القيادي السابق في حزب الله اللبناني عماد مغنية (أرشيف)
القيادي السابق في حزب الله اللبناني عماد مغنية (أرشيف)
الثلاثاء 16 يوليو 2019 / 23:34

زينب عياش.. "الفخذ المالح" في حزب الله

نشب خلاف في الأيام القليلة الماضية في الحي الأبيض بالضاحية الجنوبية من بيروت بين عناصر من حزب الله يسكنون الحي، وآخرين من الحزب أيضاً مرافقين لامرأة تدعى زينب عياش، واستنفر الطرفان بأسلحتهما قبل أن يتدخل عناصر "الأمن المضاد" في الحزب لحل الخلاف.

ولكن عياش رفضت أن يمر الموضوع دون معاقبة المجموعة التي رفعت السلاح في وجه مرافقيها، ما اضطر قيادات الحزب للتدخل وفي مقدمتهم حسن نصرالله شخصياً، وكان سبب هذا التدخل من قياديي حزب الله، أن مجموعة الحي تنتمي أساساً إلى منطقة بعلبك الهرمل، فيما زينب ومرافقيها من الجنوب اللبناني، ما يُعيد تسليط الأضواء على تنامي الخلاف وتجدده منذ فترة بين "جنوبيي" الحزب،
و"بقاعييه".

ولكن من هي زينب عياش، التي أيقظت نصف دزينة من قيادات حزب الله ومن بينهم نصر الله لحل خلاف على أفضلية مرور بين مرافقيها وآخرين.

هي واحدة من أرامل عماد مغنية، كانت تنتمي سياسيا لحركة فتح والجبهة الشعبية الفلسطينيتين قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 1982، وهو الأمر الذي يفسر سبب لقائها بداية بعماد مغنية في منطقة الشياح ببيروت.

تزوجت عياش في نهاية الثمانينات أحد عناصر حزب الله، الذي عمل بعد إنشاء تلفزيون المنار في صيانة الكهرباء، وأثناء عمل زوجها في قناة المنار، شاركت هي في التحركات المؤيدة لحزب الله، وأبرزها على طريق مطار بيروت يوم توقيع اتفاق أوسلو حيث أطلق الجيش اللبناني النار على عناصر حزب الله المتظاهرين فأردى منهم نحو 17 شاباً وامرأة.

وكانت لجنة التحقيق في ملف اشتباك جسر المطار بالحزب بإشراف مغنية، والتقت اللجنة زينب عساف التي كانت شاهداً على "المجزرة"، فانتبه مغنية إليها، وعادت إلى ذاكرته أيام الصبا وطلب لقائها للتحقيق معها.

بعدها بأشهر أصبحت العلاقة بينهما موثوقة، فشاركته في عدد من العمليات الأمنية التي تحتاج إلى شخص مثلها، وهي التي تدربت على يد عناصر أمن الـ 17 التابع لفتح الفلسطينية قبل الاجتياح الإسرائيلي في 1982.

وفي نهاية التسعينات أقنعت زينب زوجها الأول بالزواج من أرملة شابة تنتمي إلى حزب الله، بعد مقتل زوجها في قصف إسرائيلي في 1996، على اعتبار أن التضامن الحزبي مطلوب في مثل هذه الحالة، وبعد 23 يوماً بالضبط من الزواج الذي أصرت عليه، طلبت الطلاق منه، بدعوى أنها لا تطيق العيش مع "ضرة".

حاول الزوج إقناع زينب، بالبقاء معه وتطليق الثانية، لكنها أصرت على موقفها. وتركته مع أولادهما وزوجته الثانية وولديها من طليقها. 

وبعد أشهر قليلة أعلمت زينب عياش المقربين منها بزواجها من "الحاج رضوان" اللقب العسكري لعماد مغنية، الذي كانت على علاقة سرية معه، رغم زواجها من عامل الكهرباء في قناة المنار.

واختفت عياش بعد زواجها من مغنية عدة مرات، وعملت على تنفيذ خطط وضعها لها مغنية، لتأسيس مجموعات "أمنية" صغيرة في ألمانيا ودول أوروبية أخرى، وكندا، وأستراليا، تابعة لحزب الله، وهو ما نجحت فيه.

كانت هذه المجموعات تعمل على شراء تقنيات حديثة تساعد في معارك أو عمليات تسلل، ومنها عبور الشريط الحدودي في مزارع شبعا، وخطف جنود إسرائيليين.

وقتل أعضاء هذه المجموعة في الساعات الأولى لحرب 2006 في 13 ايونيو (حزيران) بضربات إسرائيلية استهدفت بيوتهم في قراهم بجنوب لبنان، ما اعتبر أسوأ ضربة لجهاز الأمن الخارجي لحزب الله، أجبرت عماد على إبعادها عن الأرض لمنع اغتيالها.

وبعد مقتل عماد مغنية في دمشق في 12 فبراير (شباط) 2008، أبعدت زينب عياش عن الجهاز الأمني، كما أبعد عدد من المقربين لمغنية، بسبب صراع الأجنحة في القيادة الأمنية وفي مجلس الشورى وتفوق أحد أجنحته على جماعة مغنية، بمن فيهم مصطفى بدر الدين، الذي قتل في سوريا منذ فترة قصيرة، الذي كان مبعدا وجاءت قصة موته الغريبة لتؤكد حدة الصراع الداخلي المستمر في حزب الله منذ ذلك التاريخ.

وتشبه قصة زينب عياش، في تقدمها وصعودها، وهزيمتها، قصص الكثير من الاحزاب اللبنانية، مع فارق وحيد أنها امرأة، لم يعد بإمكانها العيش بلا مرافقة، ولا حتى التصرف كأنها لم تكن صاحبة سلطة في يوم من الأيام.