سكان من عفرين خطفتهم جماعات مسلحة (أرشيف)
سكان من عفرين خطفتهم جماعات مسلحة (أرشيف)
الخميس 6 يونيو 2019 / 13:28

بتواطؤ تركي.. تغيير ديموغرافي في شمال سوريا

أعربت جماعات لحقوق إنسان عن مخاوفها حيال زيادة الانتهاكات بحق مدنيين يقيمون في مدينة عفرين السورية على يد قوات متمردة مدعومة من تركيا.

الجيش التركي متواطئ في إحلال مكونات عرقية مكان أخرى في عفرين، ومنهم لاجئون سوريون كانوا يقيمون في تركيا

وضمن موقع إذاعة "صوت أمريكا"، كتب سروان كاجو، صحفي أمريكي، وزميل مركز الشرق الأوسط للكتابة الصحفية والتحليلات، نقلاً عن وسائل إعلام محلية، حول مقتل طفل في العاشرة، يعاني من متلازمة داون، مع أبيه وجده، بعدما اختطفه متمردون سوريون مدعومون من تركيا، وعجزت أسرته عن دفع فدية قدرها 10 آلاف دولار.
وحسب جماعات حقوقية، انتشرت مثل تلك الحوادث منذ استيلاء الجيش التركي ومتمردين متحالفين معه على مدينة عفرين بعد حملة عسكرية امتدت لشهرين وأدت لطرد وحدات حماية الشعب الكردي( YPG) من المنطقة في مارس(آذار)2018.

تزايد الاضطهاد
وقال فيليب ناصيف، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى منظمة العفو الدولية: "شهدت منطقة عفرين زيادة في اضطهاد الأشخاص الذين يظهرون أي نوع من المعارضة للوجود التركي أو المتمردين".

وأضاف: "باتت سلوكيات، من نوع الاختطاف لأجل فدية والاحتجاز لأجل غير مسمى، والخشية من الخروج من البيت وممارسة حياة طبيعية في عفرين، شائعة بالنسبة لجميع السكان".

وحسب كاتب المقال، علاوة على الجيش التركي، يسيطر على مدينة عفرين ما لا يقل عن عشر مجموعات متمردة مسلحة، منهم جبهة التحرير الوطني وعدة فصائل إسلامية تتهمهم جماعات حقوقية بارتكاب جرائم ضد أكراد، من غالبية سكان المدينة.

وفي فبراير( شباط)، نشرت لجنة تقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة تقريراً لتقييم الوضع في عفرين. وورد في التقرير: "وجدت اللجنة أن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد أن أعضاء في جماعات مسلحة ارتكبوا جرائم حرب واحتجاز رهائن وسوء معاملة وتعذيب ونهب". وشملت مزاعم موثوقة عدة حالات اعتقال واحتجاز تعسفي، وتعذيب وسوء معاملة طالت أكراداً، بمن فيهم نشطاء جاهروا بانتقادهم لمجموعات مسلحة ومن ينظر لهم كذلك".

مسؤولية تركية
ويقول خبراء حقوقيون أنه يتوجب على تركيا وقف تجاوزات كتلك، وحماية المدنيين في المدينة السورية. وقال ناصيف من منظمة العفو الدولية: "تركيا قوة محتلة، لذلك يجب أن تكون مسؤولة عن سلوكيات قوات موالية لها تعمل داخل عفرين".

وقال ناصيف لإذاعة صوت أمريكا إنه "عوضاً عنه، مكنت تركيا تلك الجماعات لملاحقة كل من يعارض وجودها، ولتنفيذ نفس الأجندة التركية المحلية في ما يتعلق بسحق المقاومة الكردية".

إساءات
ووفق الكاتب، تنظر أنقره لوحدات YPG بوصفها جزءاً من حزب العمال الكردستاني( PKK) الذي خاض لمدة ثلاثين عاماً صراعاً ضد الجيش التركي من أجل حصول الأكراد على حقوق أوسع في تركيا. ويعتبر PKK تنظيماً إرهابياً من قبل كل من تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ومنذ طرد مقاتلي YPG خارج عفرين في مارس( آذار) 2018، نادراً ما علق الجيش التركي على الوضع هناك، ولكن خلال مؤتمر صحفي عقد في يناير( كانون الثاني) في العام الجاري، قال إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية إن "تركيا ملتزمة بحماية السوريين وممتلكاتهم في عفرين".

لكن يقول آيكان إرديمير، خبير الشؤون التركية لدى مركز الدفاع عن الديمقراطيات، مؤسسة فكرية مقرها في واشنطن، لم يمنع تأثير تركيا على قوات موالية لها متمردين مدعومين من تركيا من الإساءة إلى سكان عفرين".

وقال إرديمير إن "تكوين وميول المتمردين المدعومين من تركيا يجعلهم عرضة لارتكاب جرائم وتجاوزات لحقوق وحريات سكان المنطقة".

تغطية محدودة
وحسب بعض الخبراء، في ظل تصاعد تطورات عسكرية في محافظة إدلب المجاورة، نادراً ما حظيت تجاوزات بحق المدنيين في عفرين باهتمام العالم الخارجي.

وقال إلهان تانير، محرر "أهوال نيوز"، موقع تركي: "باستثناء تغطية من قبل وسائل إعلام محلية وبعض الجماعات الحقوقية، لا يحظى الوضع في عفرين بتغطية كافية في الإعلام الغربي".

وأضاف: "بالنسبة لمراقبين، ما يجري في عفرين" قضية صغيرة" بالمقارنة مع ما يجري حالياً في مناطق سورية أخرى مثل إدلب. وعندما تنتقد أحزاب تركية معارضة ما يمارسه الجيش التركي ومتمردون سوريون موالون له في مناطق مثل عفرين، يتم وصفهم بأنهم داعمون للإرهاب".

تغيير ديموغرافي
ويقول "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إنه منذ الاستيلاء على عفرين في مارس( آذار) 2018، ينفذ متمردون موالون لتركيا تغييرات ديموغرافية.

ويعتقد تانير أن الجيش التركي متواطئ في إحلال مكونات عرقية مكان أخرى في عفرين، ومنهم لاجئون سوريون كانوا يقيمون في تركيا منذ بداية الحرب الأهلية هناك في عام 2011. وقال: "يبدو أن متمردين سوريين حصلوا على ضوء أخضر من تركيا لتنفيذ عملية تغيير ديموغرافي، وتعريب تلك المنطقة الكردية".
ورأى ناصيف أن "ترسخ هذا النمط من السلوك في سوريا، يصعب مهمة التوصل إلى حل للصراع".