رئيس بلدية اسطنبول المنتخب أكرم إمام أوغلو (أرشيف)
رئيس بلدية اسطنبول المنتخب أكرم إمام أوغلو (أرشيف)
الثلاثاء 25 يونيو 2019 / 12:29

أردوغان بين خسارة اسطنبول أو الشرعية.. خسرهما كليهما

أشار الصحافي توماس سيبرت المقيم في تركيا إلى أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عانى من أشد هزيمة في مسيرته السياسية بعدما هزمت المعارضة حزبه في انتخابات رئاسة البلدية في اسطنبول. ونقل عن الصحافي التركي البارز قادري غورسل وصفه النتيجة بأنها "تغيير سياسي تكتوني".

للمرة الأولى منذ مجيء حزب العدالة والتنمية إلى الحكم سنة 2002، لم يواجه أردوغان الكاميرا بعد أي عملية انتخابية، بل هنأ أوغلو على تويتر عوضاً عن ذلك

وذكر سيبرت في صحيفة "ذي آراب ويكلي" أنّ مراقبين يعتقدون بأنّ النتيجة قادرة على زعزعة قبضته على السلطة التي استمرت 16 عاماً. وطالب نائب تركي واحد على الأقل من حزب العدالة والتنمية بإجراء نقد ذاتي وبالعودة إلى المبادئ الديمقراطية في إشارة إلى ميول أردوغان التسلطية.

احتفالات
حين بدأت تتوضح النتائج انفجرت الاحتفالات في أجزاء عدة من اسطنبول، حيث رقص المحتفلون في الشوارع وأطلقوا العنان لأبواق سياراتهم. حصل المرشح المعارض أكرم إمام أوغلو (49 عاماً) على 54% من الأصوات متقدماً بفارق 9% على بن علي يلدريم. يعني هذا الانتصار أنّ اسطنبول الذي تضم 16 مليون نسمة وتمثل ثلث الاقتصاد التركي شهدت انتخاب أول عمدة غير إسلاموي منذ سنة 1994.

خسارة حتى في معاقل الحزب
حدثت إعادة الانتخابات حول رئاسة البلدية أمس بعدما ألغت اللجنة العليا للانتخابات نتائج السباق الانتخابي في 31 مارس (آذار) تحت ضغط من حكومة أردوغان. في ذلك الوقت، فاز أوغلو على منافسه بهامش ضيق. اتهم النقاد أردوغان (65 عاماً) الذي بدأ مسيرته السياسية في اسطنبول حين أصبح أول عمدة لها منذ 25 عاماً، برفض التخلي عن السيطرة على المدينة التي تشكل مصدراً جوهرياً لرعاية حزب العدالة والتنمية. أغضب قرار إعادة الانتخابات العديد من أعضاء الحزب الحاكم أيضاً. أظهرت النتائج الأولية يوم الأحد أنّ إمام أوغلو حصل على أغلبية حتى في الدوائر التي عرف عنها بأنها معاقل للحزب الحاكم.

صدمة.. لم يواجه الكاميرا
على الرغم من أن أردوغان لم يترشح إلى الانتخابات، بقي الشخصية المركزية خلالها، لأنه دفع باتجاه قرار الإلغاء وأدى جزءاً نشطاً في حملة الحزب الحاكم مع اتخاذه قرار الدقيقة الأخيرة بإقامة تجمعات انتخابية في اسطنبول حين أظهرت استطلاعات الرأي تقدماً صلباً لإمام أوغلو قبل أيام على التصويت. إنّ أردوغان الذي فاز بجميع الانتخابات في تركيا منذ أكثر من عقد بدا مصدوماً من النتيجة. للمرة الأولى منذ مجيء حزب العدالة والتنمية إلى الحكم سنة 2002، لم يواجه أردوغان الكاميرا بعد أي عملية انتخابية، بل هنأ أوغلو على تويتر عوضاً عن ذلك.

عبر تويتر أيضاً، علق الأكاديمي التركي كارابكير أكويونلو على النتيجة بأنها انتكاسة كبيرة. وكتب: بعد 31 مارس، قلت إنّ أردوغان سيخسر إما اسطنبول وإما الشرعية. ويبدو أنه في طريقها لخسارة الشرعية أيضاً... أمر لا يصدق".

آثار الهزيمة
قال محللون إنّ الخسارة قد تطلق تعديلاً حكومياً في أنقرة وتعديلاً في السياسة الخارجية. وقد تطلق حتى انتخابات عامة مبكرة علماً أنّ حليف حزب العدالة والتنمية نفى ذلك. وقال رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي إنّ مسار الانتخابات يجب أن يُغلَق مضيفاً أنّ "الحديث عن انتخابات مبكرة سيكون ضمن أسوأ الأمور التي يمكن إلحاقها ببلادنا". الاقتصاد التركي في حالة انكماش حالياً وقد هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات إذا قرر أردوغان المضي قدماً لتنفيذ صفقة شراء نظام دفاعي روسي.

سوء إنفاق الأموال
أعلن إمام أوغلو لمناصريه إنّ سيعمل من أجل جميع سكان اسطنبول بصرف النظر عن ميولهم السياسية. كانت حملة أوغلو شاملة وتفادى انتقاد أردوغان قائلاً إنه مستعد للعمل مع الحزب الحاكم لمواجهة مشاكل اسطنبول، بما فيها مشكلة النقل وحاجات ما يزيد عن نصف مليون لاجئ سوري.

لكن تسليم السلطة في رئاسة البلدية قد يلقي المزيد من الضوء على ما قال إمام أوغلو إنّه سوء إنفاق للمليارات من العملة المحلية في بلدية اسطنبول التي تبلغ موازنتها 4 مليارات دولار. وأعلن مسؤولون من حزب الشعب الجمهوري أنّ إدارة حزب العدالة والتنمية للبلدية حولت ملايين الدولارات كإعانات إلى منظمات قريبة من أردوغان.

دعوات إلى المحاسبة والعقلانية
أتت هزيمة الحزب الحاكم بعد سنة تقريباً على فوز أردوغان وحزبه فوزاً كبيراً في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 24 يونيو (حزيران) 2018. افتتحت تلك الانتخابات نظاماً رئاسياً جديداً في تركيا أدى إلى حكم الرجل الواحد ويمكن أن يكون ذلك جزءاً من الأسباب التي أودت بالحزب الحاكم إلى الهزيمة يوم الأحد الماضي.

قد تزيد النتيجة من التوترات داخل حزب العدالة والتنمية. كتب النائب بولنت توران على تويتر أنّ المسؤولين عن الهزيمة يجب أن يحاسَبوا. ودعا مصطفى ينيروغلو، نائب آخر عن الحزب نفسه، إلى إجراء نقد ذاتي والعودة إلى سياسات تتمحور حول "العقلانية، حكم القانون، فصل السطات والحقوق الأساسية".