طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية (أرشيف)
طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية (أرشيف)
الأربعاء 10 يوليو 2019 / 15:40

كيف تخرق قطر مذكرة التفاهم مع أمريكا على تنافسية خطوط الطيران؟

قال الباحث في "معهد هادسون" والخبير في شؤون الطاقة والتجارة الدولية توماس ديوستيربرغ، إن الطائرات التابعة أو المدعومة من الحكومات سيطرت على تاريخ الطيران التجاري في سنواته الأولى، قبل أن تتحول الصناعة في العقود الثلاثة الأخيرة إلى القطاع الخاص.

الحفاظ على نظام تجاري دولي مبني على قواعد واضحة للشفافية والتنافس الشريف على أساس تجاري والمعاملة بالمثل هي سبب مهم لضرورة تعقب الخروقات القطرية لروح ونص مذكرة التفاهم سنة 2018

وكتب في مجلة "فوربس" الأمريكية أن اتفاقات الأجواء المفتوحة انتشرت منذ 1992 استجابة لهذا النموذج الجديد، ولاستيعاب النمو الهائل في عدد الرحلات الجوية. والالتزام باستخدام شروط تجارية مقبولة عموماً هو الضابط الفعال الوحيد لها، في غياب قواعد منظمة التجارة العالمية.

ومنذ عقدين أصبحت طيران الإمارات أكبر خطوط جوية على مستوى السعة وتستحوذ، مع طيران الاتحاد، والخطوط القطرية، على حصة السوق من الشركات التقليدية بسرعة، في الولايات المتحدة وأوروبا، وأوستراليا، وهونغ كونغ، وغيرها الكثير. وخسرت الولايات المتحدة 6% من حصتها الكلية في السوق الدولية بعد 2007. وانخفضت حصتها من السوق من 48% إلى 7% في السفر إلى ومن الشرق الأوسط.

خرق قطري كبير
في أواخر2017 و بدايات 2018، وقعت وزارة الخارجية الأمريكية مذكرتي تفاهم مع الإمارات،  وقطر تحت البند 15 من اتفاقاتهما حول الأجواء المفتوحة من أجل "السعي إلى فرض ضوابط على الدعم، الشفافية والمؤسسات المملوكة من الدولة".

تم تقديم مستوى رفيع من الدعم الأمريكي بحضور وزير الدفاع السابق جايمس ماتيس ووزير الخارجية السابق ريكس تيليرسون في حفل توقيع مذكرة التفاهم القطرية. وسمحت متطلبات الشفافية الجديدة بتوثيق خرق كبير من جانب قطر.

الدليل الأول
في أواخر 2017، اشترت قطر 49% من "ميريديانا" الإيطالية المحلية المفلسة، واحتفظت مؤسسة آغا خان الخيرية بالحصة الأكبر في الشركة. وسرعان ما تغيير اسم "ميريديانا" إلى "أير إيتالي" فيما بدأ أسطولها المتقادم المؤلف من 11 طائرة بوينغ-767 يحال إلى التقاعد، ويُستبدل من قبل الخطوط القطرية المستثمر الجديد، بطائرات بوينغ-737 ماكس، وأيرباص أي-330.

ووسع ذلك مسارات الخطوط المحلية الأساسية التي هيمنت سابقاً على الطرق القصيرة لتشمل أيضاً المسارات الدولية البارزة.

لا يوجد دليل على كيفية دفع "أير إيتاليا" هذا التحويل الضخم لمليارات الدولارات من سجل الطلبيات القطرية لتحديث أسطولها. لكن مع ذلك، ثمة دليل على تسامح الخطوط القطرية مع الشركة القابضة المالكة لـ "أير إيتاليا" بمبلغ 30 مليون دولار على الأقل، سبق لها ضخها فيها.
  
دليلان آخران
حصلت الخطوط القطرية على سيولة بـ 491 مليون دولار من حكومة قطر في 2018 لتعويضها جزئياً عن خسائرها التشغيلية ولتسهيل الإعانة المستمرة ل "أير إيتاليا". وضمنت الخطوط القطرية قرضاً بـ 30 مليون دولار للشركة الإيطالية من بنك "أتش أس بي سي" بفائدة 2.5%، وحصلت الشكرة القابضة الإيطالية على قرض آخر بـ 28.8 مليون دولار، بالفائدة نفسها. 

لم يكن من الممكن مطلقاً تأمين الموافقة على قرض لشركة ناشئة خارجة للتو من إفلاس لولا دعم شركة أكبر وأكثر استقراراً. لم تؤمن شركة آغا خان أي سيولة أو قروض لمساعدة الكيان الجديد، وأتى كل المشغلين البارزين لـ "أير إيتاليا"من الخطوط القطرية، ما يؤكد بوضوح أن الأخيرة تسيطر بحزم على الشركة.

سببان مقلقان
إن هذا الدعم الكبير للخطوط الجوية الصغيرة، والمتنامية يثير القلق لسببين رئيسيين. فهو يشكل خرقاً لمذكرة التفاهم في 2018 مع الولايات المتحدة، ويهدد قدرة الخطوط الأمريكية على التنافس في المدى البعيد في الأجزاء البارزة في الأسواق العابرة للأطلسي والمربحة في العادة.

لقد شهدت الخطوط الأمريكية انخفاض حصتها في هذه السوق من 42% في 2005 إلى 34% في السنوات الأخيرة. بعد تصحيح أدائها في السنوات الثلاث الأخيرة، تبنت أبرز ثلاث خطوط أمريكية إمكانات جديدة سعياً لتعويض الخسارة في السوق العابرة للأطلسي.
   
خرق إضافي
إن الهدف الواضح للشركة الإيطالية هو التوسع للمنافسة في المسارات العابرة للأطلسي إلى إيطاليا، ويظهر أنها تفعل ذلك بوتيرة دعم مرتفعة. وبدءاً من 2018 وفي توسع 2019، تستخدم "أير إيتاليا" مركز ميلانو الدولي لتقديم عروض مباشرة إلى نيويورك، وميامي، وسان فرنسيسكو، ولوس أنجيليس وأعلنت أنّها ستشغل رحلات إلى شيكاغو بدءاً من السنة المقبلة.

ويخرق تقديم رحلات جديدة مباشرة من أوروبا إلى الولايات المتحدة ما أكد الجانب الأمريكي أنه جزء من مذكرة التفاهم في 2018. ووفقاً لمسؤولين أمريكيين، يحظر على أطراف المذكرة إطلاق رحلات جديدة من دول ثلاث بينها، إيطاليا.

تشغيل بلا أرباح؟
تبدو الأسعار المقدمة في مهلة الأسابيع التجريبية الثلاثة مصممة لربح حصة في السوق مع مخاطرة بخسارة الأموال، وهي ممارسة معروفة بالإغراق وفقاً لقواعد منظمة التجارة العالمية. وبلغ متوسط الأسعار إلى المدن الأربع التي تتوجه إليها "أير إيتاليا" أرخص بـ 28% من متوسط أسعار منافساتها من ضمنهم طيران الإمارات على مسار نيويورك-ميلانو.

وبلغ هذا المتوسط 60% كاملة في السوق الصغرى على درجة الأعمال والتي تكون عادة أكثر ربحاً.

بحث ديوستيربرغ على موقع "أير إيتاليا" الإلكتروني في 10 يونيو (حزيران) و 2 يوليو (تموز)، فوجد الأسعار التالية لرحلات الذهاب والإياب في الدرجة الاقتصادية: سان فرنسيسكو-ميلانو 618 دولاراً، لوس أنجيليس-ميلانو 593 دولاراً، نيويورك-ميلانو 545 دولاراً، ميامي-ميلانو 661 دولاراً.

خروقات لا تتوقف
أعلنت "أير إيتاليا" تقديم خدمة مباشرة إلى روما. ويبلغ سعر رحلة بتوقف واحد في ميلانو، من ميامي إلى روما 383 دولاراً الربيع الماضي و 440 دولاراً في الخريف. في حين أن التقارير المالية للخطوط الإيطالية غير واضحة بما يكفي، في خرق آخر لمذكرة التفاهم، لتقدير الكلفة الفعلية لهذه الرحلات، ومن الصعب تخيل أن أسعاراً مماثلة تسمح بالربح المبني على عناصر السوق وحدها.

وأعلنت الشركة نفسها خططاً لمضاعفة عدد رحلاتها أربع مرات بحلول 2022 واستحواذها على طائرات جديدة ما يزيدي الضغوط على الخطوط الأمريكية والأوروبية التي خسرت ثلث حصتها في السوق الآسيوية نتيجة جزئية لمنافسة خطوط الشرق الأوسط المدعومة.

ضرورة تعقب الانتهاكات القطرية

سيكون هنالك من لن يتذمر من إبعاد الخطوط الأمريكية والأوروبية عن المسارات الدولية المهمة خاصةً في وجود مستهلكين ساعين حتى إلى أسعار أرخص ومقاعد أضيق.

ولكن عشرات آلاف العمال الأمريكين سيتحملون وطأة المنافسة المدعومة. فالتمتع بأسطول جوي محلي ضخم مهم بالتأكيد لحاجات النقل الأمريكية في أوقات النزاع والطوارئ، بالنظر إلى تراجع الأسطول البحري التجاري، وأسطول النقل الدفاعي في أمريكا.

إن الحفاظ على نظام تجاري دولي مبني على قواعد الشفافية، والتنافس الشريف على أساس تجاري والمعاملة بالمثل، سبب مهم لتعقب الخروقات القطرية لروح ونص مذكرة التفاهم في 2018.