لاجئون سوريون في تركيا.(أرشيف)
لاجئون سوريون في تركيا.(أرشيف)
الإثنين 17 يونيو 2019 / 10:40

كيف تذلّ تركيا اللاجئين على أراضيها؟

ذكر الصحافي الإيراني الكردي سيروان منصوري أنّ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومقرها جنيف أسست وأدارت خلال السنوات الخمسين الماضية آليات لحماية الناس الذين يعيشون تحت أيدي الأنظمة القمعية عبر تأمين حق اللجوء السياسي في دول أخرى. وأصبح الشرق الأوسط الذي مزقته الحروب المنطقة ذات العدد الأكبر من طالبي اللجوء حول العالم.

على المجتمع الدولي أن يحمّل أنقرة مسؤولية تعاملها غير المبرر مع أشخاص هربوا من الأخطار في دولهم الأم، فلم يواجهوا سوى الانتهاكات من قبل سلطات تعهدت – وأخذت الأموال – لحمايتهم وإعادة توطينهم

ويضيف منصوري في مقاله الذي نشره معهد "غايتستون إنستيتيوت" الأمريكي أنّ تركيا الواقعة بين الشرق الأوسط وأوروبا كانت واحدة من أوائل الدول التي أنشأت مكتباً إقليمياً للمفوضية سنة 1960 وقد أعطيت حوافز اقتصادية من أجل ذلك. وفي كل عام أعقب سنة التأسيس، حصلت الحكومة التركية على موازنة كبيرة كي تؤمن المساعدات للاجئين.

ظنت أن القضية مربحة مالياً
مع زيادة الاقتطاعات من موازنة المفوضية، أمنت تركيا أموالاً أقل إلى طالبي اللجوء تحت رعايتها. حين اندلعت الحرب الأهلية في سوريا، تدفق عدد هائل من اللاجئين إلى تركيا آتين من سوريا والعراق. في الأساس، بدت تركيا معتقدة أن هذا الوضع يمكن أن يكون مربحاً على الصعيد المالي، بما أنّ الأمم المتحدة ستضطر إلى رفع الموازنة المخصصة لأنقرة. لكن ذلك لم يحدث. في الواقع، تقلصت وبشكل حاد مساعدة الأمم المتحدة للوسطاء الأتراك، مثل صندوق تنمية الموارد البشرية وجمعية التضامن مع طالبي اللجوء والمهاجرين. وفي سنة 2018 تم قطعها نهائياً.

مهن مذلة
دفع ذلك أنقرة إلى تأمين مساعدة أقل مما كانت تقدمه في السابق إلى اللاجئين الذين أتوا إلى تركيا قبل الحرب في سوريا. علاوة على ذلك، إنّ العديد من حصص المفوضية الأممية من أجل إعادة توطين اللاجئين الآتين من دول العالم الثالث والتي كانت تعود سابقاً إلى الإيرانيين والأفغان والعراقيين تم تخصيصها للسوريين. بالنظر إلى أنّ تركيا تحظر على اللاجئين الدخول إلى سوق العمل، يعمد العديد من اللاجئين، ومن بينهم الحائزون على شهادات جامعية، إلى العمل في مهن مذلة. وكي تصبح الأمور أسوأ، يستغل العديد من أصحاب العمل هؤلاء اللاجئين فلا يدفعون لهم مستحقاتهم.

انتهاكات جنسية.. وبيع أعضاء
بما أنه من غير المسموح لهم العمل في المقام الأول، لا يرفع هؤلاء اللاجئون شكاويهم إلى السلطات خوفاً من تغريمهم أو طردهم. ينطبق خوف تقديم الشكوى على اللاجئات أيضاً وهن يتعرضن غالباً للانتهاكات الجنسية على يد أصحاب العمل الأتراك. بما أنّ اللاجئين يعيشون في الفقر واليأس، ومع تعرضهم للتجاهل من الحكومة التركية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ينخرط هؤلاء في سلوكيات معادية للمجتمع مثل الإدمان على المخدرات والسرقة والإتجار الجنسي. وباع العديد منهم أعضاءهم. عوضا عن مساعدة اللاجئين، تقوم الشرطة ومكاتب الهجرة الأتراك، بزرع الخوف في نفوسهم مما يؤدي بهم إلى المزيد من الشعور بالإحباط.

تحت رحمة دولة عدوانية
لجأت المفوضية السامية، وهي الجمعية التي كان يفترض بها أن تدافع عن حقوق اللاجئين، إلى فعل ما يناقض غايتها. لقد وضعت عنايتهم بين أيدي تركيا العدوانية واللامبالية. وجهت المفوضية أقوى ضربة للاجئين غير السوريين في تركيا في 9 سبتمبر (أيلول) 2018، حين أعلنت أنّ "نشاطات تسجيلها للمتقدمين بطلب الحماية الدولية في تركيا (ستنتهي في اليوم التالي) كجزء من نقل مسؤولية تحديد وضع اللاجئين إلى المديرية التركية العامة لإدارة اللجوء". بعبارة أخرى، فوضت الأمم المتحدة جميع طالبي اللجوء في تركيا إلى سلطات الهجرة داخل البلاد نفسها.

لتحميل تركيا المسؤولية

ينهي منصوري مقاله بالإشارة إلى أنّ الأمم المتحدة ربما غسلت يديها من مأساة اللاجئين في تركيا والذين أصبحوا عبيداً افتراضيين، لكن على المجتمع الدولي أن يحمّل أنقرة مسؤولية تعاملها غير المبرر مع أشخاص هربوا من الأخطار في دولهم الأم، فلم يواجهوا سوى الانتهاكات من قبل سلطات تعهدت – وأخذت الأموال – لحمايتهم وإعادة توطينهم.