ناقلة نفط بريطانية.(أرشيف)
ناقلة نفط بريطانية.(أرشيف)
الأربعاء 17 يوليو 2019 / 10:13

طهران تتجاهل دروس حرب الناقلات

يدل الخطاب الإيراني الأخير وبعض الأنشطة لاتخاذ إيران مزيداً من العمليات الانتقامية. لكن ذلك المسار قد يعود إلى ذات الحسابات الاستراتيجية الخاطئة، وإلى تدخل دولي جرى في الثمانينات، وكلف إيران غالياً.

جل ردع إيران عن مزيد من التصعيد، على الأطراف الفاعلة للحفاظ على وجود بحري قوي متعدد الجنسيات في المنطقة، وتمكينه من التدخل لحماية حرية الملاحة في الممرات المائية الاستراتيجية

ويلفت فارزين نديمي، زميل مشارك لدى معهد واشنطن، متخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية في إيران ومنطقة الخليج، لسيطرة البحرية الملكية البريطانية، في 4 يوليو(تموز) الجاري، على ناقلة غريس 1 الضخمة، والتي كانت ترفع علم بنما، وتنقل النفط الخام من إيران إلى مصفاة بانياس السورية، في تحدٍ لعقوبات الاتحاد الأوروبي ضد الحكومة السورية. واستخدمت البحرية البريطانية مروحية كي تحط في منتصف الليل على الناقلة التي يبلغ طولها 330 متراً، وحجم حمولتها 300 ألف طن. ويكشف رد فعل إيران الكثير عن خيارات ردها المحتمل ضد مصالح غربية – والقيود المفروضة عليها.

رد أولي
وحسب نديمي، بعد الاستيلاء على الناقلة، تصرفت طهران بغضب شديد، وحيث هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني، ومسؤولون من مدنيين وعسكريين، بأنه إن لم يفرج عن الناقلة فوراً، فسوف ترد إيران بنفس الطريقة في مضيق هرمز. وقد وصل الأمر لدرجة مطالبة بعضهم بمنع عبور سفن بريطانية مضيق هرمز، فيما طرح البرلمان الإيراني مشروع قانون لفرض رسوم على سفن بعض الدول، وهو تدبير تمييزي غير قانوني.

وفي 8 يوليو(تموز)، وصف وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي الاستيلاء على الناقلة بأنه قرصنة. وبعد يوم منه، توعد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، محمد باقري، بالانتقام في الوقت والمكان المناسبين، وبنفس الطريقة "المباشرة والشفافة والشجاعة" التي استخدمت في إسقاط طائرة أمريكية دون طيار في 20 يونيو(حزيران). وكرر باقري أيضاً استراتيجية المرشد الأعلى علي خامنئي: "لا للمفاوضات ولا للحرب"، واصفاً ذلك بأنه "مقاومة نشطة"، وما يدل على أن القوات المسلحة الإيرانية أمرت باستعراض قوات ردعها، بما لا يدع مجالاً للشك.

إلى ذلك، نفذت إيران تهديدها بشأن المقاومة النشطة، في 10 يوليو(تموز) عندما حاولت خمسة من زوارق الحرس الثوري اعتراض ناقلة نفط تحمل اسم "بريتيش هيريتيج" عند مضيق هرمز. ورغم إحباط المحاولة من خلال سفينة حربية بريطانية تعمل انطلاقاً من البحرين، لا تزال ناقلات نفط بريطانية أخرى معرضة لعمليات تخريب.

مزايا متصورة
ويشير كاتب المقال لاعتقاد الحرس الثوري الإيراني أن لديه ميزة جغرافية متميزة تساعده على تنفيذ هذه الاستراتيجية. ومن وجهة نظره، تسيطر إيران على المناطق الشمالية والشرقية للخليج، وعلى كامل مضيق هرمز، أحد أكثر طرق الشحن ازدحاماً في العالم، وحيث تعبره يومياً ما يصل إلى 15 ناقلة نفط (منها ثلاث إلى أربع ناقلات عملاقة).

كما تعتقد طهران أن أنشطتها قانونية. ويزعم النظام بسيطرته على حركة الملاحة البحرية في المياه الإيرانية، وتشمل في هذا التعريف مضيق هرمز، رغم اعتباره ممراً دولياً وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 بشأن قانون البحار.
ويلفت الكاتب لعدم رد إيران بعد على المبادرات البريطانية بشأن الإفراج عن ناقلة غريس 1 مقابل التعهد بعدم توجهها إلى سوريا. وعلى ما يبدو، لا ترغب طهران بأن تجعل من ذلك سابقة.

عمليات سرية

وبعد فشل الحرس الثوري في اعتراض ناقلة بريتيش هيريتيج، وقرار لندن باعتقال الكابتن الهندي وكبير العاملين على متن غريس 1، يتوقع إقدام إيران على عمل آخر، وحتى في خضم جهود ديبلوماسية، كزيارة وزير الخارجية الإيراني في الأسبوع الماضي لمدينة نيويورك. وقد تقرر إيران إطلاق عمليات سرية ضد سفن بريطانية، أو ضد أصول تجارية وخدمات دعم بريطانية في سوق الطاقة في المنطقة.

ويعتقد كاتب المقال أن طهران ربما تطلب من أصدقائها الحوثيين في اليمن مهاجمة سفن تجارية عند مضيق باب المندب، باستخدام معدات وصلتهم من إيران، ومعلومات استخباراتية يتم جمعها بواسطة سفينة سافيز المدرعة العائمة شمال المضيق. وهناك سابقة لمثل تلك العمليات، وحيث زعم، في العام الماضي، الجنرال حسين شعباني بأن إيران أمرت الحوثيين بتنفيذ هجوم 24 يوليو(تموز) ضد ناقلة سعودية، وربما تم الهجوم باستخدام قارب مفخخ.

عبر تاريخية
وحسب الكاتب، كل ما جرى بشأن فشل عملية الاستيلاء على الناقلة البريطانية، يشير إلى أن طهران والحرس الثوري ليسا قلقين حيال تشكيل تحالف بقيادة غربية من أجل حماية الملاحة الإقليمية. ورغم أن هذا سيكون متناغماً مع سلوك النظام الإيراني في الثمانينات، لكنه موقف يتجاهل عبراً من تلك الفترة، وما عرف بحرب الناقلات الفاشلة التي انتهت في 1988 بإلحاق هزيمة بحرية كبرى بإيران، على يد البحرية الأمريكية، فضلاً عن استعداء حكومات غربية.

ولأجل ردع إيران عن مزيد من التصعيد، يدعو الكاتب كافة الأطراف الفاعلة للحفاظ على وجود بحري قوي متعدد الجنسيات في المنطقة، وتمكينه من التدخل لحماية حرية الملاحة في الممرات المائية الاستراتيجية في المنطقة.