شعار شركة هواوي الصينية (أرشيف)
شعار شركة هواوي الصينية (أرشيف)
الخميس 23 مايو 2019 / 17:35

هواوي.. خلاف عابر أم حرب حقيقية بين عملاقين

تعيش شركة هواوي، أكبر مُصنع لمعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية، وثاني أكبر مُصنع للهواتف الذكية في العالم "فترة سوداء" بعد مقاطعتها من الشركات الأمريكية وأيضاً البريطانية استجابة لإدارة ترامب الذي يتخوف من هيمنة الصين على تقنيات الجيل الخامس، وسط تباطؤ الولايات المتحدة في هذا المجال، وهذا التوتر الراهن قد يكون شرارة الحرب التكنولوجية الباردة بين المارد الصيني والقوة الأمريكية العظمى.

فتقنيات الجيل الخامس لا تقتصر على تقديم سرعة خارقة للاتصال بالإنترنت، بل ستُغير قواعد اللعبة في قطاع الاتصالات ومفهوم "إنترنت الأشياء" والأجهزة المتصلة به.

وتعتبر شركة هواوي حتى الآن الرائدة في هذا الصدد بفضل قدرتها على تركيب تجهيزات شبكات الجيل الخامس بكلفة تنافسية، يقابلها عدد قليل جداً من الشركات التي تؤدي الدور نفسه، إذ يعتمد نحو 200 مُشغل لشبكات الجيل الرابع في أوروبا على تجهيزات هواوي الشركة التي توظف نحو 80 ألف شخص فقط في قسم البحث والتطوير، إضافةً إلى امتلاكها العدد الأكبر من براءات الاختراع المتعلقة بشبكات الجيل الخامس.

ويعود قلق وخوف الولايات المتحدة وحلفائها إلى العجز عن كبح جماح شركة هواوي، إذا ترك لها المجال لنشر تجهيزات الجيل الخامس في أمريكا وعدد من دول العالم، ما ينطوي على خطر أمني واقتصادي غير مسبوق، خاصةً إذا تزامن ذلك مع صدام بين الصين ودولة أخرى، إذ تعد هواوي "بوابة" الصين لتعزيز سلطتها وهيمنته في أنحاء العالم.

ومما لا شك فيه أن هواوي لن تكون الخاسر الأكبر في هذه الحرب، وستتأثر بها أيضاً الشركات الأمريكية المعتمدة في إيراداتها على تعاملاتها مع الصين، خاصةً أبل، فنحو 20% من إيرادات العملاق الأمريكي متأتية من الصين العظمى، وما قد يغفل عنه البعض أن الصين تسيطر على 85% من المعادن الأرضية النادرة، التي تدخل في صناعة الإلكترونيات بمختلف أنواعها وأشكالها.

ويبدو أن شركة هواوي فكرت في تحصين نفسها منذ اندلاع الأزمة في 2012 عندما أعلنت لجنة الكونغرس الأمريكية أن هواوي و"ZTE" تشكلان تهديداً للأمن القومي في الولايات المتحدة، وإلغاء صفقة هواوي لتوزيع الهواتف الذكية في أمريكا عبر شركة الاتصالات "إيه تي آند تي" في 2018، فدشنت نظام تشغيل ومتجر تطبيقات خاصين بها، صممتهما ليكونا بديلين يمكن الاعتماد عليهما، إذا تدهور التوتر الصيني الأمريكي.

ولكن المسألة أكبر من مجرد حظر على شركة، فبعد هواوي والشركات لـ68 التابعة لها، تدرس الولايات المتحدة فرض عقوبات على شركات صينية أخرى، والهدف من ذلك وقف وصول التكنولوجيا الأمريكية إلى شركات صينية، والحد من النفوذ الصيني في قطاع التكنولوجيا الحديثة الذي تتخذه بيكين مدخلاً لتحقيق التفوق الجيوسياسي.