المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم ونزار زكا في الطائرة التي نقلتهما إلى بيروت.(تويتر)
المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم ونزار زكا في الطائرة التي نقلتهما إلى بيروت.(تويتر)
الثلاثاء 11 يونيو 2019 / 19:16

إيران تستكثر على عون انتصاراً وهمياً!

إيران التي حكمت على هذا الرجل عام 2016 بالسجن عشر سنوات ودفع غرامة 4.2 مليون دولار ورفضت وساطات كبيرة لاطلاقه، لن تقدمه على طبق من فضة لا للرئيس اللبناني ولا لأبرز وكلائها في المنطقة

بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف سنة على اعتقال طهران المواطن اللبناني نزار زكا الذي يحمل إقامة دائمة في الولايات المتحدة، بتهمة التجسس لدولة أجنبية، هي أمريكا، ارتأت السلطات الإيرانية إطلاق المهندس في تكنولوجيا المعلومات وتسليمه الى السلطات اللبنانية أو حزب الله، في عز أزمة بين طهران وواشنطن.

أول ملامح الحلحلة المفاجئة في الأزمة ظهرت عبر بيان لوزارة الخارجية اللبنانية التي سارعت الى رد الفضل في النهاية السعيدة لمحنة زكا الى الرئيس اللبناني ميشال عون وصهره وزير الخارجية جبران باسيل اللذين طلبا من الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف العفو عن مواطنهما بمناسبة عيد الفطر، وقإلت إنه تمت الاستجابة لتمنياتهما.

لكن طهران استكثرت على الرئيس اللبناني هذا "الانتصار" على ما يبدو، ولم تنتظر عودة زكا الى لبنان مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وزيارته لقصر بعبدا لشكر عون على جهوده المفترضة، حتى بدأت التسريبات في وسائل الاعلام الإيرانية عن دور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في تذليل العقبات التي كانت واجهت إطلاق زكا.

حتى أن وكالة أنباء "فارس" الايرانية شبه الرسمية نسبت الى مصدر أن إيران ستسلم نزار زكا إلى حزب الله. وقال المصدر أمس الإثنين إن "الخطوة ستتخذ في غضون ساعات"، وأنها تأتي "بناء على احترام ومكانة نصر الله"!.
ليس الرئيس اللبناني خصماً لايران، لا بل يعتبر فريقه السياسي من المقربين منها، وخصوصاً منذ تحالفه الشهير مع حزب الله. غير أن موقفاً إيرانياً كهذا قد يكون بمثابة رسالة ما الى الرئاسة اللبنانية، وخصوصاً بعد الموقف اللبناني الأخير في قمة مكة والذي انسجم مع الموقف العربي العام المندد بالسلوك الايراني في المنطقة.

لكنّ قضية إطلاق زكا تكتسب أبعاداً أبعد من ميشال عون وحزب الله، فإيران التي حكمت على هذا الرجل عام 2016 بالسجن عشر سنوات ودفع غرامة 4.2 مليون دولار ورفضت وساطات كبيرة لاطلاقه، لن تقدمه على طبق من فضة لا للرئيس اللبناني ولا لأبرز وكلائها في المنطقة.

لطالما استخدمت طهران السجناء ورقة قوة في أزماتها. وهي نجحت عام 2009 بتدشين مسار سياسي جديد مع وشنطن بإطلاقها سجناء أمركييين مقابل مبلغ قدره مليون ونصف مليون دولار. وفي ضوء تصاعد التهديدات المتبادلة بين إيران وأمريكا في الفترة الاخيرة، عاد الحديث عن ذلك المسار كخطوة أولى على طريق نزع فتيل التوتر الذي تطور تدريجًا منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في شهر أيار 2018 وبلغ مستويات خطيرة في الفترة الاخيرة مع سياسة الضغط الاقصى التي تمارسها الادارة الاميركية ضد طهران. وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أثار الموضوع بوضوح لدى زيارته لنيويورك الشهر الماضي.

ولا يمكن ادراج إطلاق زكا بعد أقل من شهر على تقديم لبنان طلباً في هذا الشأن، الا في هذه الخانة، علماً أن إطلاق زكا تحديداً لا سواه، يحفظ لطهران ماء وجهها ويؤدي الغرض ويوصل الرسالة الإيرانية المبتغاة من دون أن تبدو الخطوة تنازلاً إيرانياً، فهو لبناني ولا يحمل الجنسية الأمريكية، وفي الوقت نفسه تدرج طهران اسمه ضمن المحتجزين الأمريكيين الخمسة، وبعضهم من أصول إيرانية في سجونها باتهامات غامضة. (الخمسة هم: روبرت ليفنسون (عميل فيدرالي سابق)، وشيوي وانغ (باحث أكاديمي)، ومايكل وايت (عسكري متقاعد)، وسيامك وباقر نمازي (ناشطان حقوقيان)، فضلا عن نزار زكا (خبير تقني) وهو لبناني الأصل كان يقيم بصفة دائمة في الولايات المتحدة.)