الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيف)
الجمعة 12 يوليو 2019 / 13:00

أردوغان يضحي بالاقتصاد لتحقيق مكاسب سياسية

أسفرت الأحداث المتقاربة الأخيرة التي شهدتها تركيا عن زيادة المخاطر التي تهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي للبلاد، لكن ورغم ذلك، أشارت توقعات مركز "ستراتفور" الأمريكي للربع الثالث من العام الجاري إلى أن الحكومة التركية ستلجأ للمناورة لحل مشاكلها الداخلية والخارجية العديدة، إذ تقامر بقدرتها على تحمل ضغوط الدوائر الانتخابية، والقوى الأجنبية.

تركيا تواجه تهديداً آخر بعقوبات مستقبلية محتملة إذا ثبت أنها كانت تتعامل مع إيران أو فنزويلا بما يتعارض مع العقوبات الأمريكية

ويُشير "ستراتفور" إلى اجتماع ممثلي أعضاء الاتحاد الأوروبي في 10 يوليو(تموز) الجاري الذي بحث خيارات معاقبة تركيا بعد إرسالها سفينة أخرى إلى المياه المتنازع عليها حول قبرص للتنقيب عن النفط والغاز والمواد الهيدروكاربونية.

عقوبات متوقعة
وتشمل الإجراءات المتوقعة لمعاقبة تركيا تعليق تمويل الاتحاد الأوروبي بـ150 مليون دولار مخصصة لتمهيد الطريق لانضمام تركيا إلى الاتحاد، وتعليق بعض برامج الاستثمار الأوروبي في تركيا، إلى جانب إلغاء الاجتماعات الرفيعة المستوى بين الاتحاد الأوروبي والمسؤولين الأتراك.

وحسب "ستراتفور"، من المتوقع أن يتخذ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قراراً رسمياً بالخيار الأنسب الذي سيطبق إذا لزم الأمر، وترى حكومة نيقوسيا، في تحرك تركيا انتهاكاً لسيادة قبرص، وتعتبر أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على تركي مجرد البداية، محذرة من اتخاذ تدابير جديدة مستقبلاً، مثل فرض عقوبات على شركات وأفراد.

وربما تتقاعس بعض دول الاتحاد الأوروبي التي تقع في نطاق طريق البلقان للهجرة، بما في ذلك المجر وبلغاريا، وكرواتيا، وسلوفينيا، عن السماح بعقوبات صارمة ضد تركيا خشية انتقام أنقرة بالانسحاب من اتفاق 2016 لتقويض تدفق فيضان اللاجئين إلى أوروبا.
  
إغراء اكتشاف النفط والغاز
ويتزامن التهديد بفرض عقوبات أوروبية وشيكة مع عدد من الضربات الأخرى القادرة على إلحاق الضرر بالاقتصاد التركي الذي يتهاوى بالفعل.

ويُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكثر أهمية لتركيا التي تسعى إلى الحفاظ على العلاقات الاقتصادية المثمرة معه. لكن ورغم ذلك، تنجرف أنقرة وراء إغراء القيمة الاقتصادية لاكتشافات النفط والغاز.

وعلاوة على ذلك، يساعد التنقيب على ترسيخ الادعاءات التركية في مياه شرق البحر المتوسط التي تعترف بها وحدها، متحدية المعايير الدولية، وفي الوقت نفسه تداعب المشاعر القومية في تركيا، الأمر الذي يقود بدوره إلى دعم سياسي محلي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان المُحاصر، والذي يحاول التعافي من الهزيمة المفاجئة التي ألحقتها أحزاب المعارضة بحزبه الحاكم العدالة والتنمية في بعض معاقله السابقة، خلال الانتخابات البلدية الأخيرة.

مخاطر صفقة الأسلحة الروسية
ويوضح "ستراتفور" أن العلاقات الأمريكية التركية ليست بمنأى عن ذلك، إذ تواجه خطراً مشابهاً بفرض عقوبات أمريكية على تركيا بسبب إصرارها على صفقة الأسلحة الروسية "صورايخ اس 400"، التي لم تفلح التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات ضد صناعة الدفاع التركية وطردها من برنامج التطوير المشترك لمقاتلات "إف 35" في الضغط على أنقرة للتخلي عن الأسلحة الروسية التي تستحق كل هذا العناء في نظر تركيا حتى مع الأضرار التي يمكن أن تلحق بعلاقتها مع حلفاء الناتو الآخرين.

ويقول "ستراتفور" إن "شعبية أردوغان السياسية التي تعرضت فعلاً للخطر، جعلت حساباته الآن تركز على حاجته لحشد دعم قاعدته السياسية، الأمر الذي يستحق المخاطرة الاقتصادية التي يخوضها الآن".

تهديد الاقتصاد التركي
وعلاوة على ذلك، أدى تدخل أردوغان في السياسة النقدية للبلاد إلى ظهور تهديد آخر للاقتصاد التركي، فقد ضغط منذ فترة طويلة على البنك المركزي التركي لخفض أسعار الفائدة لتعزيز النمو الاقتصادي، وذلك على عكس النظريات الاقتصادية، وبغض النظر عن تأثير ذلك على الليرة التركية.

ولكن أردوغان أقال هذا الأسبوع رئيس البنك المركزي التركي الذي رفض تنفيذ رغباته واستبدله بفريق من الموالين يرضخ لأوامره.

ومن المتوقع أن يعقد البنك المركزي التركي اجتماعاً للجنة السياسة النقدية في 25 يوليو(تموز) الجاري، وبعد إقالة قيادة البنك، يُرجح أنه ينخفض سعر الفائدة على نطاق واسع، الأمر الذي ربما يقود إلى انهيار العملة التركية الهشة، ولكن الأخطر في ذلك، أن مثل هذه الخطوة، التي تعكس زعزعة استقلال البنك المركزي، قد أثارت قلق المستثمرين الأجانب والصناعات المحلية التي يعتمد عليها الاقتصاد التركي.

ويختتم "ستراتفور" بأن تركيا تواجه تهديداً آخر بعقوبات مستقبلية محتملة، إذا ثبت أنها كانت تتعامل مع إيران، أو فنزويلا بما يتعارض مع العقوبات الأمريكية الحالية.

وفي السابق ساعد بنك تركي في جهود تهريب النفط الإيراني رغم عقوبات إدارة أوباما، وإذا ثبت أن الكيانات التركية تكرر ذلك، فمن المؤكد أن أنقرة ستتعرض إلى عقوبات اقتصادية مدمرة.