غلاف كتاب مملكة آدم  (أرشيف)
غلاف كتاب مملكة آدم (أرشيف)
الخميس 20 يونيو 2019 / 20:17

"مجموعة السعينيات" في تكريم أمجد ناصر

الأمر كاملاً كان يشبه الدخول في حقبة من الزمن الخاص، بينما أمجد القوي الشجاع يتحدث عن نجمة فلسطين التي تهتدي بها القبائل وتسعى نحوها

بدا الأمر وكأنه استعادة هادئة وغير مقصودة لحقبة نهاية السبعينيات ومطلع ثمانينيات القرن الماضي، الشعراء والكتاب الذين غادروا عمان خلسة في تلك الأيام تاركين بيوتاً وشقيقات وأخوة وراء بوابات مواربة، وسلكوا دروباً جانبية في طريقهم نحو بيروت مسرنمين كما لو أنهم ينفذون حلماً، يعودون مكللين بالشيب والذكريات يميلون تحت عبء التذكر وهم يصعدون في المصعد الحديث نحو الطابق العلوي في الفندق حيث القاعة التي ستستقبل حفل تكريم الشاعر الأردني "أمجد ناصر/ يحيى النميري النعيمات".

سيوقع أمجد خلال الحفل كتابه الجديد "مملكة آدم" ويتلقى أوسمة التكريم من ضفتي نهر الأردن، الذي وصفه مبكراً بـ"المهر الأسرع في القطيع"، وسيصغي إلى كلمات أصدقائه الذين وصلوا من مختلف مناطق الأردن، ومن الضفة الغربية للنهر.

الجزء الأول من الاحتفال الذي نظمه "مركز دراسات القدس" خصص للجانب الرسمي الذي شمل تكريماً فلسطينياً وأردنياً عبر وزيري الثقافة في البلدين، بينما الجزء الثاني لكلمات الأصدقاء، والثالث لتوقيع الإصدار الجديد للشاعر.

الشاعر زهير أبو شايب حرك المفاتيح في استدارة عميقة عندما تحدث في تقديمه عن "جيل السبعينيات" الذي انصهر في التجربة بجسده، هنا سيحرك الستائر والأبواب أيضاً.

غالباً ما ارتبط هذا الجيل، السبعينيات، من الشعراء، والذي ضم تجارب متعددة وهامة، من لبنان والعراق، وسوريا، ومصر، غالباً ما ارتبط في مخيلتي بـ "جيل الـ 27" في إسبانيا، الذي ضم أسماء مؤثرة مثل فردريكو لوركا، ورفائيل البيرتي، وميغيل ايرنانديث، الذي حمل اسم "الجيل" رغم افتقاره للشروط "العمرية" و"التوجه" التي تعرف "الجيل"، إذ ضم شعراءً وكتاباً من أعمار مختلفة، واتجاهات مختلفة، وجغرافية متنوعة، يمكن اعتبار بابلو نيرودا، وبورخيس ضمن هذا الجيل، ولكنه استطاع أن يطرح فكرة التغيير والانفتاح على الحداثة القادمة من التجارب الأوروبية، وترك تأثيراً ونفوذاً قويين في العقود اللاحقة على الأدب المكتوب بالإسبانية، الفكرة التي جمعت هذه التجارب كانت هي نقل الشعر من التحليق فوق الحياة إلى المشي في أحداثها، إلا أن هذه التجارب، رغم رؤيتها المتقاربة، تميزت باختلاف أساليب كل تجربة وقدرتها على تحويل التأثيرات إلى منتج أدبي متعدد المضامين، ولعل غياب وحدة الأسلوب، وتعدد الرؤى، هو ما يفسر تسميتهم لدى كثير من النقاد والباحثين بـ "مجموعة الـ27" بدلاً من جيل 27.

جيل السبعينيات كان يشبه هذا الجيل إلى حد كبير، الاختلاف والتنوع والبحث عن التغيير من خلال الانفتاح على الحداثة والتجارب والاقتراحات الجمالية القادمة من خارج الصندوق، عبر أساليب متعددة تحمل هويات شخصية لشعراء تعددت مصادر ثقافتهم وتأثيرات هذه المصادر، وهو ما انسحب بقوة على عقد الثمانينيات، وترك أثره في الجيل اللاحق، تبدو تسمية "مجموعة السبعينيات" أكثر دقة الآن من "الجيل".

في قاعة الفندق الواسعة تلك، بدا كأن أمجد ناصر يمسك دولاب الزمن، ويعيد في مشهد متصل بالأبيض والأسود وصول تلك الكتيبة الشجاعة من الشعراء إلى بيروت، حيث تدور حرب أهلية مشوشة تماماً، الشبان الذي وصلوا مدينة الحرب والفن الغريبة بشعور مسترسلة طويلة، وأحلام تغيير العالم وترويض الأسلحة، وإلقاء القصائد من النوافذ المنخفضة على المارة.

الأمر كاملاً كان يشبه الدخول في حقبة من الزمن الخاص، بينما أمجد القوي الشجاع يتحدث عن نجمة فلسطين التي تهتدي بها القبائل وتسعى نحوها، النجمة التي دونها، كما يقول، سنفقد الوجهة والطريق.