الرئيس التركي رجب طيب أرودغان (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أرودغان (أرشيف)
الثلاثاء 16 يوليو 2019 / 12:46

تركيا تترنح بين عقوبات أوروبية وأخرى أمريكية

24 - بلال أبو كباش

تتغير اللهجة الأوروبية تجاه تركيا تدريجياً في ظل مواصلة الأخيرة انتهاكاتها لقبرص المجاورة، من خلال إصرارها على التنقيب في مياه البلد العضو في الاتحاد الأوروبي رغم عدم قانونية ذلك، وبعيد تحذير بروكسل لأنقرة باحترام سيادة قبرص والكف عن عمليات التنقيب غير المشروعة، وجه الاتحاد الأوروبية صفعة عقوبات مدوية لتركيا بسبب عدم استجابتها للنداءات الأوروبية.

أمس الإثنين، باغت الاتحاد الأوروبي تركيا بجملة من العقوبات المالية والسياسة، وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكيا موغيريني في اختتام اجتماع لوزراء الدول الـ28 والذي عقد في بروكسل، أنه "تم إقرار إجراءات ضد تركيا، وستعلن خلال الساعات المقبلة".

استفزازات
العقوبات الأوروبية على تركيا تأكيد على رفض بروكسل لأي أدوار تركية غير قانونية في المنطقة، والتي تتعارض أيضاً مع شروط انضمامها للاتحاد، يقول وزير الدولة الألماني لشؤون أوروبا ميشيل روت، "استفزازات تركيا غير مقبولة لنا جميعا.. لقد وجدنا الآن لغة متوازنة تبقي جميع خياراتنا مفتوحة، بما في ذلك العقوبات بالطبع"، مضيفاً "آمل ألا نضيف أزمة أخرى إلى العديد من النزاعات والأزمات. وتركيا تعرف ما هو على المحك والاتحاد الأوروبي موحّد إلى جانب قبرص".

رد قوي
وتؤكد وكالة الأنباء الأمريكية "بلومبرغ" أن، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اتفقوا على تجميد معظم الاتصالات رفيعة المستوى مع تركيا، إضافة إلى خفض تدفق الأموال إلى البلاد، مع سعيهم لأن تشمل العقوبات الشركات التركية المشاركة بعمليات التنقيب البحرية قبالة قبرص.

وتضيف الوكالة، أن القرار الذي وقعه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يدعو إلى تعليق المفاوضات حول اتفاقية الطيران مع أنقرة، ووقف الاجتماعات الوزارية المقررة بين الطرفين، وخفض المساعدات المالية الأوروبية لتركيا، إضافة إلى دعوة بنك الاستثمار الأوروبي لمراجعة عمليات إقراضه لأنقرة.

قلق أوروبي
الاتحاد الأوروبي سلط عقوباته على الأطراف المتصلة بعمليات التنقيب مباشرة، خوفاً من الإخلال في توازن العلاقة مع تركيا فيما يتعلق بقضايا الهجرة والإرهاب، مبقياً بذلك بعض خطوط الاتصال مفتوحة مع أنقرة للاطمئنان على أمن حدوده.

وبحسب الخبراء، فإن إبقاء بعض خطوط الاتصال مفتوحة بين بروكسل وأنقرة لا يعني أن الاتحاد الأوروبي سيقبل بأي تماد تركي جديد، ويؤكد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، على تويتر "رغم وجود نوايا صادقة للحفاظ على علاقات حسن الجوار مع تركيا، فإن تصعيدها المستمر والتحدي الذي تقوم به لسيادة دولة قبرص العضو بالاتحاد سيؤدي حتماً إلى قيام الاتحاد الأوروبي بالردّ بتضامن كامل".

ضغط اقتصادي
وتشير التقارير، إلى أن العقوبات الأوروبية على تركيا تثقل كاهل البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية، خاصة في ظل الحديث عن احتمالية فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على تركيا بسبب شراءها منظومة الصواريخ الروسية "إس 400".

ويؤكد دبلوماسي أوروبي، أن أنقرة قد تخسر نحو 150 مليون يورو من أصل 400 مليون يورو من أموال المساعدات التي خصصها الاتحاد الأوروبي للإصلاحات السياسية ومشروعات الزراعة، لمساعدة تركيا على الاستعداد لعضوية الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف.

قرار خفض الدعم الأوروبي لتركيا يؤخذ على محمل الجد حين يتعلق الأمر بانتهاك أنقرة لقوانين الاتحاد، أو تعديها على حقوق الإنسان، ويؤكد ذلك خفض بروكسل دعمها المخصص لأنقرة خلال الفترة ما بين 2014 حتى 2020 والذي كان يبلغ 4.45 مليار يورو. كما جمدت بروكسل محادثات العضوية والمفاوضات المتوقفة منذ وقت طويل حول رفع مستوى الاتحاد الجمركي مع تركيا، متهمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يحاول الحفاظ على النهج الدبلوماسي في ردع تركيا لثنيها عن انتهاكاتها، إلا أن الأخيرة لا تتجاوب مع التحذيرات وتزيد في تعنتها من خلال الإصرار على مواصلة التنقيب في مياه قبرص، وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية، إن "القرارات التي تم اتخاذها في اجتماع مجلس العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي الذي انعقد، أمس، لن تؤثر بأي شكل من الأشكال على عزمنا مواصلة أنشطة التنقيب عن الموارد الهيدروكربونية شرق المتوسط".

عقوبات أمريكية
وتحت وطأة العقوبات الأوروبية، تعيش تركيا قلقاً إضافياً مع إمكانية فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات جديدة بعد شراء أنقرة منظومة "إس 400" الروسية، وتفيد التقارير الإعلامية الأمريكية، أن فريق الرئيس الأمريكي اتفق على حزمة عقوبات ضد تركيا للرد على تلقيها أجزاء من نظام دفاع صاروخي روسي، سيعلن عنها خلال الأيام المقبلة.

وتؤكد "بلومبرغ"، أن الإدارة الأمريكية اختارت واحدة من 3 مجموعات من الإجراءات الموضوعة لإحداث درجات متفاوتة من الأضرار طبقاً لقانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات، بحسب المصادر، دون تحديد المجموعة التي تم اختيارها. وتحتاج الخطة إلى موافقة ترامب.