الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس القبارصة الأتراك مصطفى أكينجي (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس القبارصة الأتراك مصطفى أكينجي (أرشيف)
الجمعة 24 مايو 2019 / 16:13

تركيا تلعب بالنار في قبرص

لم يكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضعيفاً في بلده، أو عدوانياً مع جيرانه في البحر المتوسط، كما هو اليوم. إنه رأي خلص إليه، وعرضه في موقع "فورين بوليسي"، يانيس بابولياس، صحفي استقصائي، ومؤلف كتاب "الفجر الذهبي"، الذي سيصدر قريباً، ومشارك في تأسيس مشروع أوروبا غير آمنة.

لأوروبا دور هام وأساسي في منع وقوع صراع بين تركيا واليونان

وبرأي بابولياس، عندما أعلن، في 12 مايو( أيار) بيرات ألبيرق، وزير المالية التركي، وصهر الرئيس أردوغان، عن عزم بلاده إرسال سفينة حفر لاستغلال موارد الغاز الطبيعي في منطقة تعتبر ملكية قبرصية، كان من الممكن وصف الحادث بأنه مجرد انفجار غير مؤذ ضمن نزاعات إقليمية امتدت لعقود في شرق المتوسط. ولطالما شكل تأجيج توترات بشكل دوري مع اليونان وقبرص جزءاً من السياسة الخارجية التركية.

تصعيد مواجهة
ولكن التصعيد هذه المرة أكثر خطورة، حسب كاتب المقال، لأن هناك مؤشرات عن استعداد تركيا لمواجهة تتجاوز مجرد مهاترات. فقد جاء إعلان البيرق عشية تنفيذ تركيا تمارين الذئب البحري، أكبر مناوراتها البحرية السنوية في بحري إيجه وشرق المتوسط. وفي 15 مايو( أيار) كرر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عزم بلاده على شراء منظومة الصواريخ الروسية S-400. وخلال تلك المدة، دأبت مقاتلات تركية على خرق الأجواء اليونانية بشكل شبه يومي.

ويلفت الكاتب إلى أن صفقة شراء S-400 مصدر توتر بذاتها. ويعزى ذلك لاعتقاد الولايات المتحدة والناتو أنه حال إدخال ذلك النظام الصاروخي إلى شبكة الرادار التركية، سوف يسمح لأنظمة روسية بالحصول على بيانات حساسة من الناتو، مع احتمال أن يسهل على موسكو، مثلاً، كشف مقاتلات F-35 التي كانت تركيا تتطلع لشرائها من الغرب. وتزعم تركيا بأن تلك مخاوف مبالغ فيها، لكن ذلك لم يمنع واشنطن من تهديد أنقره باستبعادها من برنامج شراء طائرات F-35، وعقوبات أخرى.

علاقة شائكة

ورغم ذلك، يقول الكاتب إنه يمكن النظر إلى كل ذلك باعتباره جزءاً من علاقة شائكة بين تركيا والغرب بدأت عقب احتجاجات حديقة جيزي وتصعيد الحرب في سوريا، عندما بدأ أردوغان يعزز سلطته في تركيا قبل ست سنوات. ولكن يبدو واضحاً أن انتخابات بلدية اسطنبول الأخيرة، التي هزم فيها أردوغان في ما يعتبره معقل سلطته، أفزعت الرجل القوي الذي لم يكن يتزعزع، ما جعله يتجاوز حدوده، ويفرض إعادة الانتخابات. ولكن يبدو أن الانتخابات ستأتي بنتائج عكسية، في ظل سحب أحزاب المعارضة مرشحيها من أجل دعم أكرم إمام أوغلو مرشح الحزب الجمهوري، الذي فاز في الجولة الأولى.

ووفقاً للكاتب، يأتي كل ذلك وسط راجع اقتصادي انعكس على سعر الليرة التركية، وأثار تذمراً حيال أردوغان من داخل حزبه. كما لم يعزز مكانته في بلاده الاستقبال البارد الذي لقيه عند زيارته في العام الماضي لشمال قبرص المؤيد لتركيا.

تطورات
وحسب الكاتب، يبدو أن أردوغان لم يكن مستعداً لتلك التطورات. ولربما يستفيد الأتراك في نهاية الأمر من الضعف المفاجئ لطاغيتهم، ولكن بقدر ما تمضي إليه السياسات الدولية، تكون آثارها أكثر غموضاً. ويوحي التاريخ بأنه حينما يبدأ زعماء فقدان قبضتهم على السلطة، يصبح عندهم دوافع لاستعراض القوة وتوحيد قاعدتهم خلف تهديد خارجي وشيك. ولدى أدوغان كل ما يدفعه لخلق عداوات مع اليونان- عدو تركيا التقليدي وحليف قبرص- من أجل تشتيت الأنظار عن مشاكله الداخلية.

ويرى الكاتب أن لأوروبا دوراً هاماً في منع وقوع صراع بين تركيا واليونان. وقد عبرت فيديريكا موغيرني، وزير خارجية الاتحاد الأوروبي عن" "قلق كبير" حيال الخطط التركية. وقالت الأسبوع الماضي: "ندعو تركيا بشكل عاجل إلى ضبط النفس، واحترام سيادة قبرص في منطقتها الاقتصادية الخالصة، والامتناع عن مثل ذلك العمل غير القانوني، وحيث سيصدر رد مناسب عن الاتحاد الأوروبي تضامناً مع قبرص".

مخاطر جيوسياسية
وبرأي كاتب المقال، هناك مخاطر جيوسياسية أوسع نطاقاً بالنسبة لأوروباً. وفي حال حصول تصعيد، بما فيه صراع عسكري، فقد يقود التهاون في الوقوف بجانب حليفين، قبرص واليونان، لإلغاء خيارات اتخذها البلدان من أجل تعزيز علاقاتهما بالغرب، ويطرح مزيداً من الشكوك بشأن فعالية حلف الناتو.