رئيس بلدية إسطنبول المنتخب أكرم إمام أوغلو (أرشيف)
رئيس بلدية إسطنبول المنتخب أكرم إمام أوغلو (أرشيف)
الثلاثاء 25 يونيو 2019 / 12:50

هزيمة أردوغان في اسطنبول تطلق دينامية جديدة في تركيا

يرى سركان دميرطاش، كاتب رأي لدى صحيفة "حريت" التركية، أن نتيجة إعادة انتخابات بلدية اسطنبول تؤشر لبداية مرحلة مختلفة بالنسبة للسياسات التركية.

هذه النتيجة في اسطنبول سوف تشجع غول وباباجان لتسريع نشاطاتهما لإضفاء الطابع المؤسسي على حركتهما

ويعتقد دميرطاش أن تلك النتيجة كانت شبه مؤكدة ليلة 6 مايو (أيار)، عندما ألغى المجلس الأعلى للانتخابات(YSK) نتائج انتخابات 31 مارس(آذار)، وبالتالي إلغاء فوز مرشح المعارضة، أكرم إمام أوغلو، تلبية لمطالب حزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP) وحزب الحركة القومية (MHP).

تغيير مواقف
ويثبت تزايد الفارق بين إمام أوغلو ومرشح AKP بن علي يلدريم أن بعضاً ممن صوتوا لصالح الأخير في انتخابات مارس(آذار)، غيروا موقفهم يوم الأحد. وبهذه الطريقة رفع إمام أوغلو عدد المصوتين لصالحه بأكثر من نصف مليون صوت، في أقل من ستة أسابيع.

وأما النقطة الثانية المهمة، حسب الكاتب، فتعود لشدة التخبط من جانب حزب AKP عندما يتعلق الأمر بإيجاد سياسات واستراتيجيات جديدة لتغيير وجهات نظر الناس. وعلى سبيل المثال، لوحظ أن الخطوة الكردية الأخيرة كانت مدمرة للغاية.

ويشير الكاتب لعدم جدوى رسالة بعث بها الزعيم الكردي المعتقل عبد الله أوجلان قبل الانتخابات، حيث دعا الناخبين الأكراد لالتزام الحياد. لكن على نقيض ذلك، سببت الرسالة انشقاق بعض الأصوات القومية بينما عززت وقوف أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) إلى جانب إمام أوغلو. وترافق تدهور الأوضاع الاقتصادية، مع تدني مستوى سيطرة وصياغة AKP للرأي العام لدرجة أقرب إلى العدم.

أسباب الهزيمة
ويسعى كلا المعسكرين، إلى تحالف الشعب المكون من حزبي AKP و MHP، وتحالف حزب الشعب الجمهوري (CHP) وحزب الخير (IYI)، لتفسير نتائج انتخابات اسطنبول من منطلق وجهتي نظرهما وإنجازاتهما المستقبلية.

ومن المؤكد، برأي كاتب المقال، سيعمل حزب AKP وزعيمه رجب طيب أردوغان على البحث عن أسباب هذه الهزيمة في اسطنبول، للمرة الثانية في أقل من ثلاثة أشهر. وتمثل اسطنبول، بأكثر من 10 مليون ناخب، خمس سكان تركيا، وتقدم صورة تفيد أن أي نمو لتيار سياسي في هذه المدينة سوف يتردد صداه في باقي أنحاء البلاد.

تعامل جدي
ويضاف إليه، حسب الكاتب، ينبغي على أردوغان التعامل بجدية أكبر مع رئيس بلدية اسطنبول، أكرم إمام أوغلو وحزبه الشعب الجمهوري. ويتشابه فوز إمام أوغلو في إسطنبول في انتخابات 2019، في عدد من النواحي مع ارتقاء أردوغان كسياسي شاب ديناميكي لمنصب عمدة المدينة المنتخب في عام 1994. وقد أظهر إمام أوغلو، خلال الأشهر الست الأخيرة، بأنه شاب قوي وحكيم وديناميكي وهادئ ومعسول الكلام، فضلاً عن انفتاحه على جميع الفئات السياسية والاجتماعية المختلفة.

وكان أول تصريح لإمام أوغلو ليلة الأحد هام في هذا السياق. فقد أرسل دعوة مفتوحة لرئيسه أردوغان، أبدى فيها استعداده لحل مشاكل عاجلة في المدينة. وقد أخذ التحالف الوطني هذه الشراكة ويرجح أن يواصل استثمارها في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2023، إن لم يكن قبل ذلك.

مشكلة أخرى

ووفقاً لكاتب المقال، سيواجه أردوغان مشكلة جدية أخرى في حال قرر منشقون من أمثال عبد الله غول وعلي باباجان وأحمد داوود أوغلو تشكيل حزب سياسي واجتذاب عدد من البرلمانيين من حزب AKP. ويعتقد أن هذه النتيجة في اسطنبول سوف تشجع غول وباباجان لتسريع نشاطاتهم لإضفاء الطابع المؤسسي على حركتهم.

وبالنظر لاحتمال مواجهة الاقتصاد التركي مجموعة جديدة من العقوبات الأمريكية بسبب نشر منظومة S-400 الصاروخية الروسية، ستجد جميع تلك الحركات السياسية البديلة فرصاً أفضل، لأن يصغي إليها الجمهور التركي.

عهد جديد
وبرأي كاتب المقال، ساعدت هذه العملية كمال قليتشدار أوغلو، زعيم حزب CHP، وميرال آكسندر، من حزب IYI لتعزيز مقاعدهما. ودعم هذا النموذج من التحالف المعارضة أكثر مما حققه الثنائي AKP- MHP بحيث قد تنضم إليه أحزاب معارضة مثل HDP وحزب السعادة.

وكنتيجة لانتخابات يوم الأحد، انتخب إمام أوغلو رئيساً لبلدية اسطنبول بنسبة تقارب 55% من أصوات ناخبي المدينة، وهي من أعلى الأرقام التي سجلتها المعارضة في أية انتخابات أخيرة. ولكونه صاحب مقولة "من يربح اسطنبول، يربح تركيا"، تعرض أردوغان لإحدى أكثر هزائمه إيلاماً خلال مسيرته السياسية الطويلة.

وبرأي الكاتب، هذه إشارة جديدة، لكنها تدل على بداية عهد جديد مختلف في السياسات التركية. ورغم أنه من السابق لأوانه طرح فرضيات عما سيحدث لاحقاً، ليس من باب المبالغة القول بأن لا شيء سيبقى كما كان.