الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الثلاثاء 2 يوليو 2019 / 13:39

هل تستطيع إسرائيل حقاً ضم الضفة الغربية؟

تكتسب دعوات لضم الضفة الغربية المحتلة زخماً في كل من تل أبيب وواشنطن. لكن يفترض بإسرائيل وحلفائها الأمريكيين توخي الحذر حيال ما يرغبون بتحقيقه.

صحيح أن ذلك سيكون بمثابة خرق للقانون الدولي، ولكن مثل تلك الفكرة لم تزعج قط إسرائيل، ولم تمنعها من ضم أراض فلسطينية أو عربية

ولن يفيد ضم أراضٍ فلسطينية محتلة برأي رمزي بارود صحافي ومؤلف ومحرر مجلة "باليستاين كرونيكل"، سوى في تعزيز إعادة النظر الحالية في لااستراتيجية الفلسطينية، بدل حل مشاكل سببتها إسرائيل لنفسها.

وكتب بارود، في موق "فورين بوليسي جورنال"، أن الحكومة الإسرائيلية المتشجعة بقرار إدارة ترامب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، تشعر بأن الوقت مناسب الآن لضم كامل الضفة الغربية.

ويقول الكاتب إن عبارة "ليس هناك وقت أفضل من الآن" هي بالضبط تلك التي استخدمتها وزيرة العدل السابقة، ايليت شاكيد، عند ترويجها لضم الضفة الغربية، أثناء مؤتمر عقد مؤخراً في نيويورك.

ويشير بارود لموسم الانتخابات الجديدة في إسرائيل، بعدما فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في تشكيل حكومة بعد الانتخابات الأخيرة في أبريل(نيسان). وتجرى عادة في مثل تلك الحملات السياسية مناورات حيث يتحدث مرشحون باسم "الأمن ومحاربة الإرهاب، إلخ".

ضوضاء انتخابية
لكن لا يمكن، حسب الكاتب، اعتبار تعليقات شاكيد بمثابة ضوضاء انتخابية عابرة، بل تمثل أشياء أخرى، إن فهمت ضمن سياق سياسي أوسع. وفي الواقع، منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض، لم يكن الأمر بمثل هذه السهولة بالنسبة لإسرائيل. ويبدو كأن الأجندة الأكثر تشدداً بالنسبة للحكومة اليمينية أصبحت بمثابة قائمة أماني بنظر حلفاء إسرائيل في واشنطن. وتشمل تلك القائمة اعتراف الولايات المتحدة بضم غير قانوني للقدس الشرقية الفلسطينية المحتلة، وضم مرتفعات الجولان السورية المحتلة، ورفض حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.

وليس هذا كل شيء، حسب بارود. فقد أشارت تصريحات لمسؤولين أمريكيين نافذين إلى اهتمام أولي بضم كامل الضفة الغربية المحتلة أو، على الأقل، أجزاء واسعة منها. وصدرت أحدث تلك الدعوات عن ديفيد فريدمان، السفير الأمريكي في إسرائيل.

وقال فريدمان في لقاء مع صحيفة "نيويورك تايمز"، في 8 يونيو(حزيران): "من حق إسرائيل الاحتفاظ ببعض أراضي الضفة الغربية".

وحسب كاتب المقال، فريدمان ضالع بشكل عميق في ما يسمى "صفقة القرن"، مناورة سياسية يدعمها كبير مستشاري ترامب وصهره، جاريد كوشنر. وتبدو الفكرة واضحة من خلف هذه "الصفقة" بشأن رفض المطالب الأساسية للفلسطينيين مع طمأنة إسرائيل بشأن هواجسها الأمنية وسعيها للحصول على الأغلبية الديموغرافية.

ولهذا السبب لا يمكن اعتبار دعوة شاكيد لضم الضفة الغربية بمثابة حديث يتعلق بموسم الانتخابات.

خرق القانون الدولي
إلى ذلك يسأل بارود: "هل تستطيع إسرائيل ضم الضفة الغربية؟".من الناحية العملية تستطيع إسرائيل ذلك. وصحيح أن ذلك سيكون بمثابة خرق للقانون الدولي، ولكن مثل تلك الفكرة لم تزعج قط إسرائيل، ولم تمنعها من ضم أراض فلسطينية أو عربية. وعلى سبيل المثال، احتلت القدس الشرقية ومرتفعات الجولان في 1980 و 1981 على التوالي.

وعلاوة عليه، بات المزاج السياسي في إسرائيل متقبلاً على نحو متزايد لمثل تلك الخطوة. فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في مارس(آذار) الماضي أن 42% من الإسرائيليين يؤيدون ضم الضفة الغربية. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة خلال الأشهر المقبلة، فيما تواصل إسرائيل تحركها نحو اليمين.

أكبر معضلة
من المهم الإشارة إلى اتخاذ خطوات في ذلك الاتجاه بما في ذلك قرار الكنيست الإسرائيلي لتطبيق القوانين المدنية نفسها على مستوطنين يهود غير شرعيين في الضفة الغربية، إسوة بمن يقيمون في إسرائيل.

ولكن عند هذه النقطة تواجه إسرائيل أكبر معضلاتها. فقد بيَّن استطلاع مشترك أجرته جامعة تل أبيب والمركز الفلسطيني للأبحاث والسياسة ، أن ما يزيد عن 50% من الفلسطينيين يدركون أنه لم يعد بالإمكان الدفاع عما يعرف بحل الدولتين. وفضلاً عنه، يعتقد عدد متزايد من الفلسطينيين أن التعايش في دولة واحدة، حيث يعيش يهود إسرائيليون وفلسطينيين(مسلمون ومسيحيون) جنباً إلى جنب، هو الصيغة الوحيدة الممكنة من أجل مستقبل أفضل.