغان الصمت بعد نشر كتاب موريس وزائيفي، وتواصل انتقاد إسرائيل بشأن تعاملها مع فلسطينيين يهاجمون مناطق سكنية إسرائيلية بصواريخهم وبالوناتهم الحارقة.

وفي الآونة الأخيرة، وصف الطاغية التركي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه "ظالم يستمتع بإرهاب الدولة".
وحسب الكاتب، يقول منتقدو أردوغان بأنه أعاد تركيا "إلى بداياتها" وحول البلاد إلى" ديكتاتورية تحفل بفرق الموت والرعب".