الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الجمعة 7 يونيو 2019 / 13:53

كيف استغل أردوغان بريكست لتحقيق مكاسب؟

أشارت إلجين بويرازلر، كاتبة عمود تركية ومؤلفة كتب سياسية، إلى استغلال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي( بريكست)، من أجل تمرير سياساته في الداخل التركي.

صبَّ الموقف المعادي لتركيا في أوروبا في مصلحة أردوغان، الذي استثمره للشروع في سعيه لحصد قدر أكبر من السلطة

وكتبت ضمن صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، عما جرى في الساعات الأولى من 4 أكتوبر(تشرين الأول)، 2005، في مدينة لوكسمبورغ عندما شارك جاك سترو، وزير الخارجية البريطانية و نظيره التركي، عبد الله غول، في مؤتمر صحفي.

يومها، افتتح الاتحاد الأوروبي، مباحثات العضوية مع أنقره، فيما بدا كإجابة علي سؤال يعود إلى مئات السنين بشأن ما إذا كان يفترض بالغرب أن يفتح ذراعيه لتركيا. وصرح غول: "نحن اليوم جزءاً من أوروبا".

جرى ذلك اللقاء قبل 14 عاماً عندما كان العالم مختلفاً تماماً عما هو عليه الآن. فاليوم، تمضي بريطانيا في طريقها للخروج من الاتحاد الأوروبي، وتبدو تركيا سائرة على نفس الطريق، لأنها لن تجد وسيلة لدخول الاتحاد.

ظاهرة أوسع
ويمكن، برأي الكاتبة، النظر إلى مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد بمثابة جزء من ظاهرة أوسع تتساءل فيها دول أعضاء عن المبادئ المؤسسة للاتحاد، مثل حرية تنقل الأفراد ورؤية شاملة لأوروبا في العالم. ولكن بريكست تخاطر أيضاً بجعل الأمور أسوأ و بشكل مباشر وملموس بالنسبة لمناطق أخرى من العالم ، كما هو بالتأكيد حال تركيا.
  
وتقول الكاتبة إنه أثناء زيارتها الأخيرة لمدينتي اسطنبول وأنقره، سمعت نفس التعليقات مرات ومرات، حيث قال أتراك: "كنا نظن أن البريطانيين عقلاء. لماذا يفعلون هذا بأنفسهم؟ ولماذا يفعلون هذا بنا؟".

وترى كاتبة المقال أنه فيما ميَّع ساسة أوروبيون، مثل أنغيلا ميركل، من التزام الاتحاد الأوروبي حيال تركيا، قوّض رجب طيب أردوغان، الذي يحكم البلاد منذ عام 2003، التزام تركيا بمعايير الاتحاد الأوربي، كسيادة القانون وحرية الصحافة والحقوق الأساسية.

وباعتقاد الكاتبة، صبَّ الموقف المعادي لتركيا في أوروبا في مصلحة أردوغان، الذي استثمره للشروع في سعيه لحصد قدر أكبر من السلطة الشخصية.

وكان الاستثناء في الموقف البريطاني الأكثر حماساً بين دول الاتحاد لانضمام أنقره، في نهاية المطاف. ثم جاءت الضربة القاصمة عبر استفتاء الخروج من الاتحاد في 2016، عندما سعى ساسة مؤيدون للخروج لتخويف الناخبين البريطانيين من خلال أكاذيب حول تركيا.

وقبل أسبوع من الاستفتاء، نفى بوريس جونسون، الذي قد يصير رئيساً لوزراء بريطانيا، أنه من أصل تركي واقترح زوراً إن "الطريقة الوحيدة لتجنب أن تكون لنا حدود مشتركة مع تركيا، تتحقق عن طريق التصويت للخروج واستعادة السيطرة".

وقال بيني موردونوت، وزير الدفاع الحالي، إن بريطانيا لا تستطيع منع تركيا من الانضمام إلى الاتحاد، وكرر نفس الكذبة، حتى بعدما قال ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء السابق، إن ذلك "ليس صحيحاً". وبعبارة أخرى، جلبت بريكست إلى المملكة المتحدة سياسات وأضاليل شعبوية سقطت تركيا بالفعل ضحية لها.

لحظات من الحقيقة
وتقول الكاتبة إن كلا البلدين يواجه اليوم لحظات من الحقيقة. فمع تهديد جونسون بالخروج في 31 أكتوبر من EU دون صفقة، تواجه بريطانيا احتمال انفصال أكثر دراماتيكية عن الاتحاد الأوروبي مما فكر به أي كان قبل ثلاث سنوات.

وفي تركيا، لا تزال الأمور محفوفة بمخاطر أكبر. فقد سجلت المعارضة في انتخابات مارس(آذار) المحلية أكبر إنجاز لها مند سنين، وفازت بالسلطة في أكبر المدن التركية. لكن أردوغان لم يحترم كسب المعارضة أكبر جائزة، بلدية اسطنبول. وعوضاً عنه أمر بإعادة الانتخاب في 23 يونيو(حزيران).

وحسب الكاتبة، إذا فاز أردوغان، فقد يعتبر ذلك مؤشراً نهائياً على افتراق تركيا عن الديمقراطية – لدرجة أنه قد يشكل انفصالاً عن أوروبا أكبر مما تسعى إليه بريطانيا.

وتحاول القوى الديمقراطية في تركيا جر البلاد بعيداً عن مسار أردوغان التسلطي، وتتمسك بالحلم الأوروبي. وفي تركيا، ينظر إلى أوروبا كوسيلة للهروب من الاستبداد.

لكن هؤلاء يدركون جيداً أن مهمتهم ستكون أكثر صعوبة بسبب بريطانيا ساعية للخروج من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا أقل وداً تجاه أوروبا.

كما يمثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ضرراً اقتصادياً لتركيا. فإن غادرت بريطانيا الاتحاد دون التوصل إلى صفقة، سوف تفقد تركيا ثاني أكبر سوق تصدير لها نظراً لأن الاقتصادين مرتبطان عبر اتحاد أنقره الجمركي مع الاتحاد الأوروبي.

إلى ذلك، أكد مؤخراً ديبلوماسي تركي مدى الضرر الذي سيلحقه بريكست بكلا البلدين من الناحيتين الاقتصادية والأمنية.