الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي.(أرشيف)
الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي.(أرشيف)
الأحد 23 يونيو 2019 / 20:23

ازدواجية الخطاب الإسلاموي

يدعون إلى الخروج على الحاكم في مصر، ويحرمونه في تركيا. وينادون بالحرية لمئات السجناء في مصر، ويتناسون عشرات الآلاف من معتقلي تركيا. ما المعيار؟

الخطاب الإسلاموي الذي حرك الجماهير للثورة، وأغواها حيناً من الدهر خطاب هشّ، تنبع هشاشته من تناقضه وازدواجية نظرته في المواقف والأحداث. ومن العجب أن هذا الضعف في الخطاب يخفى على عقول كثير من جماهير الأمة. فحين تظهر التبعية والحزبية يغيب العقل.

يقول الناصح الحكيم: "اقرأ كي لا يصدأ عقلك". هنا مجموعة من القضايا نضعها بين أيدي من يريد أن يحلل مكونات الخطاب ويستجلي دوافعه. وهذه مجموعة من التأملات لمخاطبة العقل.

حين تجرأ حسن البنا في عشرينيات القرن الماضي وأتى بخطاب وفهم جديد للإسلام، سمي الإمام المجدد! أما حين يتحدث عالم هنا وعالم هناك داعين إلى إعادة قراءة للتراث الإسلامي فيوصفون بأنهم معاول هدم في الإسلام. فكيف يفهم ذلك؟

يحرم تنظيم الإخوان المسلمين على أعضائه الخروج من البيعة التي أعطوها للمرشد، متناسين أن هذه البيعة جاءت سراً وغدراَ ببيعة ملزمة كانت منعقدة لولي الأمر. فأين المنطق؟

ينادي أصحاب تيار الإسلام السياسي بالديمقراطية ويتخذونها سلماً للوصول للحكم، وما أن يصعدوا السلم ويتربعوا على الكرسي حتى يدفعوا السلم ويحكموا بالعصا والترهيب. فهل هذا منصف؟

يدعون إلى الخروج على الحاكم في مصر، ويحرمونه في تركيا. وينادون بالحرية لمئات السجناء في مصر، ويتناسون عشرات الآلاف من معتقلي تركيا. ما المعيار؟

تشترك تركيا والمالديف بأنهما دولتان إسلاميتان، وهما وجهتان سياحيتان عالمياً. دعاة ووعاظ الحركات الإسلامية روجوا لتركيا وامتدحوا السياحة فيها ودعوا لاتخاذها بديلاً عن السفر لبلاد الكفار. لكنهم لم يفعلوا الشيء نفسه في المالديف. لماذا؟

لقي الفلسطيني المعتقل في السجون التركية زكي مبارك حتفه، تحت التعذيب كما يظهر أو منتحراً كما تقول الرواية الرسمية لكن ملفه سرعان ما طوي ولم تتحدث عنه المنظمات الحقوقية التابعة للإخوان. ووافى الرئيس المصري السابق محمد مرسي أجله وهو في المحكمة بين زملائه إثر ذبحة قلبية لكن منظمات حقوق الإنسان أصرت على أنها عملية قتل. لماذا؟
إنها مواقف يومية، يستطع المتأمل تلمسها وسواها بكل سهولة. ويبقى السؤال كي يحرك التفكير ويستجلب التنوير.