جوزف بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي الجديد (إ ب أ)
جوزف بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي الجديد (إ ب أ)
الجمعة 5 يوليو 2019 / 16:05

بوريل.. صحافي يثير قلق إسرائيل من المواقف الأوروبية

24- نيفين الحديدي

أثار نبأ انتخاب وزير الخارجية الإسباني جوزف بوريل، وزيراً لخارجية الاتحاد الأوروبي، للسنوات الخمس المقبلة، خلفاً لفيديريكا موغيريني، حفيظة إسرائيل، حيث تترقب الأوساط السياسية الإسرائيلية بحذر وقلق، تعيينه في هذا المنصب، وخاصة بسبب مواقفه المؤيدة للفلسطينيين وإيران.

واختار الاتحاد الأوروبي وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين، لتتسلم رئاسة المفوضية الأوروبية، كما قرر اختيار وزير الخارجية الإسباني بوريل رئيساً للسياسة الخارجية، ليحل محل موغيريني.

وحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل"، فإنه نظراً إلى أن البرلمان الأوروبي لم يصادق بعد على هذا الترشيح الصادر عن المجلس الأوروبي، الثلاثاء، فإن إسرائيل لم تعلق علانية بعد، لكن دبلوماسياً إسرائيلياً تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه، قائلاً: "الأمور لن تكون سهلة معه".

خيبة أمل
وذكرت القناة السابعة، أن ترشيح بوريل لخلافة موغيريني، أصاب الأوساط السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية بخيبة أمل، على أساس أن الآمال كانت منعقدة على تكليف شخصية لديها نظرة إيجابية تجاه إسرائيل، في وقت لم تكن فيه موغيريني تحظى برضا الإسرائيليين، بسبب مواقفها المؤيدة للفلسطينيين في مواجهة السياسات الأمريكية والإسرائيلية، إضافة إلى مواقفها المهادنة لإيران، والمدافعة عن الاتفاق النووي المبرم في يوليو(تموز) 2015.

وفي أعقاب ظهور نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، والتي أسفرت عن انتخاب النائب الإيطالي ديفيد ساسولي رئيساً للبرلمان، كانت إسرائيل تأمل أن تتحول السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي صوب اليمين، لكن القناة السابعة، قالت إن تعيين بوريل وزيراً لخارجية الاتحاد، فضلاً عن التعيينات الأخرى الجديدة، تدل على استمرار التعاطف الأوروبي مع إيران والفلسطينيين.

ووصفت صحيفة "إسرائيل هيوم" بدورها ترشيح بوريل بـ "المخيب للآمال"، وقالت إن انتخابات البرلمان الأوروبي التي عززت موقف اليمين، لم تسهم في توجه سياسات الاتحاد في هذا المسار، وإن تعيين بوريل سيعني أن الاتحاد الأوروبي سيواصل نهجه المعادي للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

وبوريل، هو صاحافي مهندس ونقابي واقتصادي، التحق في صفوف حزب العمال الاشتراكي (الحاكم حالياً) في إسبانياً قبل نحو 45 عاماً، ودخل حلبة السياسة في العام 1993، وانتخب لعضوية البرلمان في عديد من الدورات، كما تقلد العديد من المناصب الهامة في بلاده.

نقذ لاذع لإسرائيل
ويعد بوريل (72 عاماً)، أحد أبرز الشخصيات الدبلوماسية الأوروبية انتقاداً لسياسة إسرائيل، وكان قد أعرب في مناسبات عديدة عن تأييده لمبدأ إقامة الدولة الفلسطينية وحل الدولتين. ومما لا شك فيه أن الوزير الإسباني يتكئ على جدار فكري وأيديولوجي في رؤيته وتعاطي مع الملفات والأحداث السياسية في مختلف أنحاء العالم، ولعل حالة الجدل التي تثيرها بعضُ مواقفه وتصريحاته، ما هي لبنات للجدار المشار إليه.

ومع أن بوريل يمتلك صلات بإسرائيل، حيث عاش لسنوات في إسرائيل، وتعرف فيها على زوجته الأولى، لكن صحيفة "إسرائيل هيوم" تقول، إنه ينتقدها بشكل ممنهج ولاذع، مذكرة بأنه صاحب مقترح تم طرحه قبل عام ونصف داخل الاتحاد الأوروبي، يطالب بالاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية، كما كان قد هدد بأن إسبانيا ستعترف بالدولة الفلسطينية بشكل أحادي الجانب، وهو أمر بطبيعة الحال، لم يحدث.

وعندما تم تعيين بوريل، وهو عضو في "حزب العمال الاشتراكي" اليساري الحاكم في إسبانيا وزيراً للخارجية العام الماضي، سرعان ما أصبح صوتاً بارزاً في الدعوة إلى الاعتراف بدولة فلسطين.

إقامة دولة فلسطينية
ففي سبتمبر(أيلول) 2018، قال بوريل: "من الواضح أن الوضع في فلسطين يجب أن لا يستمر كما هو... وإذا لم يكن الاتحاد الأوروبي قادراً على التوصل إلى قرار بالإجماع، فليفعل كل بلد ما يراه مناسبا"، ملمحاُ إلى أن مدريد ستدرس الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية بشكل أحادي.

وفي مايو(أيار) 2018، دان بوريل إسرائيل لردها على الاحتجاجات على حدود غزة وكتب في صحيفة "ريبوبليكا"، أن احتفالات إسرائيل بقيامها، وقمعها للفلسطينيين على حدود غزة، يجعل هذه الاحتفالات "ملطخة بالدماء لأن، الإثنين، الأسود هذا يعكس تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم من قبل جزء كبير من الطبقة السياسية والمجتمع الإسرائيليين"، وفق ما أورد موقع "روسيا اليوم".

وندد بوريل بالحملات العسكرية الإسرائيلية ضد "حماس" في غزة، ووصفها بـ"القصف المروع"، وهاجم "غطرسة (نتنياهو) الحربية". 

خط حاد مع أمريكا 
ويتبع بوريل، وفق صحيفة "إسرائيل هيوم"، خطاً حاداً ضد الولايات المتحدة الأمريكية ويدعم إيران، وكان قد كتب سلسلة من التغريدات عبر حسابه في "تويتر"، بمناسبة مرور 40 عاماً على الثورة في إيران، ووصف نتائج هذه الثورة بالإيجابية "لأنها أسهمت في زيادة نسبة انخراط المرأة في سوق العمل، وأسهمت في زيادة نسب تخصيب اليورانيوم"، على حد قوله.

وقال مرة خلال جلسة حوار جمعته مع نظيره الألماني هايكو ماس في العاصمة مدريد، إن "كل ما فعلته الولايات المتحدة للحصول على استقلالها هو قتل أربعة هنود حمر، وما عدا ذلك، فإن الأمور تسير بيسر وسهولة".

مزاجي وسليط 
وقالت الصحيفة، إن بوريل يعتبر "مزاجياً وسليط اللسان"، إذ اشتهر أخيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أنم انتشر مقطع فيديو يظهره وهو يغادر لقاء تلفزيونياً على الهواء، لأن الأسئلة التي طرحت عليه لم تجد استحسانه.

وفي سبتمبر(أيلول) من العام الماضي، أعلن بوريل عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، ولفت حينها إلى أن هذا الملف مطروح على طاولة الحكومة لحين اتخاذ قرار أوروبي بالإجماع، وأوضح أن مدريد ستمنح شركاءها الأوروبيين مهلة للتوصل إلى توافق حول الموضوع، مشيراً إلى أنه سيترك لكل دولة أن تتخذ القرار الذي تراه مناسباً، إذا تعذر التوصل إلى التوافق.

ومن جهة أخرى، كان بورويل عبر العام الماضي، في تصريحات لوسائل إعلام دولية، عن تطلع حكومته إلى لعب تتطلع إلى لعب دور أكثر كثافة في أوروبا، مما يدفع باتجاه تكامل سياسي ومالي أعمق، كما دعا إلى "سياسية أكثر شمولاً لمعالجة أزمة الهجرة في المنطقة.. نحتاج إلى إيجاد طريقة توافقية لاستقبال طالبي اللجوء"، وفق تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية.

وحذر بوريل، بحسب تقرير "فايننشال تايمز" في يونيو(حزيران) عام 2018، من أن نظام شنغن في أوروبا الذي يسمح بالسفر بدون جواز سفر سوف "ينهار"، ما لم يتم تقديم مزيد من المساعدة إلى البلدان التي تقع على خط المواجهة لأزمة الهجرة، مثل إيطاليا أو اليونان.

معجب بإسرائيل .. انقلب إلى منتقد
ومن المفارقة في الأمر أن بوريل ليس غريباً على إسرائيل، حيث التقى خلال عمله في تعاونية "كيبوتس" بزوجته، التي أنجبت له ابنين.

وفي عام 2005، عندما كان رئيساً للبرلمان الأوروبي، ألقى خطابا في الكنيست تحدث فيه عن الوقت الذي قضاه في "كيبوتس" وعن دعم أوروبا القوي لإسرائيل.

وقال: "هذه الأرض ليست غريبة علي.. قبل 36 عاماً، وفي عام 1969 بعد تخرجي مباشرة، جئت إلى إسرائيل للعمل في كيبوتس في الجولان، على خطى شبان أوروبيين آخرين جذبتهم هذه التجربة"، بحسب تقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

وخلال هذا الخطاب، أشاد بوريل أيضاً بالطابع اليهودي لدولة إسرائيل، وهو شيء لا يفعله المسؤولون الأوروبيون عادة.

ويرى المحللون، أن هناك الكثير من التصريحات التي أطلقها بوريل وأثارت جدلاً في الأوساط السياسية داخل إسبانيا وخارجها، على شاكلة التصريحات المتعلقة بالولايات المتحدة.

وتتعارض السياسات الإسرائيلية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة مع مواقف الاتحاد الأوروبي، ولا سيما فيما يتعلق بموقف الاتحاد من الاستيطان ومن الحلول السياسية للصراع، والتي لا تتضمن مبدأ حل الدولتين، وهو الأمر الذي تسبب في خلافات ممتدة منذ سنوات بين الجانبين، يبدو وأنها ستستمر في السنوات المقبلة أيضاً.