الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أرشيف)
الإثنين 15 يوليو 2019 / 13:45

كيف وضع ترامب الإيرانيين بين المطرقة والسندان؟

كتب النائب البارز لرئيس المركز الأمريكي للعلاقات الخارجية إيلان بيرمان أنّ عدم إعجاب القادة الأوروبيين بالرئيس دونالد ترامب لا يشكل سراً. وذكر في مقاله الذي نشرته صحيفة "ذا هيل" الأمريكية أنّه خلال السنتين الماضيتين، تسبب أسلوب ترامب وخطابه التصادمي حول كل شيء بدءاً من نقص الإنفاق الدفاعي وصولاً إلى التجارة الثنائية بفرض ضغوط شديدة على العلاقات العابرة للأطلسي.

ا استمرت إيران في الاتفاق النووي، فستفعل ذلك على الرغم من حملة الضغط الأمريكية. لكن إذا تخلوا عن الاتفاق فسيخاطرون بإبعاد شركائهم التجاريين الحاليين

ومع ذلك، وفي المسألة الإيرانية على الأقل، تتحول الدول الأوروبية ببطء، لكن بالتأكيد إلى الاصطفاف بجانب البيت الأبيض، حتى ولو كانت تفعل ذلك على مضض.

يعني تخصيب إيران لما يفوق نسبة 3.67% من اليورانيوم تهيئة الأسس للانطلاق سريعاً نحو الوضع النووي. ووفقاً لمسؤولين إيرانيين، إذا لم تقم الولايات المتحدة وحلفاؤها بتخفيف الضغط عن النظام خلال الشهرين المقبلين، فستتخذ إيران مزيداً من الخطوات لخرق الاتفاق وهي "مستعدة لتخصيب اليورانيوم على أي مستوى وبأي مقدار".

خطة إيران ترتد عليها
هدف التهديدات الإيرانية واضح. أشار الباحث في معهد هيودسن مايكل دوران إلى أنّ تصرفات طهران على المستويين النووي والخليجي تهدف إلى رفع آفاق الحرب مع الولايات المتحدة ودفع الدول الأوروبية التي تزداد عصبية لتمارس الضغط على واشنطن من أجل التراجع عن حملة الضغط الأقصى، اقتصادياً وسياسياً. لكن يمكن لمناورات طهران أن تنتج في الواقع تأثيراً معاكساً. إنّ الدول الأوروبية المتوترة أصلاً بسبب سلوكيات إيران المتهورة في مضيق هرمز تصبح أكثر قلقاً بسبب ما تراه في طهران كشريك غير جدير بالثقة بشكل متزايد.

مشكلة مشتركة
استنكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخطوة الإيرانية الأخيرة، على الرغم من أنّ فرنسا اقتربت لكن لم تصل لغاية اليوم إلى حد اللجوء لآلية حل الخلاف والتي قد تنتج إعادة فرض العقوبات المتعددة الأطراف على إيران. وقالت ألمانيا أيضاً إنّها "قلقة للغاية" من القرار الإيراني ودعت طهران إلى "وقف وعكس جميع النشاطات فوراً" والعودة للالتزام بالاتفاق النووي. من جهته، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه قد يحتاج إلى تأسيس آلية جديدة لحل الخلاف من أجل إعادة إيران إلى الامتثال للاتفاق.

تعكس جميع هذه المشاعر مشكلة مشتركة تواجه الدول الأوروبية. كانت الدول الأوروبية لفترة طويلة تناصر بحماسة التطبيع مع إيران. بشكل تراكمي، أضحت هذه الدول بعضاً من أكبر المستفيدين من التجارة المتجددة مع النظام الإيراني عقب الاتفاق. بين عامي 2015 و 2017، توسعت التجارة الثنائية بين الاتحاد الأوروبي وإيران بشكل درامي فبلغت 10 مليارات يورو سنوياً على مستوى الصادرات والواردات. لكن خلال السنة الماضية، هبط حجم التجارة بشكل كبير بسبب العقوبات الأمريكية على إيران.

يأس أوروبي
ترك هذا المسار الأوروبيين يائسين للحفاظ على الشراكة الاقتصادية مع آيات الله. ولهذا السبب، عمد عدد من الدول الأوروبية على تأسيس قناة جديدة لتسهيل التبادل التجاري مع إيران إنستكس، لتسهيل استمرار التعامل التجاري مع إيران في وجه العقوبات المتزايدة. هذه الآلية مشغَّلة اليوم وتسعى الدول الأوروبية جاهدة للحفاظ على حقوقها الاقتصادية هناك. لكنّ هذه التجارة لن تكون مستدامة طالما إلا ببقاء إيران ملتزمة ببنود الاتفاق النووي. كلما ابتعدت إيران عن ذلك أصبح من الصعب على أوروبا مواصلة أعمالها التجارية الطبيعية مع طهران وبدا الضغط الاقتصادي الأمريكي على إيران مبرراً بشكل أكبر.

ما لا تستطيع إيران تحمله
يجد القادة الإيرانيون أنفسهم بين المطرقة والسندان. إذا استمروا في الاتفاق النووي، فسيفعلون ذلك على الرغم من حملة الضغط الأمريكية. لكن إذا تخلوا عن الاتفاق فسيخاطرون بإبعاد شركائهم التجاريين الحاليين وسيحولون الأوروبيين إلى مناصرين لاستراتيجية ترامب الإيرانية. وهذا تطور لا يستطيع النظام الإيراني تحمله وهم يعانون لإبقاء اقتصادهم حياً في مواجهة العقوبات الأمريكية.