رجال إطفاء يحاولون إخماد النار في ناقلة نفط في بحر عمان.(أرشيف)
رجال إطفاء يحاولون إخماد النار في ناقلة نفط في بحر عمان.(أرشيف)
الأحد 16 يونيو 2019 / 16:27

إيران تتوهّم بأنها تستطيع الضغط على واشنطن

أشار الدكتور جون هولسمان في صحيفة "ذي اراب نيوز" السعودية إلى أنّه على الرغم من نفيها المتوقع لتورطها في اعتداءات بحر عمان، هنالك القليل من الشك حيال كون إيران هي الجهة التي تقف خلفها، سواء مباشرة أو عبر رعايتها الميلشيات الحوثية. ببساطة، لدى إيران الدافع والأساليب والفرصة لارتكاب الجريمة. ويتصرف الإيرانيون دوماً وفقاً لسبب.

تأمل إيران بسياسة حافة الهاوية أن تجعل نفسها مصدر إزعاج على الساحة الدولية كي تدفع الأوروبيين إلى مطالبة الولايات المتحدة بوقف ضغطها المتواصل على النظام

وشرح هولسمان، وهو كاتب عمود في صحيفة "سيتي أي أم" اللندنية ورئيس شركة جون هولسمان للاستشارات حول المخاطر السياسية، أنه من المنظور الإيراني، ثمة الكثير من الأسباب لشن الهجمات. يصبح الاقتصاد الإيراني الهش مقيداً أكثر من أي وقت مضى بسبب العقوبات الأمريكية وسياسات الضغط الأقصى التي تفرضها إدارة ترامب على طهران.

مفارقة التوقيت
يثير توقيت الهجوم الشبهات بشكل خاص. توجه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الصديق مع ترامب والمحتفظ بعلاقات جيدة مع القيادة الإيرانية إلى طهران في مهمة نزع فتيل التوتر بين الولايات المتحدة وإيران. مهاجمة ناقلة نفط تملكها اليابان خلال محاولة آبي التفاوض حول نوع من التقارب بين الدولتين هي طريقة فعالة للمتشددين في الحكومة الإيرانية – قيادة الحرس الثوري التي تستفيد سياسياً واقتصادياً من النزاع – لعرقلة أي جهد لتخفيف التوتر. لكن على المستوى الاستراتيجي الأوسع، تحظى هذه الأزمة التي تسير ببطء بمنطق معاند.

خشية إدارة ترامب
في 8 مايو (أيار) 2018، قلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإرث الأساسي لسياسة أوباما الخارجية معلناً الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. احتقرت إدارة ترامب الاتفاق وأعلنت أن لا نية لديها لاجتذاب إيران عبر استخدام التجارة ورفع العقوبات من أجل تحفيزها على التصرف كدولة طبيعية ووقف برنامجها النووي. ترى الإدارة الحالية أنّ الاتفاق النووي هو نتيجة خطيرة لأمنيات الإدارة السابقة.
  
لقد خشي الرئيس ومستشاروه الكبار من أنّ مواصلة الاتفاق قد تؤدي إلى تعزيز قوة إيران الاقتصادية فتنتظر الأخيرة مرور جيل واحد، ومن دون الابتعاد عن شروط الاتفاق، لكي تستأنف البرنامج النووي. عندها، سيكون بإمكانها الدخول سريعاً إلى النادي النووي من دون أسئلة كثيرة تُطرح.

ضربة قوية
بعدما صمم على تفادي حدوث ذلك، غيّر البيت الأبيض بشكل درامي السياسة الأمريكية حول إيران معيداً إياها إلى حالة العداء التقليدية التي سادت بعد 1979. فرض ترامب "الضغط الأقصى" على القيادة الإيرانية مهدداً الدول والشركات الأوروبية باحتمال خسارة إمكانية الوصول إلى السوق الأمريكية الواسعة إذا واصلت تعاملاتها التجارية مع إيران. كما أعلن نيته فرض عقوبات على قطاع الطاقة الإيراني برمته والذي يشكل شريان الحياة بالنسبة إلى تلك الدولة.

إنّ تحقق المبادرة الأخيرة حتى ولو بشكل جزئي، سيؤدي إلى تلقي إيران ضربة قوية. مع بطالة تتخطى 12% وتوقع تدهور النمو بـ 1.6% نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بين 2018 و2019 مضافاً إليه تراجع بنسبة 3.8% بين 2019 و2020، ستطرح أي مخاطر اقتصادية إضافية المزيد من الشكوك حول استمرار النظام الإيراني نفسه. يفسر كل ذلك رد إيران المتحدي.

ما هي نتائج الجنون الإيراني؟
تأمل إيران بسياسة حافة الهاوية أن تجعل نفسها مصدر إزعاج على الساحة الدولية كي تدفع الأوروبيين إلى مطالبة الولايات المتحدة بوقف ضغطها المتواصل على النظام المهدد كثيراً. تُصور إيران أن الثمن الواجب دفعه في حال الاستمرار في نبذها سيكون مرتفعاً بشكل متصاعد على مستوى الاقتصاد العالمي، بما أنّه يمكنها عرقلة إمدادات الطاقة العالمية، في وقت تدعي خلاله إنكارها بالتورط في هكذا عمليات. هذه هي سياسة حافة الهاوية من الدرجة الأولى وتؤشر إلى مخاطر سياسية عالمية بارزة في المستقبل المنظور.

على الرغم من أنّ طهران قد تظن أنّ الضغط المضاد سيكون فعالاً مع الصقور المناوئين لإيران في إدارة ترامب، فإن المرجح هو أنّ جنون طهران سيؤكد تفكير الإدارة بأنّ طهران قوة ثورية يجب تدميرها.