(أرشيف)
(أرشيف)
الأربعاء 5 يونيو 2019 / 12:23

أزمة تركيا الاقتصادية.. ليست مؤامرة

24 - إعداد: ريتا دبابنه

ما يزال الاقتصاد التركي يعاني من الركود ومن آثار التضخم المستمر في الصعود، مع انخفاض سعر الليرة، وما يزال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يزعم أن كل ما تمر به بلاده هو نتاج "مؤامرة خارجية تستهدف الاقتصاد".

إلا أن المحلل الاقتصادي التركي إيسير كراكاش، أظهر في تقرير لموقع "أحوال تركية" بالإنكليزية، بيانات تكشف كذبة أردوغان المستهلكة، ومزاعمه حول مؤامرات أجنبية يسوقها بين الحين والآخر.

كذبة أردوغان
وقال أردوغان الأسبوع الماضي، في كلمة للشعب، إن "الذين ظنوا أن مشاكل تركيا الاقتصادية نابعة من الداخل، لم يعلموا بالمؤامرات التي تستهدف الأمة".

لكن بالنظر إلى أفضل الشركات الرائدة في العالم، منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم، بحسب التقرير، فإنه من الواضح أن تلك الدول تتطلب من دول نامية مثل تركيا أن تتطور من أجل الازدهار.



يقول كراكاش، إنه في سبعينيات القرن الماضي، وبالإضافة إلى شركات الطاقة العملاقة مثل إكسون موبيل، وتكساكو، وغلف أويل، تضم الولايات المتحدة أفضل 10 شركات رائدة مثل جنرال موتورز، وجنرال إليكتريك، وفورد، وكرايسلر، وإي تي تي.

تغييرات جذرية
وعندما ننظر إلى أكبر 10 شركات في العالم من حيث القيمة السوقية في عام 2018، نرى أن عمالقة التكنولوجيا يهيمنون على القائمة.

فبحسب تحليل كراكاش، تحتل شركة إكسون موبيل المرتبة العاشرة الآن، وتتصدرها كل من أبل وأمازون وغوغل ومايكروسوفت وغيرها.


وضمن القائمة أيضاً شركة "وارين بافيت بيركشاير هاثاواي"، هي شركة قابضة تمتلك العشرات من الشركات التابعة في مجالات التكنولوجيا والتأمين والغذاء، في حين أن تينسنت هولدينغز، ومقرها الصين، وجي بي مورغان تشيس، هي شركات استثمار وخدمات مالية.

وتؤثر التغييرات في تكوين الشركات الكبرى أيضاً على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، حيث إن العملاء الفائزين الجدد ليسوا دولاً، بل أفراداً مقارنة بالعمالقة القدامى.

نظرية "الاقتصاد القديم"
أما اليوم، بحسب التقرير، ترى واشنطن دولاً في الشرق الأوسط مثل تركيا بالطبع، كدول لأفراد عملاء. لكن الذين فشلوا في فهم هذا التحول المهم في تركيا، يستمرون في تكرار تحليل الإمبريالية الذي يفسر الاقتصاد القديم.

تحتاج شركات مثل آبل وأمازون إلى أسواق جديدة يكون فيها الأشخاص أثرياء بدرجة كافية لشراء هواتف محمولة وأجهزة كمبيوتر وبرمجيات جديدة. لذلك تسعى السياسة الخارجية للولايات المتحدة إلى ترسيخ سيادة القانون وحقوق الملكية في البلدان النامية، حيث أنها ضرورية للتنمية الاقتصادية المستدامة وأسواق المستهلكين.


وأعلن معهد الإحصاء التركي الأسبوع الماضي، أن الاقتصاد التركي تقلص بنسبة 2.6 % سنوياً في الربع الأول من عام 2019، في حين نما بنسبة 1.3% في الأشهر الثلاثة من مارس (آذار) حتى الربع الرابع من العام الماضي.

ركود تقني
وبحسب كراكاش، لفتت أرقام النمو انتباه الجميع، لأن الاقتصاد كان في حالة ركود تقنياً بعد ربعين على التوالي من النمو السلبي على أساس فصلي في عام 2018.

لكن بيانات مهمة أخرى صدرت أيضاً الأسبوع الماضي، حيث أظهر استبيان من 500 غرفة صناعية في إسطنبول أنه على الرغم من أن أرقام النمو مهمة لفهم ما إذا كان الاقتصاد التركي سيتمكن من التعافي بسرعة من الركود، إلا أن تكوين أهم الشركات المدرجة في قائمته مهم لفهم ما إذا كانت البلاد ستلحق بالركب أم لديها فرصة للحاق بالدول المتقدمة.


وعند مقارنة قائمة 2018 مع الشركات الصناعية الكبرى في تركيا منذ 15 عاماً، ترى أن أكبر 10 شركات هي نفسها إلى حد كبير.

تراجع مستمر
والأهم من ذلك، بحسب تقرير "أحوال تركية"، أنه ليس لدى تركيا أي شركة ضمن قائمة "أفضل 10 شركات" تعمل في مجال التقنيات الحديثة. جميع الشركات المهمة في تركيا تعود إلى "عصر الاقتصاد القديم".

تشير البيانات إلى أنه حتى إذا نجحت تركيا في حل مشكلاتها وبدأت مرة أخرى نمواً إيجابياً، فإنها تظل بعيدة عن شركات التكنولوجيا المتقدمة لأنها تفشل في التكيف مع اقتصاد المعرفة.


وخلص تحليل كراكاش، أنه لا يمكن لأي مؤامرة أجنبية أن تفسر فشل تركيا، بل من الواضح أن اللحاق بالدول المتقدمة اليوم يتطلب تعليماً جيداً وبيئة تشجع الابتكار. وبالنظر إلى نظام التعليم في تركيا، وكذلك في عقلية أولئك الذين يحكمون البلاد، فمن الواضح أن تركيا مُقدرة على أن تظل متجذرة في "الاقتصاد القديم".