النيران تشتعل في ناقلة نفط  بعد الهجوم عليها في بحر عمان (أرشيف)
النيران تشتعل في ناقلة نفط بعد الهجوم عليها في بحر عمان (أرشيف)
الإثنين 24 يونيو 2019 / 12:26

لماذا تستفز إيران ترامب؟

يعود السبب الحقيقي لاستفزاز إيران للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى رغبتها في العودة إلى طاولة المفاوضات، حسب راي تقية، زميل بارز لدى مركز حسيب صباغ التابع لمجلس العلاقات الخارجية.

إذا أبدى روحاني رغبة بالدخول في محادثات مع أمريكا، فإن خامنئي سيعرب عن ريبته علناً، فيما يسمح بإجراء المفاوضات

وأشار تقية، عبر موقع "بوليتيكو" الأمريكي، إلى الاستفزازات الأخيرة لطهران، بدءاً من إعلان نيتها خرق الصفقة الإيرانية، بتجاوز حدود تخصيبها لليورانيوم، وصولاً لمهاجمتها ناقلات نفط في الخليج، وفق اتهامات إدارة ترامب، وإسقاطها طائرة أمريكية دون طيار.

ويقول تقية إنه عبر دراسته طيلة عشرات السنين للنظام الإيراني، يعتقد أن إيران لا تريد الدخول في حرب مع أمريكا، بل على الأرجح تسعى للتفاوض مع واشنطن، بدعوى أنها طرف قوي صمد في وجه استراتيجية أقصى ضغط أمريكي.

تبرير
ويرى كاتب المقال أنه قبل التفاوض مع الولايات المتحدة، تحتاج إيران إلى قصة نجاح. ووفرت أحداث الأيام الأخيرة، التي هددت فيها إدارة ترامب بمواجهة عسكرية، قبل تراجعها، لطهران تبريراً للدخول في محادثات مع واشنطن المعاقبة، حسب الرواية الإيرانية.

وحسب الكاتب، وعند متابعة تطور تلك الرواية، يوم الجمعة الماضي، بعد ساعات من إيقاف ترامب للغارات، ادعت المنصات الإيرانية جتحقيق الانتصار. وأكد خطيب صلاة الجمعة النافذ في طهران، علي أكبري أن "الأعداء يدركون أنهم إذا بدأوا الحرب فلن ينهوها".

وتفاخر الجنرال حاجي علي زاده، من الحرس الثوري بأن إسقاط طائرة تجسس أمريكية كان أمراً في غاية السهولة" لكننا لم نُسقطها".

واقع أكثر تعقيداً
ولكن الواقع، في رأي كاتب المقال، أكثر تعقيداً من تأكيدات إيران عن نجاح يحسب لها. فمن ناحية أولى، ألغى البيت الأبيض الصفقة النووية دون أن يكون معزولاً دولياً. ثم تمكن من كسب دعم عدة أطراف لعقوباته الاقتصادية، وانصاعت شركات أوروبية لمطالب أمريكية رغم معارضة ديبلوماسيين وساسة أوروبيين.

وحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، سيتقلص إجمالي الدخل القومي الإيراني، بسبب العقوبات، 6٪ فيما سيرتفع التضخم إلى قرابة 50٪.

واشترط وزير الخارجية الأمريكي  تلبية 12 طلباً من أجل معاهدة نووية جديدة مع إيران، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لن تتصدى لأسلحة إيران النووية فحسب، بل وكذلك لميلها إلى الإرهاب والتخريب في المنطقة.

وفي نهاية المطاف، نجحت الإدارة الأمريكية في تحقيق تقدم عبر خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر.

مكاسب
وبمعنى آخر، يرى الكاتب أن لدى إيران الكثير مما يمكنها كسبه في المفاوضات مع الولايات المتحدة، عوض الاستمرار في المواجهة.

ويرى ديبلوماسيون إيرانيون، من الذين يعتقدون أنهم خرجوا رابحين من محادثات مع إدارة أوباما، أنهم إن دخلوا أي غرفة مفاوضات، فإنهم يستطيعون بسهولة إرهاق محاوريهم.

لكن القيادة الإيرانية التي أكدت لشعبها طوال عامين، أنها لن تجري محادثات مع ترامب العدواني، تحتاج إلى قصة نجاح لتبرير تحولها. ولا يستطيع النظام الدخول في مفاوضات طرفاً أنهكته عقوبات أمريكية.

ولذلك يعتقد الكاتب أن طهران اختارت استراتيجية أكثر خطورة بزيادة الضغط على أمريكا مع التقليل من مطالبها قبل استئناف المحادثات النووية.

ويلفت الكاتب إلى تصعيد اتبعته طهران بداية بإعلانها إعادة التفكير في التزاماتها النووية، ثم مهاجمتها ناقلات نفط في مضيق هرمز، وفق اتهامات إدارة ترامب، وصولاً إلى إسقاط الطائرة الأمريكية.

غص زيتون
وعند النظر عن كثب لما جرى في الأسابيع القليلة الماضية، يشير الكاتب إلى تلويح روحاني ووزير خارجيته، جواد ظريف، بغصن زيتون، إذ كف روحاني عن الإصرار على عودة أمريكا إلى الصفقة النووية شرطاً مسبقاً لإجراء محادثات.

وحذر ظريف ترامب قائلاً: "عارضت في حملتك الانتخابية تدخلات حمقاء مكلفة. لكن فريقاً من أنصار الحروب والجزارين يخططون لشيء ما كنت لتتمناه".

وألمح ظريف إلى أن ترامب قادر على أن يكون رجل دولة، إذا تخلى عن مساعدين متهورين يخدعونه للدخول في حرب.

قراءة خاطئة
وفي رأي الكاتب، يوحي بعض خبراء السياسة الخارجية أحياناً بمعارضة المرشد الأعلى علي خامنئي لأي محادثات، وأنه لن يسمح لديبلوماسييه بالمشاركة في محادثات جديدة مع الولايات المتحدة.

ولكن هذه القراءة، خاطئة لخامنئي، الذي ينتقد عادة المحادثات علناً، ويدعمها سراً. ولم تكن المحادثات مع إدارة أوباما لتتم دون موافقته.

وهذا يعني، حسب الكاتب، أنه إذا أبدى روحاني رغبة في المحادثات مع أمريكا، فإن خامنئي سيعرب عن ريبته علناً، فيما يسمح بالمفاوضات. وتلك وسيلة مريحة للمرشد الأعلى ليتبرأ من محادثات مثيرة للجدل مع الولايات المتحدة، ويكون على روحاني التعامل مع أي رد فعل سلبي سياسي.

إلى ذلك يرى الكاتب أن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران قادمة، وما على إدارة ترامب سوى التمسك بضوابط بومبيو.