الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الخميس 18 يوليو 2019 / 10:48

أردوغان يعزل نفسه عن العالم

تحت عنوان "الكل يتجاهل تركيا"، ذكر الصحفي التركي البارز بوراك بيكديل، زميل لدى "منتدى ميدل إيست" بما حصل في بداية ما سمي بالربيع العربي، عندما تبنى أردوغان فكرة جمع مسلمي الشرق الأوسط وتوحيدهم في ظل امبراطورية عثمانية سيعاد إحياؤها، وحيث يكون هو خليفتها الجديد، معتبراً أن خطابه العنيف المعادي لليهود والصهيونية أكسبه شعبية في العالم العربي، ولكن الرسالة التي تلقاها كانت خاطئة.

أدت حسابات أردوغان بشأن بناء إسلام طائفي عبر الشرق الأوسط لفقدانه دعم عدد من الدول الإسلامية

وحسب الكاتب، أصبح أردوغان نجماً في بيروت أو القاهرة ليس لأن البسطاء من العرب كانوا ينتظرون بلهفة عودة سلطة الأتراك - وخاصة لأن تركيا كانت تشهد احتكاكاً خطيراً مع العراق وسوريا والأردن ولبنان ومصر والإمارات- بل لأنهم جميعاً كانوا موجهين للتآلف مع كل من يعادي الصهاينة، رجلاً كان أم حيواناً أو نباتاً.

ويقول كاتب المقال: "لو نظرنا إلى خريطة المنطقة لوجدنا أن حرباً باردة تجري في العراق بين تركيا وأطراف إيرانيين. وفي سوريا، بدأت تركيا تخسر حرباً بين جهاديين يعملون من أجل إبادة غير عنيفة لليهودية ضد جهاديين سيئين".

كما يجري بين تركيا والسعودية والإمارات ما هو أسوأ من حروب باردة. وهناك أيضاً لبنان، والأردن الذي لم يكن أردوغان يعول عليه. وأما في مصر، أكبر الدول العربية تعداداً للسكان، هناك دولة معادية بوضوح للسياسات التركية. ويضاف إلى تلك الصورة تحالف من جميع تلك الدول العربية ودول غربية وشركات بهدف استكشاف النفط والغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط. ولم يعد من الصعب إيجاد من يدعم الجانب التركي. وليس احتمال تنفيذ عملية حفر تركية عند شواطئ قبرص، رداً على تلك الكتلة المعارضة، إلا مجرد دعاية تركية موجهة للأتراك أنفسهم.

مشكلة تركية أخرى
وحسب الكاتب، تظهر الآن" مشكلة تركية صغيرة" أخرى في دولة تقع غرب العالم الإسلامي. ويبدو أنه بعدما فقدت تركيا احتمال العمل من خلال الديبلوماسية مع جميع الدول المجاورة في شرق المتوسط، قررت الانحياز إلى جانب ما في ليبيا ما بعد القذافي، التي تمزقها حرب أهلية. وكان من المتوقع، إيديولوجيآً، أن تدعم تركيا من يرتبطون عاطفياً وفكرياً بحركة حماس والإخوان المسلمين. وكان ذلك.

وقبل خلع القذافي ومقتله، عارض أردوغان أن يلعب أي جيش غربي دوراً في ليبيا، وقال في حينه: "ماذا بحق السماء يفعل الناتو في ليبيا؟ لا يجوز أن يسمح له بذلك". واتهم الفرنسيون بالافتقار إلى الضمير في عملياتهم الليبية. ويبدو بوضوح أن أردوغان اعتقد أنه قادر على بناء ليبيا تكون مناصرة لحماس وللسنة ولتركيا، ولكن تباينت الخطط الفرنسية عن مشروعه.

الرهان على الخاسر
وبرأي الكاتب، يبدو بأن واضع الاستراتيجية التركية يفضل دوماً المراهنة على الخاسر. فقد أدت حسابات أردوغان بشأن بناء إسلام طائفي عبر الشرق الأوسط لفقدانه دعم عدد من الدول الإسلامية، ولكنه يواصل ارتكاب نفس الخطأ.
إلى ذلك، أعلن في 29 يونيو) حزيران) خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، عزمه على حظر أية رحلات تجارية من ليبيا إلى تركيا، ومنع سفن تركية من الرسو في البلاد. ومن جانب آخر، كانت تركيا تقدم الدعم لحكومة طرابلس، في حربها ضد حفتر. ويبدو أن الليبيين لا يريدون مشاركة الأتراك في معركتهم، فيما تصر تركيا على لعب دور هناك.

وضمن سياق الأحداث، اعتقلت قوات حفتر، في 1 يوليو( تموز) ستة أتراك ثم أفرجت عنهم. واتهمت قوات حفتر تركيا بتوفير غطاء جوي لجيش الحكومة في طرابلس. وتقول أنقره إن مشاركتها في ليبيا تهدف لتعزيز "السلم والاستقرار في المنطقة".

نظرة سريعة

ويلفت الكاتب لما تعهد به أردوغان قبل عشر سنوات، بأن "إسرائيل ستغدو عما قريب معزولة دولياً". ولكنه يؤكد أنه بمجرد إلقاء نظرة سريعة على الخارطة السياسية لشرق المتوسط، لن يصعب معرفة من هي الدولة المعزولة حقاً.