حفيد مؤسس جماعة الإخوان السويسري المصري الأصل طارق رمضان (أرشيف)
حفيد مؤسس جماعة الإخوان السويسري المصري الأصل طارق رمضان (أرشيف)
الخميس 30 مايو 2019 / 13:44

جرائم طارق رمضان الجنسية... ليست أفظع ما سهله المال القطري

رأى الكاتب السياسي في منتدى الشرق الأوسط وخبير في شؤون الإرهاب، هاني غرابة أن قادة دينيين ومفكرين كثيراً ما يصفون أنفسهم بأنهم خارج عالم السياسة، وأن عليهم فقط واجبات أخلاقية تجاه الحقيقة كما يرونها. وغالباً ما تقبل شخصيات إعلامية غربية هذا السرد بشغف حين يناسبها، خاصة عندما تكون الشخصية الدينية معترضة على وجهات نظر سياسية، لا يحبها هؤلاء الإعلاميون.

هدفت رعاية قطر المترفة لمسيرة طارق رمضان إلى تحقيق غاية مزدوجة عبر نشر آيديولوجيا الإخوان في الجيل الأوروبي الشاب وتأمين رسالة اعتدال مسكّنة للمراقبين الغربيين

هذا هو الحال مع طارق رمضان، "المفكر" الإسلاموي المولود في سويسرا و"الأكاديمي" في أوكسفورد الذي وُصف على نطاق واسع بمعتدل وبصاحب تأثير كبير، قبل اعتقاله في 2017 بتهمة الاغتصاب، وفق ما كتب غرابة في موقع "أمريكان ثينكر".

أشار غرابة، وهو كاتب أيضاً في صحيفة الأهرام، إلى أن صورة الحكيم المترفع هي التي تجعل اكتشاف أن صوتاً دينياً بارزاً موجوداً على لائحة الدفع لدى أحد الأطراف، أكثر إثارة للصدمة.

لكن مع رمضان، لا يجب أن يكون الأمر مفاجئاً. وباعتباره حفيد مؤسس الإخوان حسن البنا، اتُهم رمضان كثيراً بحمل أجندة مؤيدة للإخوان من قبل الباحثين، وناشطين مناهضين للإخوان الإرهابيين.

واليوم، كشف بحث جديد أن قطر كانت تمول رمضان بكرم، وهي الراعي الأساسي للإخوان. ودفعت مؤسسة قطر ما بلغ 35 ألف يورو شهرياً لقاء دور "استشاري".

شقق فاخرة وروابط متينة 
ذكر كتاب أوراق قطر الجديد الذي وضعه الصحافيان الفرنسيان الاستقصائيان جورج مالبرونو وكريستيان شينو، أحدث حلقة من فضائح المنظّر الإسلاموي.

استناداً إلى سجلات مصرفية مكثفة حصل عليها الكاتبان عبر فلاشة يو أس بي، من أحد كاشفي الأسرار، أظهر الكتاب أن رمضان كان طيلة سنوات على لائحة الدفع القطرية. وسمحت الأموال القطرية بتمويل شرائه شقتين فاخرتين في باريس، إضافةً إلى مقتنيات أخرى.

وروابط رمضان مع قطر موسعة، إذ كان بروفسوراً زائراً في جامعة حمد بن خليفة في الدوحة، ومديراً لمركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق في الدوحة المدعوم من مؤسسة قطر.

وشغل أيضاً منصب رئيس شبكة المسلمين الأوروبيين المقربة من قطر، ومقرها بروكسل. علاوة على ذلك، كان رمضان عضواً في اتحاد العلماء المسلمين الممول من قطر والذي يديره الإخوان، وترأسه حتى أشهر قليلة مضت زعيم الإخوان حبرهم يوسف القرضاوي.

دعم قطري.. قبل وبعد الاتهامات
واصلت قطر دعم رمضان حتى بعد السلسلة الأولى من الاتهامات ضده بدءاً من أكتوبر(تشرين الأول) 2017. وبرزت متهِمات إضافيات بشكل اعتيادي منذ ذلك الحين.

وأشار المدافعون الإسلامويون بغضب إلى فيديوهات رمضان العديدة عن أهمية الأخلاق الجنسية، زاعمين أنه يحاكم باطلاً وبسبب الإسلاموفوبيا.

لكن في فبراير (شباط) 2018، اتهم رمضان رسمياً بالاغتصاب وعندها صدحت قطر عالياً بأنه شخص غير مرغوب.

انتهت علاقته العلنية مع مؤسسة قطر عند هذا الحد، لكنه مع ذلك حصل على 19 ألف يورو من رابطة مسلمي سويسرا الممولة قطرياً، التي يديرها إخوان من سويسرا، لمساعدته في الدفاع عن نفسه. لكن علاقة قطر برمضان ليست سوى تفصيل صغير في رواية أكبر.

هوس قطري.. من المساجد إلى المشارح
أظهر كتاب أوراق قطر أيضاً التورط العميق للنظام القطري بالشبكة الإسلاموية في أوروبا، خاصةً عبر قطر الخيرية المنظمة مرتبطة بالنظام والتي اتهمت بتحويل مليارات الدولارات إلى متمردين إسلامويين في سوريا، وليبيا وغيرهما. وفي أوروبا، كشف الكتاب أن قطر الخيرية أمنت حوالي 71 مليون يورو لتمويل بناء 140 مسجداً، ومركزاً، ومتحفاً إسلامياً.

في إحدى المقابلات، قال جورج مالبرونو إن "فلسفة الإخوان المسلمين هي أن تشمل حياة الناس من الولادة حتى الموت. حاولت جميع المشاريع الممولة قطرياً أن تفعل ذلك بالضبط، محيطةً المساجد بالمدارس، وأحواض السباحة، والمطاعم وحتى المشارح".

وفق مالبرونو، يُفسر هذا الهدف الإنفاق الكبير على المشاريع الأوروبية الهادفة إلى نشر إسلاموية الإخوان إلى حد تمويل مسجد على جزيرة جيرسي الصغيرة التي تضم عدداً قليلاً من المسلمين لتسهيل الترويج.

ويرى مالبرونو أنه في الوقت الذي ينفي فيه مشغلو هذه المشاريع أي ارتباط بالإخوان المسلمين، تكتظ مكتبات هذه المدارس بالأدبيات الإسلاموية التي كتبها أمثال المتطرف يوسف القرضاوي، أحد مرشدي رمضان، إضافةً إلى مبرر الإرهاب سيد قطب، المنظر المؤسس لإسلاموية القرن العشرين.

غاية مزدوجة
هدفت رعاية قطر المالية لمسيرة طارق رمضان إلى تحقيق غاية مزدوجة عبر نشر أيديولوجيا الإخوان في الجيل الأوروبي الشاب، وتأمين رسالة اعتدال مسكنة للمراقبين الغربيين.

هذا الشق المزدوج يجد طريقه في العديد من المساجد، وإلى الكثير من الأساتذة الجامعيين والمكتبات بتمويل قطري في أوروبا.

تنفي قطر بشدة زراعة التطرف، لكن يصعب تصديق الإنكار في ظل الأدبيات المتطرفة التي تنشرها المؤسسات القطرية. وأضاف غرابة: "قد نجد أن الاعتداء الجنسي ليس أسوأ جريمة جعلها المال القطري ممكنة".