الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.(أرشيف)
الخميس 20 يونيو 2019 / 14:01

ما تداعيات عدم احترام أردوغان نتائج انتخابات اسطنبول؟

حلل المسؤول السابق في مكتب الخدمة الخارجية الأمريكية إدوارد ستافورد نتائج الاحتمالات الأربعة التي قد تفرز صناديق الاقتراع أياً منها في انتخابات اسطنبول البلدية الأحد المقبل. يشير الاحتمالان الأولان إلى فوز واضح إمّا للمعارض أكرم إمام أوغلو وإمّا للموالي بن علي يلدريم. في الاحتمال الثالث، يفوز إمام أوغلو لكن أردوغان وحزب العدالة والتنمية يطعنان بالنتيجة، بينما يظهر الاحتمال الرابع فوز يلدريم بطريقة مثيرة للجدل ويواجه اتهامات بالتزوير.

كان على الدول الغربية وضع رد موحد على انتخابات مزورة وتوجيهه بثقة إلى الحكومة التركية قبل التصويت لمنع حدوث التزوير

وفي موقع "أحوال" التركي، كتب ستافورد أنّه إذا كرر إمام أوغلو نتيجة الفوز أو حقق أفضل منها الأحد، فسيعمد قادة الدول الديمقراطية إلى الإشادة فوراً بنزاهة المسار الانتخابي أو إلى تهنئة إمام أوغلو بعبارات موزونة لتفادي توجيه الانتباه إلى الخسارة المحرجة للرئيس التركي. في كلتا الحالتين، ستوجه هذه الدول رسالة لَبِقة إلى الحزب الحاكم لاحترام النتائج، بينما على الأرجح لن تقول الدول المتسلطة وغير الديموقراطية سوى القليل أو ستحوّر فوز المعارضة إلى برهان على المؤهلات الديموقراطية لصديقها العزيز أردوغان.

فوز يلدريم
إذا فاز يلدريم في مسار وُصف بأنه حر ونزيه، ستكون الردود الأجنبية خافتة. لكنّ روسيا ودولاً أخرى قليلة شبه ديموقراطية أو تسلطية ستشيد بنجاح أردوغان وحزبه وتهنئ يلدريم. على الأرجح، ستقيد الحكومات الديموقراطية بياناتها بعبارات مألوفة حول احترام إرادة الشعب التي يتم التعبير عنها بحرية، لكن قد تلجأ دول إلى تلميحات مواربة عن وجود مسار انتخابي منحرف.

أوغلو يفوز وأردوغان يطعن
في الاحتمال الثالث، قد يفوز إمام أوغلو بهامش ضيق فيطعن الحزب الحاكم بالنتيجة مجبراً المدينة على التوجه إلى انتخابات ثالثة. سيدفع هذا الخيار الحكومات الأجنبية إلى انتقاد حزب العدالة والتنمية كما اللجنة العليا للانتخابات. وستقارب الدول الديموقراطية خطوة كهذه على أنها تلاعب فاضح بالمسار الانتخابي من قبل الحزب الحاكم. سيبعد استمرار غياب الاستقرار المستثمرين الأجانب عن البلاد، باستثناء المستثمرين من روسيا الذين يرون في هذا الأمر فرصة لزيادة اعتماد تركيا على البترو-روبل. وستخفض وكالات التصنيف مستوى الائتمان التركي بشكل بالغ، فيما ستزداد التشققات داخل الحزب الحاكم، مع ابتعاد من لا يزالون يؤمنون بقدسية الانتخابات الحرة والنزيهة عن أردوغان والمحسوبين عليه.

يرى الكاتب أنّ هذا الاحتمال غير مرجح لأنّ أردوغان وحزبه لن يكسبا سوى القليل أو قد لا يكسبان أي شيء حتى، سوى تأجيل المحاسبة السياسية بينما سيتكلفان كثيراً عبر سرقة واضحة تماماً للانتخابات من خلال التزوير. يجب على أردوغان البراغماتي أن يدرك أنّ أكلاف هذا السيناريو تتخطى بكثير أي منفعة في تأجيل القبول بإرادة الناخبين.

الاحتمال الرابع

ثمة احتمال أكبر بأن يتم التلاعب بالأصوات عبر منع داعمين لأوغلو من الإدلاء بأصواتهم وفقدان عدد من أوراق الاقتراع والتلاعب باحتساب الأصوات. ستقوم الخدعة على اللجوء إلى هذه الأساليب عبر طريقة تسهّل إنكار أنّها حصلت مما يؤمّن للجنة العليا للانتخابات فرصة إعلان فوز يلدريم. إنّ فوزاً غير مستحق ليلدريم سيفرض تحدياً كبيراً على القادة الأجانب خصوصاً في الدول ذات التقاليد الديموقراطية العريقة. في هذا الوقت، ستقوم روسيا والصين ودول تسلطية أخرى بدعم يلدريم.

سكوت أم إدانة؟
سيكون المراقبون والسياسيون الغربيون أمام حالة صعبة عند التفكير في ما إذا كان يجب إدانة ما حدث أو السكوت عنه. لتبرير احتمال أي تأجيل في انتقاد انتخابات مزورة، من المحتمل أن يذكروا وجود حاجة لاستقرار حليف في الناتو وأنّ تركيا كدولة ذات موقع استراتيجي تمنع موجات اللاجئين والجهاديين المتطرفين من الوصول إلى أوروبا. وسيذكرون أيضاً أنّ البلاد هي شريك تجاري يعاني من ضغط اقتصادي ملحوظ ومجتمع مستقطب بقوة تحت حكم أردوغان ورؤيته. لن يكون هنالك إجماع حول كيفية رد الغرب أو على الأقل الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة على سرقة مرجحة لكن غير مبرهنة لحق الملايين من ناخبي اسطنبول.

بين بروكسل وواشنطن
كان على الدول الغربية وضع رد موحد على انتخابات مزورة وتوجيهه بثقة إلى الحكومة التركية قبل التصويت لمنع حدوث التزوير. ولم ينف الكاتب احتمال أن تكون هذه الدول قد قامت بذلك فعلاً. لكن ما هو أكثر ترجيحاً بالنسبة إليه، قيام هذه الأطراف الثلاثة بالتعبير فردياً عن رغباتها أو توقعاتها بأن تسمح تركيا بقيام انتخابات حرة ونزيهة، لكن من دون تنسيق الرسائل بينها مما يخفف من تأثيرها.

سيقول الاتحاد الأوروبي الكثير، لكن مسار العضوية المحتضر والذي لن يعيد تحريكه أحد في الوقت القريب، سيعطي بروكسل القليل من النفوذ. من المرجح صدور انتقادات علنية من المنظمات غير الحكومية في أوروبا، بينما لن تتخذ غالبية الحكومات الأوروبية المهتمة بالتجارة وتدفق اللاجئين والتعاون في مكافحة الإرهاب سوى تحرك جوهري ضئيل.

تبقى واشنطن مركزة على العلاقات بين تركيا وروسيا وإيران فيما لم تظهر إدارة ترامب ميلاً للتدخل أو حتى للتعليق على الشؤون الداخلية للدول في غياب تأثير واضح ومباشر على المصالح الأمريكية. والقضية الأخيرة حول صفقة أس-400 وأف-35 تترك مجالاً ضيقاً للمزيد من التعبير عن الامتعاض من أنقرة.

فقدان الحكمة
حتى بغياب رد غربي موحد، ستكون تركيا غير حكيمة إذا لم تحترم قرار الناخبين. ستترك التداعيات الاقتصادية ألماً دائماً للشعب التركي، فيما ستتضرر ثقة الأتراك بالمسار الانتخابي بشكل قد لا يكون بالإمكان العودة عنه. إذا لم يحترم أردوغان نتائج إعادة الانتخابات في اسطنبول، سواء عبر إعطاء رئاسة البلدية ليلدريم الراسب أو عبر إجراء انتخابات أخرى، فقد تنضم تركيا إلى عصابة الدول التسلطية حيث يضع الحكام رغباتهم الشخصية فوق إرادة المواطنين. وطالب ستافورد في النهاية الحكومة التركية بوجوب احترام صندوق الاقتراع في الثالث والعشرين من هذا الشهر لمصلحة المواطنين بما أنّ هذه الانتخابات ستكون جوهرية وذات تداعيات واضحة على البلاد.