داعشية فرنسية تمثل أمام محكمة عراقية بتهمة الانتماء إلى داعش.(أرشيف)
داعشية فرنسية تمثل أمام محكمة عراقية بتهمة الانتماء إلى داعش.(أرشيف)
الإثنين 17 يونيو 2019 / 12:35

هل طالب العراق فرنسا بــ 10 مليارات دولار لمحاكمة دواعشها؟

يحاكم العراق مقاتلو داعش الأجانب بعدما تخلت عنهم معظم دولهم. وأشارت بيشا ماجد، صحفية مستقلة تعمل من بغداد، ضمن موقع "فورين بوليسي"، إلى أن فرنسا كانت أول دولة غسلت أيديها من مواطنيها الداعشيين، سواء تلقوا أحكاماً عادلة أم لا.

المحاكمات العراقية كانت بالنسبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمثابة حل صعب لمشكلة مستعصية

وحضرت ماجد جلسة محاكمة لمقاتل فرنسي، يدعى مصطفى مرزوقي، وقف ببدلة السجن الصفراء واحتفظ بهدوئه في بداية الجلسة. وبدت معرفته بالعربية محدودة، وعندما بدأ القاضي استجوابه، ظل صامتاً، ثم أجاب بالفرنسية، قائلاً: "لا داعي لأن أتكلم، فمهما قلت، سوف تحكم عليَّ بالإعدام". وبالفعل، حكم عليه بالإعدام، بعد ساعة.

ولفتت كاتبة المقال لكون مرزوقي هو واحد من 11 متهماً فرنسياً قضت محكمة عراقية بإعدامهم شنقاً خلال محاكمات امتدت من 26 مايو(أيار) حتى 3 يونيو(حزيران). ولكن المتهم لم يعتقل في العراق بل في سوريا، على يد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، خلال آخر المعارك ضد داعش. وكان مرزوقي ورفاقه المتهمون من أوائل الأجانب الذين نقلوا من سوريا إلى العراق ليحاكموا هناك بما يشبه تجارب قضائية لإيجاد حل لمشكلة تواجه عدداً من الدول الأوربية التي هجرها مواطنوها من أجل القتال بجانب داعش. ويرفض الأوروبيون استعادتهم، ولكن ليس لدى قسد السلطة لمحاكمتهم.

تفادي القضية
وبرأي الكاتبة، من شأن نقل أولئك المقاتلين إلى العراق السماح لأوروبا بتفادي القضية، لكن لذلك ثمن، أو بالأحرى رسوم. وتقول مصادر من كلا الجانبين العراقي والأمريكي إن العراق يطالب بأن تدفع له أموال مقابل كلفة محاكمة أجانب. ونقل عن مسؤولين غربيين كبار أن العراقيين يطالبون بدفع 10 مليارات دولار سلفاً كرسوم، بالإضافة إلى مليار دولار تدفع سنوياً لقاء تسلم معتقلين. ونقل عن ثلاثة مسؤولين عراقيين قولهم إنهم سيتقاضون مليوني دولار سنوياً عن كل متهم.

وحسب تقرير لوكالة رويترز، صدر قبل أسبوع، نفت الحكومة الفرنسية تقديم أية أموال. ولكن تقرير الوكالة أشار إلى "ما قاله مسؤول فرنسي لصحفيين بعد زيارة قام بها رئيس الوزراء العراقي لباريس في مايو (أيار) من أن باريس توقعت تلقي طلب رسمي من بغداد، من ضمنه تقدير مالي بما تحتاج إليه للتعامل مع عدد كبير من المقاتلين الإسلاميين".

شكل جديد
وتشير كاتبة المقال لوجود ما بين 800 و1500 أجنبي من دول، بينها فرنسا وبريطانيا وألمانيا محتجزين في سوريا من قبل قوات قسد. وهناك حوالي 450 فرنسياً محتجزين في سوريا. وقال جان شارل بريسارد، رئيس مركز تحليل الإرهاب في فرنسا (CAT)، إنه طالما ظل الرأي العام ممانعاً لعودتهم، سيكون هذا بداية لشكل جديد من الظلم.

وقال بريسارد لموقع فورين بوليسي "أعتقد أن هذه أول موجة من المحاكمات، ونستطيع توقع موجات أخرى في المستقبل. ومن خلال ما نعرفه، جرت المحاكمات بسرعة شديدة، ولم يتوفر وقت كاف للدفاع، بما يخالف قيمنا للعدالة".

مشكلة مستعصية
وترى الكاتبة أن المحاكمات العراقية كانت بالنسبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمثابة حل صعب لمشكلة مستعصية. فقد واجه ماكرون، في نهاية فبراير (شباط) الماضي رأياً عاماً فرنسياً مسكوناً بصدمة هجمات باريس 2015، التي خلفت 130 قتيلاً، ورافضاً لاحتمال عودة أي من عناصر داعش الفرنسيين.

من جهة أخرى، صعدت الولايات المتحدة وقوات قسد ضغوطها من أجل إخراج معتقلين أجانب من منطقتها في شمال شرق سوريا. وقد التقى ماكرون بالرئيس العراقي برهم صالح. وبعد مباحثات طويلة، عقد مؤتمر صحفي مشترك تعهد فيه ماكرون بتعميق الدعم العسكري والاقتصاد للعراق. وأكد صالح أن 13 فرنسياً سينقلون إلى العراق لمحاكمتهم هناك.

في ذات السياق، قالت مريم برنارد، باحثة لدى معهد الأبحاث والدراسات حول العالمين العربي والإسلامي في فرنسا: "أعتقد أنه عند تلك اللحظة في الزيارة الرئاسية، تم إبرام الصفقة بين ماكرون والعراقيين. وقال العراقيون للفرنسيين بوضوح شديد: نحن مستعدون للاحتفاظ بهم، ولكن سيكون ذلك لقاء أموال ودعم، وخاصة بالسلاح والدعم العسكري". وأضافت برنارد: "يعلم وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، أن هذا مجرد تحرك سياسي لأنه يدري بأن الشعب الفرنسي يرفض عودتهم. وتلك طريقة انتقام محددة لدى الكثير من الفرنسيين، الذين يعتقدون أن مقاتلي داعش يستحقون ما يجري لهم بعد كل ما عانيناه".