نائب قائد قوات الجيش في القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط ديفيد هيل وقائد القوات البرية القطرية سعيد حصين الخيارين.(أرشيف)
نائب قائد قوات الجيش في القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط ديفيد هيل وقائد القوات البرية القطرية سعيد حصين الخيارين.(أرشيف)
الإثنين 27 مايو 2019 / 21:02

شيزوفرانيا إخوانية

نوسع مساحة المقارنة لنصل إلى الموقف من أمريكا وهجوم الجزيرة والإعلام الإخواني المتواصل على "أصدقاء أمريكا في المنطقة"، ونسأل عن موقف هؤلاء من صداقة قطر لأمريكا ومن قاعدة "العديد"

يجيد الإخوان ركوب الموج السياسي والسطو على أي تحرك أو حراك شعبي وتجيير نتائجه لصالح أجندتهم الحقيقية التي لا مكان فيها للحرية أو التحرير بأي شكل، ولا عداء فيها لقوى الاحتلال سواء في فلسطين أو في غيرها من الأرض العربية المبتلاة بالوجود العسكري الأجنبي الغريب.
فعلوا ذلك في تونس بعد أن سطوا على ربيعها، وأعادوا التجربة في مصر أيضاً، وكان أن جاء إلى الحكم محمد مرسي الرئيس الإخواني الذي التزم بتعهده للأمريكان بعدم المساس باتفاقية كامب ديفيد، وحرص على تدفئة العلاقات مع إسرائيل برسائل شوق إلى شمعون بيريز، وتوج عهده المظلم بإعلان قطع العلاقات مع سوريا.

يومها تم تجنيد كل الإعلام الإخواني المموّل قطرياً لتغطية هذا "الإعلان التاريخي" الذي عبر بصدق عن موقف الإخوان من إرث الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ومرارتهم الكبيرة من تجربة دولة الوحدة بين مصر وسوريا. في الوقت نفسه حاول جهابذة الإعلام الإخواني التقليل من أهمية "رسالة الشوق" باعتبارها إجراء ًبروتوكولياً محضاً.

وعلى طريقة "يحق للإخونجي ما لا يحق لغيره" واصل هذا الإعلام الذي دخل بيوت العرب برداء ثوري تبين أنه زائف، الهجوم على التطبيع ونقد مناسبات معينة لم تكن قطر أو تركيا متورطة فيها، لكنه أغفل مناسبات تطبيعية واضحة في الدوحة، بل انبرى نجومه إلى محاولة تبرير التطبيع القطري الذي قال لنا نجوم "الجزيرة" إنه جائز شرعاً، بينما التطبيع الآخر حرام.

ولم تتوقف الشيزوفرانيا عند حدود التطبيع بل وصلت إلى المواد الإعلامية السيئة والمسيئة التي تبث أحياناً على شاشات عربية، وقد انقض نجوم الجزيرة ونشطاء الإخوان على إحدى القنوات لبثها برنامجاً وثائقياً عن النكبة يظهر اليهود وكأنهم ضحايا للفلسطينيين، وبالطبع كان هذا البرنامج مداناً من الجميع، لكن الجزيرة نفسها لم تتورع عن الاعتذار لإسرائيل عن مادة تلفزيونية بثتها وأغضبت الإسرائيليين، بل إن القناة القطرية لم تكتف بالاعتذار بل طردت الصحفيين اللذين أعدا هذه المادة، وذلك كبادرة حسن نية تجاه "العدو الصديق"، ولم يخجل من هذا الإجراء أي من أعداء التطبيع المفترضين.

نوسع مساحة المقارنة لنصل إلى الموقف من أمريكا وهجوم الجزيرة والإعلام الإخواني المتواصل على "أصدقاء أمريكا في المنطقة"، ونسأل عن موقف هؤلاء من صداقة قطر لأمريكا ومن قاعدة "العديد" الأمريكية الكبيرة في الأراضي القطرية. بالطبع لا أحد يرد على سؤالنا، بل نسمع كلاماً لا ينفع ولا يضرّ عن العلاقات والاتفاقات الموقعة بين الدول وضرورة الالتزام بهذه الاتفاقات واحترام التعهدات الواردة فيها.

يوم أمس كان ديفيد هيل نائب قائد قوات الجيش في القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط في زيارة للدوحة، وقد التقى سعيد حصين قائد القوات البرية القطرية وبحثا "التعاون العسكري بين البلدين" بحسب ما أوردت منابر الإعلام الإخواني، وهي ذاتها المنابر التي تهاجم دولاً عربية أخرى وتتهمها بتقديم الخدمات للقوات الأمريكية في حروبها في المنطقة.

وكان وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قد التقى وزير خارجية أمريكا في يناير (كانون الثاني) الماضي خلال "جلسات الحوار الاستراتيجي" بين البلدين والتي عقدت في الدوحة. وتم في ذلك اللقاء الاتفاق على توسيع "مطار أبو نخلة" أو قاعدة "العديد" كما أصبحت تعرف لتكون قاعدة أمريكية دائمة في المنطقة.

نذكر وتذكرون دور هذه القاعدة في كل العمليات العسكرية في المنطقة، ومنها ضرب العراق. نذكر وتذكرون.. لكن المصابين بالانفصام في الإعلام الإخواني لا يذكرون.