غواصة أمريكية.(أرشيف)
غواصة أمريكية.(أرشيف)
الثلاثاء 18 يونيو 2019 / 13:52

مطالب بنشر غواصات أمريكية ذات صواريخ نووية!

سلط الباحثان برادلي بومان وأندرو غابل، الضوء على أهمية الردع الذي تتمتع به الغواصات القادرة على إطلاق صواريخ بالستية نووية منخفضة التأثير. وذكرا في موقع "ديفنس نيوز" الأمريكي أنّ لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب رفضت الأسبوع الماضي وبفارق ضئيل جهود السماح لوزارة الدفاع بنشر هذا النوع من الغواصات خلال دراستها السنوية لمشروع الموازنة.

في وقت تستعد القوات الأمريكية والأطلسية للرد، تعلن موسكو أنّ الهجمات ضد القوات الروسية في تلك الدول سيتم التعامل معها على أنها هجمات ضد روسيا نفسها – في تضمين لرد نووي محتمل

سيؤدي قرار اللجنة إلى صراع مرجح مع مجلس الشيوخ أواخر السنة الحالية، حيث قد تؤثر نتيجته على قوة موسكو المحتملة في استخدام أسلحة نووية منخفضة التأثير في نزاع مستقبلي.

لمواجهة ثغرة مهمة في الردع النووي الأمريكي، على الولايات المتحدة نشر غواصة نووية ذات صواريخ بالستية نووية منخفضة التأثير. طالبت إدارة ترامب لموازنة سنة 2020 تمويل نشر هذه الغواصات لردع استخدام روسيا المحتمل أسلحة نووية من هذا النوع. وقال قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية الجنرال جون هايتن في فبراير (شباط) الماضي، إنّ هذه القدرة كانت "ضرورية لمهمة الردع الاستراتيجي وستعمل على تحرير أي عدو من أوهام الإدراك الخاطئ بأنه قادر على التصعيد وصولاً إلى الانتصار".

تقييم الاستراتيجية النووية الروسية
توصَف موسكو أحياناً بأنها "تصعّد لتخفيض التصعيد"، وهي طورت استراتيجية وعقيدة حربية تشدد على كونها الطرف الأول باستخدام أو التهديد باستخدام هجمات نووية منخفضة التأثير ضد أهداف عسكرية تقليدية. تهدف هذه المقاربة إلى إجبار واشنطن وشركائها في حلف شمال الأطلسي على التراجع والقبول بالمكاسب الجديدة لموسكو والتي حققتها عبر الاعتداء. قيمت مراجعة الوضع النووي لعام 2018 الاستراتيجية النووية الروسية بأنها تزيد فرص "التصعيد وسوء الحسابات الخطير". طرحت لجنة الدفاع الاستراتيجي الممثلة للحزبين سيناريو تستخدم خلاله موسكو تقارير كاذبة عن أعمال وحشية ضد السكان الروس في أستونيا ولاتفيا وليتوانيا لتبرير اجتياحها هذه الدول الأطلسية تحت ستار مهمة "حفظ السلام".
  
هل تلغي الهدف التأسيسي للناتو؟
يتضمن السيناريو وفقاً للجنة أنّه "في وقت تستعد القوات الأمريكية والأطلسية للرد، تعلن موسكو أنّ الهجمات ضد القوات الروسية في تلك الدول سيتم التعامل معها على أنها هجمات ضد روسيا نفسها – في تضمين لرد نووي محتمل". إنّ الوقائع والحذر لا تسمح باستبعاد استخدام موسكو لهذه الأسلحة. سيُجبر قادة الناتو على اتخاذ قرار في ما إذا كانت روسيا منخرطة بخداع نووي. إذا كان الخوف من احتمال استخدام روسيا هذا السلاح سيمنع رداً أطلسياً، فسيكون الرئيس الروسي قد حقق هدفه الاستراتيجي الكبير منهياً الناتو كتحالف دفاعي جماعي. لكن إذا قرر الناتو الالتزام بالمادة الخامسة من المعاهدة والرد عبر إرسال قوات تقليدية لدحر الجيش الروسي خارج أراضيه فقد تشعر موسكو بإغراء استخدام السلاح.

سيناريو بعيد الاحتمال؟

يبدو مؤكداً أنّ بعض المخططين العسكريين الروس سيفترضون أنّ واشنطن لن تخاطر بحرب نووية عالمية عبر استخدام أسلحة نووية ذات تأثير عال مما يرفع احتمال إطلاق موسكو هجوماً نووياً منخفض التأثير في المقام الأول. قد يظهر أنّ هذا السيناريو بعيد الاحتمال وفظيع جداً كي يفكر فيه عدد من الأمريكيين، لكن مراجعة العقيدة والاستراتيجية النووية الروسية توضح أنّ الكرملين ينظر إلى الأسلحة النووية بشكل مختلف. كما تؤكد مراجعة الوضع النووي، أنّ "موسكو تهدد وتمارس استخداماً أولاً للقوة النووية المنخفضة التأثير". باختصار إنّ بناء السياسة الدفاعية على افتراض أنّ موسكو لن تستخم هذه الأسلحة سيكون خطيراً وغير مضمون.

حجج واهية
يجادل النقاد بأنّ نشر هذه الصواريخ النووية على الغواصات من شأنه أن يشعل أو يفاقم سباق تسلح نووي. لكنّ موسكو اتخذت خطوات ملموسة نحو هذا السباق. بدأ الكرملين تحديثاً شاملاً وعدائياً لترسانته النووية منذ سنوات. اليوم تملك روسيا مخزوناً من 2000 سلاح نووي غير استراتيجي. السؤال هو في ما إذا كانت واشنطن سترد بتناسب لحماية الأمريكيين أو تمتنع أحادياً عن الرد وتتجاهل النشاطات النووية الروسية.

يدعي آخرون بأنّ هذه الغواصات غير ضرورية لأن واشنطن تملك إمكانات نووية جوية منخفضة التأثير. يتجاهل هذا البرهان الإمكانات الدفاعية الصاروخية والجوية المتزايدة لدى موسكو وكذلك التحديات الفريدة التي ستفرضها هذه الغواصات على المخططين العسكريين الروس.

ويشير النقاد إلى أنّ نشر أسلحة نووية محدودة التأثير على الغواصات سيرفع احتمالات اندلاع حرب نووية. في الواقع، سيسمح هذا النشر للولايات المتحدة بالرد بطريقة أكثر فاعلية على المستوى النووي نفسه من التصعيد. من دون هذه الغواصات، يمكن أن تضطر واشنطن إلى الاعتماد على أنظمة تسليم نووي ذات مكامن ضعف أو ألا ترد بالأسلحة النووية على الإطلاق أو قد تضطر لاستخدام رأس نووي أكبر.

أعظم خطر
استناداً إلى تقدير روسي بوجود تلكؤ لدى واشنطن بالمخاطرة باندلاع حرب نووية، قد تعتقد موسكو بأنّ أسلحة نووية تكتيكية يمكن ألا تستدعي رداً نووياً فعالاً من قبل واشنطن. هذا الاعتقاد معطوفاً على عدم نشر هكذا غواصات، يمثل أعظم خطر لتزايد احتمال حرب نووية. اليوم ثمة توافق أمريكي بين الحزبين على الحاجة الملحة للأمن القومي لتحديث قوة واشنطن النووية الثلاثية وأنظمة التواصل والإمرة والسيطرة المرتبطة بها. يجب أن يتضمن هذا الإجماع ضمان ألا يترك الردع النووي الأمريكي أي شك لدى أعداء واشنطن بأن هجوماً نووياً منخفض التأثير سيترك رداً مناسباً وقاسياً.