مسلحون من ميليشيات الحشد الشعبي في العراق (أرشيف)
مسلحون من ميليشيات الحشد الشعبي في العراق (أرشيف)
الجمعة 12 يوليو 2019 / 13:57

دمج ميلشيات الحشد الشعبي في الجيش تعزيز لسيطرتها على الدولة العراقية

في تعليقه على دمج ميليشيات الحشد الشعبي في مؤسسات رسمية، يرى ريناد منصور، باحث لدى برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتهام هاوس، أن ذلك سيسمح للميلشيات بالاستيلاء على الدولة العراقية من الداخل.

مثل المرسوم، بالنسبة لقيادة PMF فرصة لتعزيز سلطتهم من داخل الدولة

وعرض منصور رأيه، على موقع "فورين بوليسي"، مشيراً لمرسوم أصدره، في 1 يوليو( تموز) الجاري، رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، قضى بدمج جميع قوات الحشد الشعبي ضمن القوات العسكرية العراقية، بحلول نهاية هذا الشهر.

مفاجأة
وحسب كاتب المقال، تفاجأ معظم المراقبين بذلك القرار، إذ تشكل الحشد، على يد رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي في 2014 بعد انهيار الجيش العراقي أمام داعش بسرعة كبيرة.

وخلص معظم المحللين إلى أن قرابة 50 من جماعات وميليشيات شبه عسكرية، ذات غالبية شيعية، بلغت من القوة ما يمنع تكاملها مع مؤسسات الدولة، وأنها ستواصل عملها أطرافاً عسكريةً، واقتصاديةً، وسياسية مستقلة.

ويتساءل الكاتب إذا وجد عبد المهدي حلاً لما اعتبر مشكلة مستعصية. فقد أكد وجوب تخلي تلك المجموعات عن أسمائها وانتماءاتها الفردية الأخرى، بدل اعتماد أرقام ألوية وكتائب. وعليها إغلاق مكاتبها الاقتصادية، والالتزام بقيادة رئيس الوزراء بوصفه قائداً عاماً. ونوه عدد كبير من العراقيين وجهات في أنحاء المنطقة بذلك القرار.

وكان من بين المحتفلين بالقرار قادة المليشيات أنفسهم. فأعرب قيس الخزعلي، قائد ميلشيا عصائب الحق، عن دعمه لقرار رئيس مجلس الوزراء، بما أنه خطوة في الاتجاه الصحيح. وعلى نفس المنوال، أصدر رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، بيان تأييد، وأعلن حل ميليشيا سرايا السلام التي يشرف عليها،
وصادق أعضاء من حركة حزب الله النجباء على المرسوم.

انتقادات؟

وفيما توقع بعضهم صدور انتقادات حادة للقرار من قادة الحشد الشعبي بسبب تعريضه مصالح مجموعاتهم الاقتصادية والسياسية للخطر المباشر نتيجة له، يبدو أنهم أدركوا شيئاً غاب عن معظم المراقبين.

فرغم أن السياسة الجديدة تقضي بدمج الميلشيات الشيعية بفي لدولة العراقية، لكنها لا تتطلب خضوعهم.

وإذا كان هناك من خطر، فهو خضوع الدولة ذاتها للمجموعات شبه العسكرية، وليس العكس.

وفي رأي الكاتب، يمثل المرسوم لقيادة الحشد فرصة لتعزيز سلطتها من داخل الدولة. وعلى مر السنين، أكد كبار قادة الحشد أن أهم أهدافهم هي الحصول على اعتراف رسمي من الدولة العراقية. فمن ناحية، كانت هناك حوافز مالية مرتبطة بسيطرة رسمية على وزارات وجهات حكومية. ولكن تلك المجموعات شبه العسكرية رأت في انضمامها للدولة، أفضل مسار واعد لنيل شرعية عامة.

سحب تأييد

ويلفت الكاتب لإدراك قادة الحشد لسحب عدد كبير من العراقيين، بمن فيهم شيعة، دعمهم للميلشيات، وبعد أن كان الشيعة العراقيون يرون في الحشد قوة شبه مقدسة أثناء القتال ضد داعش، فإنهم بدأوا ينتقدونها فور انتهاء الحرب.

وعلى سبيل المثال، شهدت البصرة، موطن قرابة ثلث مقاتلي الحشد، احتجاجات واسعة النطاق ضد الميلشيات بسبب ممارستها دور دولة موازية. وحمّل نشطاء  الحشد المسؤولية عن مقتل 20 محتجاً في 8 و 9 سبتمبر( أيلول) 2018.

وضع المهندس، أحد قادة الحشد الشعبي نصب عينيه هدف تحويل منظمته من زمن الحرب إلى زمن السلم، بتطوير سلسلة أكثر وضوحاً، وأكثر رسمية للقيادة، وللحصول على دعم شعبي مستدام.

واتخذ خطوته الأولى بتعزيز تنظيم مركزية صنع القرار. وخلال الحرب ضد داعش، انضوى عدد من المجموعات شبه العسكرية تحت مظلة الحشد، ولكن بعد خسارة التنظيم الإرهابي سيطرته الإقليمية، بدأت تلك المجموعات تتقاتل فيما بينها على السلطة، والشرعية، والموارد. لذلك أطلق المهندس حملة لتطهير الخصوم من الداخل، وأشار إليهم باسم "مجموعات زائفة".

دعم شخصي
ولكن السبب الوحيد والأهم لدعم قيادة الحشد، حسب الكاتب، للمرسوم الجديد إلى شخص رئيس الوزراء ذاته، فعبد المهدي، على خلاف حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي السابق، يدين بسلطته إلى تلك المجموعات شبه العسكرية التي دعمت ترشيحه، وهو الذي يفتقر إلى حزب سياسي يدعمه. ومنذ تعيينه سعت قيادة الحشد الشعبي، ممثلة في كتلة الفتح، لكسب نفوذ لدى رئيس الوزراء، بتعيين حلفائها في مكتبه.

ويخلص الكاتب إلى أن قادة الحشد الشعبي، يسعون لتحقيق هدف رئيسي، والتحول إلى جزءٍ من الدولة في خطوة لتعزيز سلطتهم والسيطرة عليها، فهم سيندمجون لكن بشروطهم ليحتفظوا باستقلاليتهم.

 وهكذا، وعوض كبح جماح تلك الميلشيات، قد يشكل مرسوم عبد المهدي خطوة أخرى لتمكينها أكثر.