مبنى دمره القصف في إدلب.(أرشيف)
مبنى دمره القصف في إدلب.(أرشيف)
الإثنين 15 يوليو 2019 / 14:08

هل شارفت حرب سوريا على نهايتها حقاً؟

24- زياد الأشقر

لاحظ الباحث البارز في "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن تشارلز ليستر في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أنه عندما يتم التطرق إلى الوضع السوري هذه الأيام، فإن العبارة المتداولة هي أن "الأسد فاز" أو أن "الحرب وصلت إلى نهايتها". ويمكن تفهم ذلك إنطلاقاً من أن ثلثي البلاد هي تحت سيطرة النظام.

بعد عشرة أسابيع من الهجوم الذي تقوم به "قوات النمر" السيئة السمعة والحرس الجمهوري والفرقة الرابعة في إدلب، فإن هذه القوات لم تتمكن من استعادة سوى 1 في المئة من الأراضي

ومنذ التدخل الروسي العسكري في سبتمبر(أيلول) 2015، لم تربح المعارضة السورية معركة واحدة رئيسية وخسرت معظم الأراضي التي كانت في حوزتها. وفي شرق سوريا خسر تنظيم داعش ما كان يسيطر عليه من أراضي ما سمي بـ"الخلافة" بطرده من قرية الباغوز في مارس (آذار) الماضي. وإلى حد كبير، فإن الموضوع الذي يهيمن على سوريا اليوم هو الحديث عن إعادة اللاجئين وإعادة الإعمار، وما إذا كان يجب تخفيف العقوبات عن دمشق، ومسألة هل يجب إعادة التعامل مع النظام.

وقائع جديدة
وبالنسبة إلى المدافعين عن النظام، فإن هذه هي اللحظة المناسبة للاحتفال، وتنفس الصعداء وتكثيف الدعوات للعالم كي يعترف بالوقائع الجديدة، وإزالة العقوبات، ومساعدة سوريا على إعادة البناء وإعادة السيادة على أنحاء البلاد كافة. وهذه الدعوات ليست بجديدة، لكنها تحظى ببعض الانتباه في أوساط بعض المحللين الفاعلين وصانعي السياسة. وعلى سبيل المثال، فإن مركز كارتر- الذي أسسه الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر- شارك في استضافة اجتماع في أبريل (نيسان) بلندن لمناقشة قضايا مثل "استعادة السيادة على الأراضي" و"كيفية ضمان التخلص من القوات المسلحة التي تعمل في سوريا من دون رضا الحكومة السورية".

والشريك الاخر لمركز كارتر في استضافة الاجتماع هو الرابطة السورية البريطانية الموالية للنظام وأسسها والد زوجة الأسد، فواز الأخرس، الذي كان في عام 2012 ينصح الأسد في مجال مواجهة الأدلة حول تعذيب النظام للمدنيين. والمدير التنفيذي للرابطة المذكورة هو شقيق رئيس برنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا.

ولكن الكاتب يشير إلى أن نظام الأسد لم "يربح" شيئاً، كما أن الاستقرار لا يزال بعيد المنال. والمعاقل الأخيرة للمعارضة في شمال غرب سوريا تبدو محصنة. وفي أماكن أخرى من البلاد، تبرز علامات كثيرة على مستقبل غير مستقر. وصحيح أن سوريا لم تعد في حرب أهلية مفتوحة، لكن الأزمة السياسية في البلاد تتفاقم. إن الأسباب التي أدت إلى انتفاضة 2011 لا تزال قائمة- ومعظم هذه الأسباب هي أسوأ الآن. وحتى في أراضٍ يسيطر عليها النظام ويقطنها المدافعون الشرسون عنه، فإن الحياة اليومية تواجه مزيداً من التحديات أكثر مما واجهته حتى في أقسى أيام النزاع.

الوضع غير مستقر
ولفت إلى أن النقاش الصريح حول سوريا في حاجة إلى الاعتراف بأن الوضع لا يزال غير مستقر إلى درجة كبيرة.
فبعد عشرة أسابيع من الهجوم الذي تقوم به "قوات النمر" السيئة السمعة والحرس الجمهوري والفرقة الرابعة في إدلب، فإن هذه القوات لم تتمكن من استعادة سوى 1% من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، بينما تم تهجير 330 ألف شخص. وأبرزت المعارك في إدلب فقدان النظام القوة البشرية الضرورية لاستعادة المحافظة أو للسيطرة على الأراضي التي هي في أيدي الحكومة السورية.

ورفضت إيران إرسال الميليشيات التابعة لها للمساعدة في الهجوم على إدلب، إذ إنها منذ اجتماع أستان في أبريل (نيسان)، لا ترى أهمية استراتيجية كبيرة لشمال غرب سوريا. ولم تظهر أهمية إيران بالنسبة إلى الأسد وروسيا إلا مع معركة إدلب، بينما تصر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خروج كامل القوات الإيرانية من سوريا، شرطاً لتسهيل التسوية السياسية في سوريا.

داعش
وعلى رغم خسارة داعش آخر أراضيه في سوريا، فإن الخلايا النائمة للتنظيم شنت 370 هجوماً في شرق سوريا منذ مارس(آذار). وبينما يسيطر النظام على 62 في المئة من أراضي البلاد، فإن نسبة الـ38 المتبقية يسيطر عليها لاعبون سوريون يخضعون لنفوذ حكومات أجنبية. وفي شمال شرق سوريا، تسيطر الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية على 28 في المئة، بينما تمارس تركيا نفوذاً على عشرة في المئة في حلب وشمال غرب سوريا.