تشييع مقاتلين من حزب الله قتلوا في سوريا (أرشيف)
تشييع مقاتلين من حزب الله قتلوا في سوريا (أرشيف)
الخميس 23 مايو 2019 / 18:10

تقرير يكشف خطط "حزب الله" في التقشف والالتفاف على العقوبات

كتب الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو في صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية عن القيود الأمريكية المفروضة على المصرف المركزي في لبنان لمنع التحويلات المصرفية الإيرانية إلى حزب الله، التي انخفضت إلى النصف بفعل العقوبات الأميركية الأخيرة.

شمل تخفيض الأجور المدفوعة لجنود حزب الله (بين 600 دولار و1200 دولار)، العائدين من سوريا بنسبة 50 في المائة

وأورد الصحافي معلومات مفصلة عن محاولة الحزب التحايل على العقوبات الأمريكية عبر مكاتب الصيرفة واعتماد أموال نقدية من مناصريه ومؤسسات تجارية تدعمه.

وقال إن إيران عمدت نتيجة العقوبات الأمريكية إلى خفض تحويلاتها إلى الميليشيا الشيعية اللبنانية إلى النصف، مما أدى إلى خفض رواتب عناصر حزب الله.

قطاع الإعلام
وأفاد أحد العاملين في قطاع الإعلام التابع لحزب الله، عن تخفيضات في الرواتب بمقدار الثلثين، وأن المصارف اللبنانية، باتت، تحت ضغوط أميركية شديدة، ترفض القبول بتحويلات نقدية. وكرر أن الوضع بات صعباً... و"هناك أموال أقل بكثير، لأن إيران تعطي حزب الله أقل. كانت الأموال سابقاً تتدفق بكثرة، حتى بالنسبة لموظفي وسائل الإعلام، مثلي. أما الآن فالوضع مختلف، ولست الشخص الوحيد الذي يعاني، فقد سرّحت قناة المنار (التابعة لحزب الله) ثلاثين شخصًا. كما اضطر حزب الله حتى إلى خفض التعويضات المدفوعة لعائلات ضحاياه".

إلى ذلك، أفاد التقرير أن العقوبات الشديدة التي فرضها دونالد ترامب قبل عام على إيران، التي تصدر أكثر من 500 ألف برميل من النفط يوميًا، أضرت بعلاقات إيران في الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، نقل التقرير عن دبلوماسي مطلع أنه "حتى حزب الله، الأكثر استفادة من علاقاته مع إيران، لحقت به تدابير التقشّف، ولم يعد يتمتع بميزات كما كان من قبل"، موضحاً أنه قبل ستة أشهر، كانت التحويلات النقدية من طهران إلى مطار بيروت على متن الخطوط الجوية الإيرانية تقدر بما بين 70 و80 مليون دولار شهريًا، وفقًا لتقديرات الولايات المتحدة وفرنسا، لكن تلك المدفوعات انخفضت حالياً إلى نحو النصف أو 40 مليون دولار فقط، بحسب ما أكد مصدر فرنسي مطلع.

فالميليشيا الشيعية اللبنانية باتت تعيش اليوم على "الخبز الجاف"، مجبرة على اتخاذ تدابير التقشف. وشمل تخفيض الأجور المدفوعة لجنود حزب الله (بين 600 دولار و1200 دولار)، العائدين من سوريا بنسبة 50 في المائة، حتى رواتب العناصر المتفرّغة كليا للقتال ستُخفّض.

  الماس
إلى ذلك، وفي معرض شرحه للخطوات الأميركية الرامية إلى تجفيف منابع حزب الله وإيران على السواء، أكد التقرير أن مراقبة التحويلات المصرفية من قبل أمريكا باتت تطاول كل شاردة وواردة، حتى إنها باتت تطال بشكل صارم تجار الماس اللبنانيين في أنتويرب، وخصوصا من المغتربين الشيعة الأفارقة، وكذلك مواقع لجمع التبرعات، التي تقع في معقله جنوب لبنان.
وثمة حملة لتعقب ممولي الحزب حول العالم، مشيراً إلى القبض على اثنين من الجهات المانحة في الباراغواي.

تاج الدين

ولعل آخر "الضحايا" هو، قاسم تاج الدين، المطلوب من قبل الولايات المتحدة منذ عام 2010 ، على رأس العديد من الاستثمارات في أفريقيا ، والذي تم اعتقاله في عام 2017 في مطار الدار البيضاء، ثم تم تسليمه للخدمات الأميركية، التي احتجزته منذ ذلك الحين.
ونقل التقرير الفرنسي عن دبلوماسي مطلع على ملف تاج الدين قوله: "كان سيقضي وقتًا سيئًا، لو لم يكشف عن الشبكات المالية لحزب الله". وفي هذا السياق، قال أحد المتعاطفين مع حزب الله من بيروت إنه منذ إلقاء القبض على تاج الدين "لم يعد أي مدير مالي لحزب الله يخرج من لبنان".

مصارف لبنان
إلى ذلك، تطرق التقرير إلى القيود على المصارف اللبنانية، مؤكداً أن واشنطن شددت القيود المفروضة عليها لرفض أي أموال أو زبون له علاقة بالحزب. وفي هذا السياق، أكد مصرفي كبير طلب عدم الكشف عن هويته أن الأمر "جدي جدًا، فقد أغلق أحد البنوك حسابات محام مسيحي ماروني لأنه تقاضى بدلات أتعابه من حزب الله بعدما دافع عن مقاتلي حزب الله أمام إحدى المحاكم. كذلك تمّ إقفال حساب مصرفي لطبيب أخصائي أمراض قلب ليس شيعياً أيضاً، لكنه يعمل" في مستشفى الرسول في الضاحية الجنوبية لبيروت، التابعة للحزب.

المصرف المركزي 
و في ظل هذا الوضع الضاغط على المصارف اللبنانية، وجد محافظ البنك المركزي اللبناني رياض سلامة نفسه في عين العاصفة، فقبل بضعة أعوام، اشتبهت مذكرة صادرة عن أجهزة الاستخبارات الفرنسية، والتي تمكنت "لو فيغارو من الوصول إليها، في قيام مصرف البنك اللبناني الكندي "بالمشاركة في تمويل حزب الله". وبعد إغلاقه بتهمة غسل أموال حزب الله في عام 2011، داهم عملاء أمريكيون البنك المركزي في وقت مبكر، مطالبين بإغلاق أكثر من مائتي حساب مشبوه.

وتعليقاً على تلك المعلومات، قالت مصادر مطلعة: "طالب الأميركيون بوجود ممثلين لهم في لجنة مكافحة غسل الأموال البنك المركزي، كذلك وُضعت خوادم كمبيوتر مرتبطة بالولايات المتحدة، وفرضوا وجود شخص مسؤول في كل فرع مصرفي للتحقق من مصدر تحويل الأموال".

"ضريبة الثورة"
وختم التقرير بأن حزب الله يواجه هذا الخنق، بتشديد سيطرته على نقاط دخول البضائع المستوردة في ميناء ومطار بيروت.
كما سعى إلى زيادة المساهمات والتبرعات، سواء من الأفراد - من خلال ما يُعرف بـ"ضريبة الثورة" – أو من خلال تبرعات شركات تجارية له، مثل محطات المحروقات الأمانة، في الجنوب، مع عائدات نقدية للتهرّب من الضوابط الأميركية، دون المحاسبة.
وكشف ديبلومسي أن " حزب الله قد اجتماعاً استراتيجياً في الخريف الفائت قرر بموجبه استثمار المزيد من إمكاناته في أجهزة الدولة لتلبية مطالب مناصريه".