منشأة نفطية في كردستان العراق.(أرشيف)
منشأة نفطية في كردستان العراق.(أرشيف)
الإثنين 17 يونيو 2019 / 16:26

كردستان العراق يتعافى من نكسة الاستفتاء...هل انتهى حلم الاستقلال؟

أشارت مجلة "إكونوميست" البريطانية المتخصصة في الشأن الاقتصادي والسياسي، لنمو وازدهار اقتصاد كردستان العراق (KRG)، بعد عامين من إجراء استفتاء على استقلال الإقليم، وما تلاه من تداعيات سياسية واقتصادية كارثية.

تسلم موظفو الإقليم رواتبهم كاملة في مارس، لأول مرة منذ ثلاث سنوات. وازدحمت المطاعم ومراكز التسوق بالعائلات، واستؤنفت المدفوعات للمتعاقدين

وتحدث مراسل المجلة عن نشاط مزدهار في المنطقة، وكان شاهداً على عملية إنزال حفارة نفط إلى عمق 3 كيلومترات تحت هضاب خضراء في منطقة خور مور، في كردستان العراق.

ومن داخل كارافان وضع بجوار جهاز الحفر، شهد تاجر نفط كندي، وفريقه من "كريسنت بتروليوم"، شركة مقرها في الإمارات، إشارات أولى إلى وجود غاز في ذلك البئر. وبالفعل، تلبي آبار أخرى حوالي 80% من احتياجات كردستان من الكهرباء. ويتوقع أن تتضاعف تلك الكمية من خلال محطة معالجة مجاورة.

ويقول فلاح مصطفى، وزير النفط في حكومة KRG، إنه بحلول العام المقبل، سيكون بمقدور الأكراد توريد الغاز إلى باقي أنحاء العراق. وسيتبع ذلك، تصدير الغاز إلى أوروبا عبر تركيا، في 2022.

ثقة
وحسب المجلة، تشير تلك الثقة إلى منعطف كبير بالنسبة لأكراد العراق، الذين يتمتعون باستقلال نسبي عن باقي االبلاد. ووصلت درجة الثقة لدى زعماء الإقليم إلى درجة أكبر بكثير في 2017، ما دفعهم للتهور بإجراء استفتاء على الاستقلال حظي بدعم غالبية سكان الإقليم. ولكن الحكومة المركزية في بغداد ردت بطرد الميليشيات الكردية، البشمركة، خارج مدينة كركوك الغنية بالنفط. كما أوقفت دعماً مالياً لحكومة الإقليم، وبمساعدة كل من تركيا وإيران، أغلقت مجاله الجوي وبعض المعابر الحدودية. وتخلى زعماء في الغرب عن الأكراد، وهرب الأجانب من الإقليم. واستقال مسعود بارزاني، من الرئاسة وترك فراغاً في السلطة، ولم يتحقق الاستقلال.

ولكن، كما هو الغاز، يشهد إقليم KRG ازدهاراً. فقد حضر إلى أربيل عاصمة الإقليم، في 10 يونيو(حزيران) ساسة من الحكومة المركزية للاحتفال بتنصب نيجيرفان بارازني، ابن أخ مسعود، كرئيس جديد لـ KRG. وبعثت تركيا وإيران ممثلين لهما. وسينضم إلى الحكومة الجديدة ساسة من المعارضة الكردية، الذين احتجوا على معالجة الحكومة الضعيف للوضع في عام 2017 وهنأ رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، بارزاني الأصغر.
وقال رئيس KRG، عن منصة زينتها أعلام عراقية وكردية: "من الآن فصاعد، نتمنى أن يعم الوئام بيننا".

الانتخابات الوطنية
وحسب "إكونوميست"، يدين الأكراد بعودتهم، في بعض منها، إلى الانتخابات الوطنية التي أجريت في العام الماضي. ولم يشارك العراقيون بقوة في تلك الانتخابات، ولكن الأكراد شاركوا جيداً، وأصبحوا صناع قرار في البرلمان الجديد. كما دعموا عادل عبد المهدي، الذي قاتل في شبابه مع البشمركة، لكي يصبح رئيساً لوزراء العراق. وفي المقابل اختار عبد المهدي فؤاد حسين، وهو مستشار مقرب من مسعود بارزاني، وزيراً لماليته، وأعاد الدعم المالي للإقليم (يصل لأعلى من 12% من ميزانية الحكومة المركزية).

انتعاش
وتلفت المجلة لازدهار شهده اقتصاد كردستان مؤخراً. فقد تسلم موظفو الإقليم رواتبهم كاملة في مارس (آذار) الأخير، لأول مرة منذ ثلاث سنوات. ونظراً لتدفق الأموال، ازدحمت المطاعم ومراكز التسوق بالعائلات، واستؤنفت المدفوعات للمتعاقدين. وواصل عمال بناء طرق سريعة، وأعيد فتح مجال KRG الجوي. ولم تتحقق تهديدات من قبل الحكومة الوطنية للسيطرة على معابر كردية (وفرض عملية ملتوية للحصول على تأشيرة). وانتعشت التجارة مع إيران وتركيا وشمال شرق سوريا، الخاضع لسيطرة أكراد سوريين. ورغم سيطرة الحكومة المركزية على كركوك وحقولها النفطية، فهي تصدر معظم نفطها عبر خطوط KRG، وتدفع رسوم ترانزيت.

دور كبير
إلى ذلك، لعب الأكراد دوراَ كبيراً في صد داعش من 2016-2014، وصدت مدينة كركوك 16 هجوماً نفذه الجهاديون. لكن من جديد تزايدت هجمات داعش داخل وحول المدينة، ولذا تتطلع جالياً قوات أمنية وطنية ثانية لمساعدة الأكراد. واحتفظ الأسايش الأكراد، قوات شرطة، بقواعدهم داخل كركوك، وبدأوا بإحياء شبكاتهم فيها.

ويبدو الوضع في شمال كركوك، وكأن الأكراد لم يغادروها. ورغم شكوى من التعريب، إلا أن تمثالاً هائلاً لجلال الطالباني، زعيم كردي ورئيس أسبق للعراق، وتوفي عام 2017، ما زال يعلو هضاباَ تطل على المدخل الشمالي للمدينة.

تفاؤل رغم تحديات
وحسب المجلة، ما زالت أمريكا تنظر إلى الأكراد كحليف محتمل في حملتها للضغط على إيران، كما كانوا حليفاً في الحرب ضد صدام حسين وداعش.

ورغم كل ذلك التفاؤل، لا يزال كردستان يواجه تحديات، تتعلق خصوصاً بالعلاقات الاقتصادية مع باقي أرجاء العراق التي لم تعد إلى ما كانت عليه قبل الاستفتاء.

وحسب المجلة، توقف الأكراد عن الحلم بالاستقلال، لكن مسؤولين يشيرون إلى الاستفتاء بوصفه خطوة على طريق الاستقلال. وقال أحدهم: "لن نتخلى قط عن مطلبنا بإقامة دولة مستقلة".