مسلحون عراقيون (أرشيف)
مسلحون عراقيون (أرشيف)
الجمعة 24 مايو 2019 / 17:49

في ظل الضغوط على طهران.. بوادر تمرد وكلاء إيران في العراق

شادية سرحان-أبوظبي

تنتهج الحكومة العراقية سياسة معلنة وواضحة لإبعاد البلاد عن شبح الحرب المحتملة بين أمريكا وإيران، إلا أن الحكومة تصطدم بواقع وجود جهات متنفذة في مراكز القرار ومؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والتشريعية تصطف إلى جانب سياسة نظام الملالي ضد الولايات المتحدة، وتعلن تمردها على النظام في العراق.

وبحسب مصادر لصحيفة "عكاظ" السعودية فقد تعهد وكلاء إيران في العراق بضرب المصالح والمعسكرات الأمريكية حال تعرض إيران أو مصالحها لأي هجمات أمريكية، وذلك في أول رد علني على اجتماع رئيسي الجمهورية برهم صالح والوزراء عادل عبدالمهدي مع قيادات الحشد الشعبي والذي تم فيه التحذير من التصرف خارج إطار الدولة، وهو الاجتماع الذي عقد قبل أيام وعبر فيه رئيس الوزراء عن خشيته من خطورة الوضع جراء الأزمة بين إيران والولايات المتحدة.

ومن المعلوم أن العراق يعتبر ساحة خلفية لإيران، بسبب انتشار النفوذ الإيراني، والذي يتجسد في الميليشيات والفصائل المسلحة المرتبطة بإيران مادياً وأيديولوجياً والتي تؤكد جاهزيتها لمهاجمة القوات الامريكية في حال وجود تهديد على مصالح إيران أو نية للهجوم عليها، مثل كتائب "حزب الله" و "عصائب اهل الحق" و"حركة النجباء"، حيث تمتلك هذه الميليشيات تاريخاً من العمليات الإرهابية وسبق أن تم تصنيفها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على قائمة الإرهاب بسبب نشاطاتها وعلاقتها مع الحرس الثوري الإيراني.

وأكدت تلك المصادر أن "عبد المهدي أبلغ قيادات الحشد الشعبي بضرورة الحياد وعدم الوقوف مع محور دون آخر، فضلاً عن عدم اتخاذ أي موقف سياسي أو عسكري خارج إطار الدولة، كما وحذر فصائل الحشد من التعرض للمصالح الأمريكية ودعاها لعدم اتخاذ موقف خارج موقف الدولة العراقية".

وقال رئيس وزراء العراق لقيادات الحشد: إن "الوضع حساس وخطير ونخشى من انزلاق المنطقة إلى حرب مدمرة وعلينا التعاون وتشجيع جهود الاستقرار ونزع فتيل الحرب"، وأشار عبد المهدي إلى "تطابق وجهات النظر الأوروبية مع العراق حول الأزمة بين إيران وأمريكا"، مؤكداً أن "العراق لن يدخل في سياسة المحاور والاصطفافات والإدانات والاتهامات".
ورفضت الفصائل الموالية بالمطلق لإيران، موقف رئيس الوزراء العراقي، معتبرة الدفاع عن إيران ومصالحها مهمة وطنية في الوقت الذي تستعد فيه هذه الفصائل لعقد اجتماع موسع بحضور كتلها في البرلمان لاتخاذ موقف رسمي من التهديدات الأمريكية لإيران وبحث موقف الحكومة العراقية من الأزمة.

ذراع إيران في العراق
وتساند إيران فصائل مسلحة في العراق، حيث اكتسبت هذه الجماعات الشيعية قوة في الفوضى التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، وجرى دمجها العام الماضي في قوات الأمن العراقي مما يبرز دورها الواسع النطاق رغم الوجود الأمريكي.

وأقوى تلك الجماعات، التي دربتها طهران وجهزتها ومولتها، هي عصائب "أهل الحق وكتائب حزب الله وحركة حزب الله النجباء ومنظمة بدر".

ولدى الميليشيات المسلحة مواقع قريبة للغاية من مناطق تمركز القوات الأمريكية ولديها قدرات هائلة في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة.

وفي هذا الشأن، قال السيناتور الأمريكي ماركو روبيو في 8 مايو إن "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" هم من الميليشيات الشيعية المجهزة و المدربة و تقاد من قبل الحرس الثوري الإيراني، وإذا قاموا بمهاجمة موظفينا الأمريكيين او منشآتنا في العراق، فلا ينبغي اعتبار ذلك مختلفاً عن الهجوم المباشر".

وما يعزز القلق الأمريكي من وجود مخاطر حقيقية على المصالح الامريكية في العراق، هو التهديدات المستمرة للميليشيات المرتبطة بإيران، والتي تتوعد باستهداف القواعد والقوات الامريكية في حال نشوب أي صراع في المنطقة.

سيناريوهات
وبحسب وسائل إعلام عراقية، أكدت مصادر مقربة من الفصائل و الميليشيات العراقية المرتبطة بإيران بأن الميليشيات وضعت عدة سيناريوهات لمهاجمة المصالح و القوات الامريكية، وهي تنتظر الأوامر من الحرس الثوري الإيراني لتنفيذ هذه السيناريوهات.

وكشفت المصادر عن نية الميليشيات العراقية لتنفيذ  سيناريوهات منها قصف صاروخي على التجمعات الأمريكية (السفارات، أو مراكز تدريب ، أو القواعد العسكرية). وضع الكمائن ضد القوافل الامريكية المسيرة في مختلف المحافظات العراقية، وتحديداً المحافظات الشمالية والغربية (الغير متوقعة ). وخطف رعايا أمريكيين، في حال تطورت المواجهة بين الطرفين، وخصوصاً أن بعض المحافظات الجنوبية (مثل البصرة) مليئة بالمواطنين الأمريكيين.

إقليم شمال العراق
وتحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري لأكثر من 5200 جندي يتوزعون على 8 قواعد، من بينها قواعد في إقليم شمال العراق من المحتمل ألا تعترض حكومة الإقليم على استخدامها من قبل الأمريكيين ضد إيران.

وتتحسب إيران من استخدام الولايات المتحدة أراضي إقليم شمال العراق، قاعدة حرير العسكرية في أربيل، لشن هجمات على منشآت أو مدن إيرانية أو استهداف القوات الحليفة لها في العراق.

وفي تصريحات أدلى بها قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي حذر فيها بان أراضي إقليم شمال العراق "ستكون تحت رحمة الصواريخ الإيرانية" حال تقديم أي مساعدات لوجستية أو حال استخدام أراضي الإقليم منطلقا لضرب إيران.

اجتماع قادة الحشد مع سليماني
وأكدت مصادر عديدة تواجد الجنرال في الحرس الثوري قاسم سليماني في العراق واجتماعه بقيادات الفصائل والميليشيات الشيعية للتأكد من جاهزية الميليشيات للدفاع عن المصالح الايرانية و مهاجمة المصالح الأمريكية في حال نشوب أي صراع إيراني أمريكي في المنطقة.

كما كشفت صحيفة الغارديان، الأسبوع الماضي، نقلاً عن مصدرين استخباريين، أن قاسم سليماني اجتمع في بغداد بقادة من الحشد الشعبي وطالبهم بـ"الاستعداد للحرب بالوكالة".

وبحسب الصحيفة، قابل سليماني، قائد فيلق القدس، المليشيات في بغداد، قبل 3 أسابيع، نتيجة للضغط الشديد الذي تتعرض له طهران، وبسبب التوتر الحاصل في المنطقة.

ويهدف التحرك الإيراني لتعبئة حلفاء إيران الإقليميين، الأمر الذي أثار مخاوف الولايات المتحدة، بسبب التهديد الذي يمكن أن يطال مصالحها في الشرق الأوسط.

تهديدات من 4 فصائل
وكشف موظف بارز في السفارة الأمريكية ببغداد لموقع "اندبندنت عربية"، أن "معلومات حصلنا عليها من أطراف متعددة، بينها الحكومة العراقية، تفيد بوجود 4 فصائل مسلحة، تخطط لأعمال عدائية ضد مصالحنا في العراق والمنطقة"، مشيراً إلى أن "ردة الفعل الرسمية والشعبية ستضع هذه الفصائل في موقف محرج لأن تدخلها (ضدنا) سيكون بمثابة إعلان رسمي على عدم عراقيتها".

ونقل عن مسؤولي السفارة تأكيدهم أن "الميليشيات التي تهدد الاستقرار الأمني العراقي وتهدد المصالح الدولية الأمريكية هي خارج سلطة الدولة وهي تابعة لإيران ولا سلطة للحكومة العراقية عليها"، لافتاً إلى أن "الحكومة العراقية وعدت بالقضاء على هذه الميليشيات وطردها والسيطرة على سلاحها الثقيل المتمثل بالصواريخ".

ويفضل قادة طهران توجيه وكلائهم في المنطقة لمهاجمة حلفاء الولايات المتحدة الامريكية حتى لا يمنحوا الإدارة الامريكية ذريعة كافية لشن الهجوم على طهران و أهدافها في المنطقة ويمكنهم من عدم تحمل مسؤولية تنفيذها.

المصالح الأمريكية في خطر
وتدرك الولايات المتحدة الامريكية مخاطر وكلاء إيران في المنطقة وخاصة في العراق، هذا ما دفع أمريكا لتصنيف أحد أذرع الحرس الثوري في العراق وهي ميليشيات "النجباء" العراقية الموالية للنظام الإيراني في مارس (آذار)، قبل شهر من تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أجنبية .

وأكد برايان هوك الممثل الخاص لإيران في بروكسل بأنه "قد انتهى عهد تهرب إيران من المسؤولية عن الهجمات، ولا يمكن أن تنظم طهران وتدرب وتجهز الوكلاء ثم تتوقع غض الطرف عما تفعله".

وفي هذا السياق، قال مايكل بيرجنت، وهو باحث في "معهد هدسون"، إن "الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي، متوقعاً أن تضرب إدارة الرئيس دونالد ترمب واحدة من تلك الفصائل التابعة لإيران مثل عصائب أهل الحق أو غيرها من فصائل الحشد الشعبي".

واعتبر بيرجنت أن "الطريق إلى عدم التصعيد يجب أن يمر عبر ضرب أذرع إيران"، مضيفاً أنه "لا يعتقد أن الإدارة قد تقدم على ضرب حزب الله مثلاً في لبنان أو الحوثيين في اليمن لذا فالخيار الأكثر واقعية هو ضرب المليشيات التابعة للحرس الثوري في العراق".

ولا يرغب العراق بأن يكون ميداناً للصراع وإن إيران تدرك أن تحويل العراق إلى ميدان سيجعلها الخاسر الأكبر لأن هذا سيؤجج الصراع مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

الصدر يوضح موقفه
ومن جهته، حذر الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر ، الزج بالعراق في أي حرب بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، رافضاً أن تكون بلاده ساحة صراع بين واشنطن وطهران.

وأكد الصدر أن أي طرف يعمل على توريط العراق في أي مواجهة محتملة بين الولايات المتحدة وإيران سيكون عدوا للشعب العراقي، مشددا على ضرورة تجنيب العراق تداعيات مثل هذه الصراعات في المنطقة.

وقال مراقبون إن "التحذيرات من قبل الصدر موجهة بالأساس إلى إيران التي تعمل على جعل العراق ساحة صراع مع الولايات المتحدة ارتكازاً على أذرعها المسلحة في العراق".