موظف في برنامج الأغذية العالمي ينظر لشاحنة محملة بالمساعدات (أرشيف)
موظف في برنامج الأغذية العالمي ينظر لشاحنة محملة بالمساعدات (أرشيف)
الثلاثاء 25 يونيو 2019 / 21:51

الحوثيون يحولون بين اليمنيين..وقوتهم

24 - بلال أبو كباش

تسعى ميليشيا الحوثي اليمنية للتربح من المساعدات الغذائية المقدمة لليمنيين في مناطق سيطرتها، حائلة بينهم وبين قوتهم اليومي، في ظل مجاعة كبيرة تهدد ملايين اليمنيين، وتدق ناقوس الخطر ليسمع العالم صرخات الأطفال الذين باتت أجسادهم هزيلة ولا يجدون ما يسد رمقهم.

لم يعلق برنامج الأغذية العالمي يوم الخميس الماضي، إرسال مساعدات غذائية إلى المناطق الخاضعة للميليشيا الحوثية اعتباطاً، بل اتخذ القرار بسبب التقارير المتتالية والتي تؤكد استيلاء الانقلابيين الموالين لإيران عليها.

وحين أدرك برنامج الأغذية العالمي أنه لا حلول تلوح في الأفق بعد توقف مفاوضات مطولة حول الاتفاق على وضع ضوابط لمنع تحويل مسار الأغذية بعيداً عن الفئات الأشد احتياجاً لها، قررت قرارها المحفوف بالمخاطر، والذي يظهر كمية العداء الذي يكنه الحوثي وميليشياته لأبناء جلدتهم من اليمنيين المتضورين جوعاً.

وأكد برنامج الأغذية العالمي في تقرير له، تداولته وسائل إعلام مختلفة اليوم الثلاثاء، بينها صحيفة "اندبندنت" أن المتمردين الحوثيين منعوا دخول شحنة من المساعدات الغذائية كانت ستطعم نحو 100 ألف عائلة على حافة المجاعة.

مدير البرنامج التابع للأمم المتحدة، ديفيد بيزلي، حذر قبل بضعة أيام من البدء في تعليق المساعدات الغذائية في اليمن تدريجياً، بسبب تحويلها إلى أغراض غير المخصصة لها وغياب استقلالية العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية.

نهب
وقدم بيزلي، أمام مجلس الأمن الدولي، إفادة استغرقت نحو ربع الساعة، تعرض فيها لتاريخ طويل من تلاعب الحوثيين بالمعونات الغذائية المقدمة من الأمم المتحدة "للجياع في اليمن"، قائلاً "بكل حزن، برنامج الغذاء العالمي مُنع من إيصال الطعام إلى الناس الأكثر جوعاً في اليمن"، ونوه بأن "المساعدات الغذائية المقدمة من الأمم المتحدة جرى تحويلها (عن المحتاجين) في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، على حساب الأطفال والنساء والرجال".

تاريخ طويل
المعلومات التي أدلى بها بيزلي هي مقدمة لسلسلة من الانتهاكات الحوثية، فسيطرتهم على المساعدات الغذائية لم تكن حديثة عهد، إذ يعود تاريخها لأكثر من عامين، ما دفع برنامج الأغذية العالمي لوضع خطط دقيقة لمراقبة ضمان وصول المساعدات بشكل آمن لمحتاجيها قبل أن تسيطر عليها الميليشيا الحوثية وتعرضها للبيع مقابل أموال تكرس لاحقاً لخدمة أجنداتها السياسية.

كشف الجرائم
ورغم أن قرار برنامج الأغذية العالمية يؤثر على أكثر من 850 ألف يمني يعيشون في صنعاء التي تسطير عليها الميليشيا الحوثية، ويعتمدون في شكل مباشر على تلك المساعدات، إلا أنه كان ضرورياً لترجمة الاعتداءات الحوثية، وكشف مسلسل الانتهاكات الطويل بحق اليمنيين العزل.

ويؤكد برنامج الأغذية العالمي، في تقاريره حول اليمن، أنه يقدم مساعدات بقيمة 175 مليون دولار شهرياً للمحتاجين اليمنيين، مضيفاً أن الحوثيين كانوا يسيطرون باستمرار على ما قيمته 10 ملايين دولار من تلك المساعدات.

بيزلي أكد أيضاً، أن اعترافاته العلنية بالانتهاكات الحوثية قد تأتي بنتائج عكسية، تدفع الميليشيا الحوثية للسيطرة على أكبر حجم من المساعدات، لكنه قال، "الاعتراف ضروري لأن آلاف الأطفال اليمنيين يموتون جوعاً، نتيجة للوضع اليائس جداً".

كذب وتدليس 
وكالة "أسوشيتيد برس"، نقلت عن مسؤول في برنامج الأغذية العالمي باليمن، رفض الكشف عن اسمه قوله الثلاثاء، إن الحوثيين أمروا بإرسال أكثر من 800 طن من الدقيق المقدم من برنامج الأغذية العالمي لخارج ميناء الحديدة الواقع على البحر الأحمر زاعمين أنه ملوث بالحشرات النافقة، وبعد ادعاءات الحوثيين أجرى البرنامج العالمي فحصاً شاملاً للدقيق وتبين أنه نظيف، وصالح للاستهلاك البشري.

وأكد المسؤول، لا يمكن لبرنامج الأغذية العالمي أن يتسامح مع رفض الحوثيين للمساعدات المقدمة للمينيين، كونه لا يقوم على أساس مناطقي، وتؤكد "أسوشيتيد بريس" في تقرير لها نشرته في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن الحوثيين يسرقون المساعدات حيناً، ويمنعون وصولها للمناطق التي تعاديهم أحياناً أخرى.

أصل المشكلة 
وكالة "ديبرفير" للأنباء المتخصصة في أخبار اليمن والشرق الأوسط والتي تبث من فرنسا، أكدت يوم السبت الماضي، أن خطوة تعليق برنامج الأغذية العالمي نشاطه في اليمن، جاءت بسبب خلاف حاد بين البرنامج وميليشيا الحوثيين، بشأن كيفية تطبيق نظام التحقق من الهوية، المعمول به عالمياً بهدف مكافحة الفساد في توزيع المساعدات، والتحكم والسيطرة في نظام بيانات القياسات الحيوية الذي يستخدمه برنامج الأغذية لضمان عدم توجيه الطعام لمن لا تستهدفهم المساعدات، منذ أن أُكتشف في ديسمبر (كانون الأول) 2018 حدوث تلاعب بصورة منهجية في المساعدات الغذائية التي يتم توزيعها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من خلال شريك محلي على صلة بالسلطات.
ويتضمن هذا النظام، عمل مسح لقزحية العين وأخذ بصمات الأصابع والوجه، وهو نظام معمول به بالفعل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ولا يطبقه الحوثيون لنهب المساعدات دون رقيب أو حسيب.