مشهد من طهران.(أرشيف)
مشهد من طهران.(أرشيف)
الإثنين 15 يوليو 2019 / 13:13

طهران وعض الأصابع.. لعبة نووية خطيرة!

من جديد، تجد الولايات المتحدة وإيران نفسيهما في موقف مألوف: لعبة عض أصابع خطيرة بشأن برنامج إيران النووي. ويرجح أن يكون إعلان إيران، قبل أسبوع، أنها بدأت في تخصيب اليورانيوم بنسبة 5% فوق حدود رسمتها الاتفاقية النووية لعام 2015 مع الولايات المتحدة وخمس قوى دولية أخرى، مجرد بداية إيرانية لتسريع برنامجها النووي المدني.

غياب جار حليف قوي يعني أيضاً بأن إيران ليست لديها قوة قريبة تحميها من تأثير عقوبات، كما تحمي الصين كوريا الشمالية

ومن بين إجراءات أخرى، قالت طهران إن زيادة التخصيب قد تصل إلى نسبة 20%، ما يقصر إلى حد بعيد الجدول الزمني لتحقيق اختراق نووي – لحظة تستطيع عندها دولة ما الحصول على ما يكفي من مواد انشطارية من أجل تصنيع قنبلة نووية.

هدف واضح
ومع أن توسيع أنشطتها النووية سوف يزيد احتمالات دخولها في مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة، أو على الأقل توجيه ضربة عسكرية محدودة لمنشآتها النووية، لإيران هدف واضح: إعادة التفاوض مع الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق يقضي برفع عقوبات، مع حماية أمنها القومي.

لكن تبعاً لما يشير إليه ماثيو باي، محلل بارز في السياسات الجغرافية لدى مركز "ستراتفور" الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والأمنية، في ظل وجود إدارة من الصقور في البيت الأبيض، قد تكون استراتيجية طهران محفوفة بالمخاطر- رغم أن التصعيد ربما هو خيار طهران الوحيد للحصول على ما تريده.

أوجه قصور
ويرى باي أن طهران تعتبر نفسها قوة إقليمية مهيمنة ترغب باستعراض نفوذها في مناطق مجاورة. ولم يتطور ذلك الغرور مع نشأة الجمهورية الإسلامية، بل كان لما سبقها في حكم إيران، سلالة بهلوي، نفس النظرة، كما كان حال امبراطوريات فارسية قديمة.

لكن حسب الكاتب، تجد إيران اليوم أن خيوط اللعبة باتت ضدها. ولربما تتفاخر إيران باقتصاد واسع وبأكبر عدد من السكان في غرب آسيا، لكن قوتها العسكرية التقليدية محدودة. فقد اعتمدت بشدة إيران، قبل تأسيس الجمهورية الإسلامية في 1979، على شراكتها الأمنية مع الولايات المتحدة من أجل الحصول على عتاد عسكري، وقطع غيار وتدريبات. لكن نتيجة للنغمة المعادية لأمريكا التي تبنتها الثورة الإسلامية، قطعت واشنطن علاقاتها مع طهران، وفرضت حظراً على الأسلحة، ما جعل أسلحة إيران التقليدية متخلفة بعشرات السنين، إن لم تكن في حالة سيئة جداً، عن نظيراتها في المنطقة. وعلاوة عليه تنظر كل من السعودية وتركيا المدعومتين من أمريكا إلى إيران بوصفها منافساً إقليمياً، وتسعيان إلى ما لا نهاية للفوز في رقعة الشطرنج الشرق أوسطية.

تعويض
إلى ذلك يرى كاتب المقال أنه لا عجب في أن تسعى إيران للتعويض، من خلال استراتيجيتها الدفاعية والأمنية، عن أوجه قصور في ترسانتها العسكرية التقليدية. وهذا يعني، من الناحية العسكرية، أن تدعم إيران وكلاء سنة وشيعة في المنطقة، كحركة حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، اللذين يربكان ويزعجان إسرائيل، أكبر حليف لأمريكا في المنطقة. كما يعني ذلك أن طهران سعت بشكل مباشر لتدريب ميلشيات وتقديم دعم لمناطق في العراق. وعلاوة عليه، يتضح لماذا استثمرت إيران في تطوير صواريخ باليستية وصواريخ كروز، وفي الحرب الإلكترونية ووسائل زرع ألغام، وتعطيل الملاحة في مضيق هرمز.

وبرأي الكاتب، في نهاية المطاف، ومن خلال كل هذه الإجراءات، تسعى إيران لزيادة الردع الاستراتيجي عبر رفع كلفة تنفيذ عمل عسكري ضدها بالنسبة لعدو في المنطقة، أو للولايات المتحدة.

ومن الطبيعي، حسب الكاتب، أن تتوج هذه الاستراتيجية برغبة في تطوير أسلحة نووية وبناء ترسانة صغيرة. ولكن على إيران، عند تنفيذها تلك الاستراتيجية، النظر في إيجابيات وسلبيات الحصول حتى على ترسانة محدودة.
وباعتقاد الكاتب، فيما امتلكت إيران في الماضي برنامج أسلحة نووية، فقد أظهرت أنشطتها، في الواقع، أنها غير مستعدة لتطوير أسلحة بقوة السلاح النووي، وقبول المخاطرة المرتبطة بها، مقارنة، على الأقل، بكوريا الشمالية.

أوجه اختلاف
وبالنسبة لإيران، يقول الكاتب إن هناك ميلاً للمضي في استراتيجية نووية عدوانية – قد تؤدي لتطوير أسلحة نووية – وتحمل أثمانا اقتصادية ناتجة عن عقوبات. وعلى خلاف كوريا الشمالية، ليست إيران منظمة للبقاء كدولة منبوذة لأجل طويل. ويرجع ذلك لكون النظام السياسي الإيراني يوفر لأبنائه مجالات مشروعة للتعبير عن سخطهم من الحكومة – وهو عامل قد يشكل سياستها. وعند هذه النقطة، ليست إيران دولة أمنية شمولية قادرة على الحد من المعارضة الداخلية، كما هو الحال في بيونغيانغ. ويضاف إليه، تعتبر كوريا الشمالية دولة صغيرة تعيش في ظلال دول أكبر – الصين وروسيا واليابان – وليست لديها طموحات كبيرة لتصدير نفوذها الإقليمي كما هو حال إيران. وغياب جار حليف قوي يعني أيضاً بأن إيران ليست لديها قوة قريبة تحميها من تأثير عقوبات، كما تحمي الصين كوريا الشمالية.