الأحد 9 يونيو 2019 / 15:05

مطالب بتشديد الرقابة لحظر ألعاب إلكترونية تتنافى مع العادات والقيم

24- أبوظبي- آلاء عبد الغني

أعرب عدد من أولياء الأمور عن استيائهم لتواجد ألعاب فيديو تتنافى مع العادات والقيم الأخلاقية والاجتماعية، بين أيدي أطفالهم، مشيرين إلى أن معظمها كتب عليها أنها للفئة ما فوق عمر (18) سنة، ولكن يتم تداولها وبيعها للأطفال دون مراعاة السن، فضلاً عن وجود ألعاب محظورة في الأسواق وغالبيتها يتم شراؤها عبر منصات التواصل الاجتماعي، ومواقع التسوق الإلكترونية، أو بعض المحال المخالفة.

وطالبوا بتشديد الرقابة أكثر على سوق ألعاب الفيديو الإلكترونية، نظراً لتأثيرها الخطير والمدمر على الأطفال، ودورها في تعليمهم سلوكيات غير أخلاقية، إلى جانب احتواء بعضها على صور ومشاهد خادشة للحياء، تشجع الأطفال على أفعال تتنافى مع الأسس القويمة للتربية الاجتماعية والدينية.

لعبة "GTA 5"
وقالت ملك ياسين إنها تفاجأت منذ أسبوع بوجود لعبة "GTA 5" مع ابنها الذي يبلغ من العمر 11 سنة، ولفتتها صورة الغلاف الخادشة للحياء، فبادرت إلى إخبار زوجها الذي استفسر من ابنه عن هذه اللعبة ليكون رد الأخير بأنها مجرد لعبة مطاردة بين الشرطة ومجرم، وحين قام زوجها بتشغيل اللعبة صدما للمشاهد التي تحتويها بدءاً من كلمات الأغاني المصاحبة للعبة، مروراً بمشاهد خادشة للحياء تشجع الطفل الذي يلعب على ممارسة هذه الأفعال غير الأخلاقية عبر لعبة الفيديو للحصول على نقاط أكثر للاستمرار، علاوة على مشاهد العنف والضرب.

ولفتت إلى أنها وزوجها استدركا الموضوع ولم يتعاملا مع الطفل بسلبية، بل شرحا له مساوئ مثل هذه الألعاب وخطرها على الأطفال، وتوصلا إلى سحب اللعبة منه وتحطيمها عبر وسيلة الإقناع والتوعية، مؤكدة أنها منذ ذاك الحين تقوم بمراقبة جميع ألعاب الفيديو التي يلعبها ابنها، كما يقوم زوجها باختبار الألعاب تحت ذريعة مشاركة ابنه في اللعب، للتأكد من خلوها من مشاهد غير الأخلاقية، أو العنف الشديد.

إفساد العقول
وأشارت نسرين عطا الله، إلى أن ابنها اشترى منذ فترة هذه اللعبة ذاتها من محل لبيع ألعاب الفيديو، لا من موقع إلكتروني، رغم حظر بيعها في أسواق الدولة وتحميلها عبر "الأون لاين"، مؤكدة أنها لم تتنبه لخطورتها حتى قرأت تحذيراً بشأنها على أحد ملتقيات السيدات عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".

وأضافت أن اللعبة كلها تشجع على العنف والسرقة والقتل والمخدرات، والأخطر من هذا كله كم المشاهد الإباحية التي تتضمنها، وإفسادها لعقول الأطفال، وهو ما يجعل تداولها مرفوضاً سواء للأطفال تحت سن (18) عاماً أو من هم أكبر من ذلك، لمحتواها السلبي وغير الأخلاقي، الذي من شأنه تشجيع جيل الشباب على إتيان تلك الأفعال السلبية دون وعي.

المطالبة ببديل
ومن جانبها، أكدت ميساء سعيد ضرورة وجود بديل عن ألعاب الفيديو الغربية التي تصدر السلبيات والانحراف عن الطريق القويم، والسلوكيات المخالفة للعادات والتقاليد والقيم، وذلك عبر طرح ألعاب فيديو بمحتوى عربي يتضمن التسلية والتشويق، ويكون في الوقت ذاته مراعياً للجانب الأخلاقي والديني.

وأشارت إلى أن حظر الألعاب التي تكون ملابس شخصياتها فاضحة، وتتضمن مشاهد عنف قاسية، وأخرى لعلاقات غير طبيعية، وغيرها التي تشجع على شرب الكحول ولعب القمار، ومخالفة القانون، هو إجراء بديهي للوقوف في وجه هذه الصناعات التي تخرب الأجيال الناشئة، وتتلاعب بعقولهم، وتفسد أخلاقهم وقيمهم.

أطر وقوانين تنظيمية
وبدوره، أكد المجلس الوطني للإعلام عبر 24، أنه يحمل على عاتقه سلامة محتوى الألعاب الإلكترونية التي يتم تداولها في أسواق الدولة بنسخها المطبوعة ويضمن وصولها للمستهلك بصورة سليمة، وذلك ضمن أطر وقوانين تنظيمية، وهي قانون المحتوى الإعلامي، وقانون التصنيف العمري للألعاب الذي صدر مؤخراً، والذي من شأنه تنظيم عملية متابعة محتوى الألعاب، وفي حال سلامة المنتج يتم إعطائه تصنيف عمري معتمد من قبل المجلس.

سلبيات "التواصل الاجتماعي"
وحول أبرز المظاهر التي رصدها المجلس الوطني للإعلام من ألعاب وأفكار مسيئة للمجتمع على منصات التواصل والشبكة العنكبوتية خلال الفترة الماضية، أشار المجلس إلى أنه رصد لعبة "فورت نايت"، ولعبة "بابجي"، و"لعبة الحوت الأزرق"، وتمت دراسة محتويات الألعاب كونها ألعاب تتم مزاولتها في شبكة الإنترنت بصورة رئيسية، ومنها ما ينتشر على منصات الهواتف المتحركة، موضحاً أن ما تم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي من مظاهر كان اجتهادات شخصية من قبل رواد مواقع التواصل لا تصل للواقع في بعض النقاط.

حملات تفتيشية
وأكد المجلس الوطني للإعلام تنفيذه حملات تفتيشية على المنشآت والمحال الإعلامية في جميع إمارات الدولة، بهدف التأكد من تطبيق المعايير والشروط الخاصة بالتراخيص الإعلامية، بما فيها تراخيص المصنفات الفنية "السمعية والمرئية والسينمائية وألعاب الفيديو وبرامج الكمبيوتر"، وكذلك الالتزام بمعايير وضوابط المحتوى الإعلامي والإعلاني، حيث يقوم بتحرير مخالفات بحق المنشآت والمحال التي تمارس الأنشطة الإعلامية من دون إذن مسبق، أو تلك التي تمارس الأنشطة الإعلامية بشكل غير قانوني.

ويتولى المجلس من خلال إدارة متابعة المحتوى الإعلامي، تطبيق أنظمة المحتوى الإعلامي والإعلاني على المطبوعات، التي يتم تداولها داخل الدولة، إضافة إلى إجراء دراسات تحليلية وبحثية للمحتوى الإعلامي، بأشكاله المختلفة ورفع التوصيات اللازمة بذلك.

وتشمل اختصاصات المجلس، دراسة ومراجعة الأنشطة الإعلامية وكيفية تنظيمها وممارستها، وتنظيم ومتابعة المحتوى الإعلامي، علاوة على تطوير الأنظمة الخاصة بالإعلام الإلكتروني، إضافة إلى وضع إطار تنظيمي بين المجلس والمناطق الإعلامية الحرة في دولة الإمارات.

البيئة الطاردة للأطفال
ومن جانبها، أشارت المستشارة الأسرية فيي أبوظبي دعاء صفوت، إلى أن من أهم العوامل التي تقف وراء إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية التي تشجع على العنف والأفعال السلبية – لاسيما تلك المخصصة للفئات العمرية الأكبر منهم سناً – بيئة المنزل الطاردة للأطفال، حيث لا تتوفر لديهم الفرصة للجلوس مع أسرتهم كأترابهم، وحرمانهم من الإحساس بالجو العائلي ومن اهتمام الوالدين، أو تخصيص الجلسة العائلية لانتقادهم وإلقاء اللوم عليهم، أو عتابهم لأمر ما.

ولفتت إلى أن ما سلف يدفع الأطفال إلى اتجاهين، أولهما: اللجوء إلى الألعاب الإلكترونية وصولاً لمرحلة الإدمان عليها، أو الخروج من المنزل الذي يثير الخوف أكثر لدى الأهل، ما يدفعهم للرضوخ إلى الأمر الواقع من خلال السماح بجلوس أطفالهم أمام الألعاب الإلكترونية لفترات طويلة دون حساب أو رقابة ظناً منهم أنهم بذلك يحمون فلذات أكبادهم من المخاطر التي تتربص بهم خارج أبواب المنزل، غير مدركين للخطر الأكبر الكامن داخل تلك الألعاب، وهم بذلك يكونون قد جلبوا ما هو أكبر من أخطار الشارع ليهدد أطفالهم تحت أسقف منازلهم.

وقالت: "الألعاب الإلكترونية لاسيما المتصلة بالإنترنت بصورة دائمة "أون لاين"، تأخذ الطفل إلى مجتمع آخر لا يراه الأهل ولا يعلمون عنه وعن دوافعه شيئاً، ما يشجع الأطفال على التعرض لمحتويات أخرى من الألعاب وعدم الاكتفاء بتلك التي اشتراها الأهل لهم، وعبر هذه الألعاب يخرج الطفل من محيطه العائلي ويبدأ بالتعرف إلى أشخاص جدد ليسوا من فئته العمرية، ويكونون بمثابة المدخل الذي يشجعه على اقتحام عالم الألعاب الإلكترونية، فيبدأ بالجلوس أمام ألعاب عادية، ثم يجره أولئك إلى أخرى غير مناسبة".

إشارات هامة
وأوضحت أن من أهم الإشارات التي تدل على تعرض الطفل لمحتوى غير لائق عبر الألعاب الإلكترونية، فقدان السيطرة على عادات اللعب باستمراره لساعات طويلة، فيجعل الألعاب الإلكترونية أولوية مفضلة لديه عن أي نشاط اجتماعي، فضلاً عن التهرب من الذهاب إلى المدرسة بذرائع مختلفة، إلى جانب اصطحابه لجهازه الإلكتروني معه إلى المدرسة من أجل الاستمرار في اللعب، علاوة على الانطواء، إلى جانب خطورة تعرفه إلى غرباء ما يعرضه للابتزاز أو التنمر أو التحرش الإلكتروني، وهو ما من شأنه إيقاعه ضحية للابتزاز الجنسي، إضافة إلى زيادة أعراض القلق والعصبية لدى الطفل وصولاً إلى الاكتئاب.

تطبيق الألعاب واقعياً
وبيّنت أن الأطفال الذين يتعرضون لمحتوى ألعاب إلكترونية غير مناسبة، عندما يكبرون يتعاملون في الحياة بالطريقة ذاتها التي كانوا يمارسونها داخل الألعاب، فيقودون سياراتهم بتهور عند حصولهم على شهادة القيادة كما كانوا يقودون السيارات داخل ألعاب الفيديو التي كان يتعرضون لها، كما أن شعورهم بالسعادة يصبح مرتبطاً بالألعاب الإلكترونية التي ترفع مستويات الأدرينالين والدوبامين لديهم إلى نسب عالية، ما يجرهم للبحث عن ألعاب أخطر، ولا تناسب أعمارهم، وتتنافى مع القيم التي تربوا عليها، وتتمرد على التقاليد المجتمعية، كما أن تعرض الطفل لألعاب تتضمن محتوى إباحي قد يوقعه ضحية للمتحرشين الإلكترونيين الذين يمارسون عليه نوعاً من الرق، ويطالبونه بتصوير نفسه في أوضاع مخلة، ويقومون بابتزازه، ما يجره إلى ما لا تحمد عقباه، لافتة إلى أن الأهل في كثير من الحالات هم من يلقون بأطفالهم إلى التهلكة من حيث لا يعلمون.

رسائل لأولياء الأمور
وحذرت المستشار الأسرية دعاء صفوت، أولياء الأمور من الاستهانة ببرمجة الألعاب الإلكترونية لعقول أطفالهم، ومن تعرضهم للعنف عبر ما يمارسونه من ألعاب، وهو ما يظهر عليهم في أول مشهد يصادفهم في الحياة، ويتضح في العنف والتنمر بين طلاب المدارس، مؤكدة أن "الوقاية خير من العلاج"، إذ إن على الأهل الذين لم يشتروا لأبناهم أجهزة لممارسة الألعاب الإلكترونية بعد، وضع قواعد مكتوبة يلتزم بها الطرفان في جميع الظروف دون الاستسلام لرغبة الأطفال، وعدم وضع أجهزة الألعاب الإلكترونية في الغرف المغلقة، ما يسمح بمراقبة الأهل لأبنائهم.

كما أكدت على ضرورة تحديد وقت اللعب بما لا يزيد عن ساعة يومياً وساعتين في الإجازات، والتعويض عنها بالأنشطة الأخرى، فضلاً عن عدم ربط الحسابات الإلكترونية بالبطاقات البنكية، لأن من شأن ذلك تشجيع الأطفال على صرف النقود في ظل غياب الأهل على شراء الألعاب المحظورة إلكترونياً، إلى جانب تشجيع الأبناء على الانخراط في مجموعات كشافة، أو فرق كرة قدم، وغيرها من الأنشطة الجماعية، وتشجيع الطفل على التحدث مع الأهل والاستماع له دون تهديده بالعقوبات، وتعريف الأبناء بأرقام الجهات المعنية لتقديم بلاغات حول أي إساءات يتعرضون لها لحمايتهم، داعية الأهل إلى أن يكونوا قريبين من أبنائهم ليكونوا صمام أمان يحميهم من المخاطر التي تحيط بهم.