آثار الحرب على أحد مباني بيروت.(أرشيف)
آثار الحرب على أحد مباني بيروت.(أرشيف)
الثلاثاء 16 يوليو 2019 / 12:13

إعمار بيروت لا يزال يثير جدلاً

بعنوان "الجدل متواصل بشأن إعادة إعمار بيروت"، أشارت مجلة "إكونوميست" البريطانية في عددها الأخير إلى حجم استياء سكان المدينة من الطريقة التي يعاد فيها بناء "باريس الشرق".

مؤيدو المشروع يعتبرون أنه يكفي أن بيروت نهضت من جديد، بعدما دمرت الحرب الاقتصاد اللبناني

وتقول المجلة إنه باستثناء اسمها، تنتشر أسواق بيروت في كل مكان. وقد اختفت متاهات من الأزقة كانت تمتد من وسط المدينة حتى منطقة الميناء. وعوض تلك الأزقة، حلت مسارات بلا روح تصطف على جنباتها محلات تحمل أسماء أشهر ماركات الملابس الرياضية، ودفنت معها متاهة من أسواق البهارات والذهب كان يسمع في جنباتها نهيق حمير تنقل سلعاً وبضائع. ولم يبق ما يذكر بعظمة تلك الأسواق القديمة، سوى صرح كبير مثقب بأثر قذائف لمبنى كان مقراً لصحيفة "لوريان لو جور" اللبنانية التي تصدر بالفرنسية.

مشاعر متناقضة
وتلفت المجلة لإثارة بضعة مشاريع مشاعر مفرحة لدى اللبنانيين مثل إعادة بناء بيروت. ويثني البعض على إعادة نهوض المدينة، كطائر الفينيق، على أنقاض حرب دامت 15 عاماً، وانتهت في 1990. ويشتكي آخرون من إتاحة تلك المشاريع فرصة لكبار رجال الأعمال والسياسيين للقضاء على التنوع الديني والطبقي في المدينة القديمة، والاستيلاء على أفضل العقارات.

ويرى مؤيدو المشروع أنه يكفي أن بيروت نهضت من جديد. فقد دمرت الحرب الاقتصاد اللبناني، ولذا انتخب رفيق الحريري، رجل أعمال ثري، رئيساً لوزراء لبنان، بعد نهاية الحرب. وسمح الحريري لسوليدير، شركة حديثة كان أحد مساهميها لمصادرة أراض من وسط بيروت. لكن قبل اغتياله في 2005، زود وسط المدينة بشبكة كهرباء وألياف بصرية خاصة بها، فيما ترك باقي بيروت تعاني من انقطاع التيار وبطء وتيرة الانترنت. وبنى الحريري أنفاقاً على الطريق إلى المطار، تجنباً لازدحام مروري. وارتفعت من جديد كنائس ومساجد، وتم تجديد ساحة النجمة التي تبدو على شكل نجمة يرتفع في وسطها برج ساعة، وتبدو الساحة كأن الحرب لم تقع أبداً. ويقول جمال الصغير، لبناني شغل منصباً مرموقاً في البنك الدولي: "أحيا مشروع سوليدير مدينة بيروت".

منتقدو سوليدير
وتنقل مجلة "إكونوميست" عن منتقدي سوليدير إن المشروع أدى لطرد سكان عاديين، ودمر من البيوت أكثر مما دمرته الحرب. ونفذ المشروع لاجتذاب طبقة جديدة ثرية بواسطة تشييد أبنية حديثة ثمينة. وحلت محلات تبيع سلعاً فاخرة مكان مدارس ومتاجر قديمة. وأنشأ ساسة، منهم ابن الحريري، سعد رئيس الوزراء الحالي مساكن لهم من خلف حواجز تحرسها شركات أمن خاصة. ولكن يقول أحد مخططي المشروع: "تخيل كم كان اللبنانيون متلهفين لمواصلة حياتهم الطبيعية ومحو ذاكرة الحرب".


ومع ذلك، تلفت المجلة إلى أن ساحة النجمة تبدو شبه فارغة كما كانت عندما تحولت إلى منطقة فاصلة يجتازها المارة جرياً خوفاً من القناصة. وكانت الساحة بمثابة منطقة عازلة بين مناطق مسيحية وسنية ودرزية وفق تقسيمات الحرب لمدينة بيروت. لذا تقول منى فواز، أستاذة تخطيط المدن لدى الجامعة الأمريكية في بيروت: "دمرت عملية إعادة الإعمار وسط بيروت كمكان لاختلاط الطوائف، واستكملت عمل الحرب الأهلية".