الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الخميس 18 يوليو 2019 / 16:05

هل يظهر شراء أردوغان أس-400 معاناته من جنون الارتياب؟

أبدى عدد من الباحثين والمحللين استغرابهم من إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على شراء منظومة أس-400 الروسية وذلك من خلال تعليقات لموقع إذاعة "صوت أمريكا". وأشار دوريان جونز معدّ التقرير إلى عدم استبعاد الخبراء وجود بعد شخصي في هذه المسألة مع الحديث عن أنّ نشر إحدى بطاريات هذه الصواريخ سيكون في أنقرة.

بطارية أس-400 ستُنشر في قاعدة أكينجي الجوية قرب أنقرة التي شكلت مقرات للمخططين المدانين بقيادة الانقلاب الفاشل سنة 2016

وقال المحلل أتيلا يسيلادا من شركة إدارة الأعمال غلوبال سورس بارتنرز ومقرها نيويورك: "إذا كانت إحدى البطاريات قائمة حقاً في أنقرة، حيث لن يكون لها هدف دفاعي في حماية أصول حيوية ضد تهديدات أجنبيّة، فعندها سأفكر في أنّ الرئيس أردوغان سيكون له مصلحة شخصية في ذلك. إنّ الأصل الوحيد الذي يستأهل الحماية في أنقرة هو البرلمان والقصر". وأضاف: "لكن لا أعتقد أنّ رئيسنا أو أي رئيس أصبح مصاباً بجنون الارتياب إلى هذا الحد كي يخشى قواته الجوية الخاصة. بالنسبة إليّ لا يبدو ذلك عقلانياً".

مشكلة عميقة في شرعية النظام التركي

أشارت التقارير إلى أنّ بطارية أس-400 ستُنشر في قاعدة أكينجي الجوية قرب أنقرة التي شكلت مقرات للمخططين المدانين بقيادة الانقلاب الفاشل سنة 2016. تعرض قصر أردوغان والبرلمان للقصف المتكرر خلال تلك العملية وفقاً للتقارير. بعد ثلاث سنوات على محاولة الانقلاب، لا تزال الاعتقالات الواسعة للجنود مستمرة.

أصدر المدعون العامون في الثامن من تموز 176 مذكرة اعتقال بحق أفراد من القوات الجوية والبرية والبحرية. منذ محاولة الانقلاب، طهرت تركيا 716 طياراً عسكرياً. وتتهم أنقرة الداعية فتح الله غولن بالتخطيط للعملية لكنّ الأخير ينكر الاتهامات بشدة.

طرح صولي أوزيل من جامعة قادر هاس في اسطنبول السؤال التالي: "كم عدد المرات التي تتوقع فيها أن تقصفك قواتك الجوية؟ إنّ خيار أس-400 يقترح أيضاً المكان الذي تتوقع أن يأتي منه أعداؤك". وتابع: "إذا لم تحلّ البلاد مسائل (التهديد العسكري المتصور) هذه، فنحن في مشكلة عميقة. لم يعد الأمر مسألة أس-400 بعد اليوم. إنّه مرتبط بالنظام السياسي التركي، شرعية النظام، وحدة هذا النظام، وجميع أنواع الأمور" المتعلقة بها.

لا منطق على الإطلاق
تلوم أنقرة واشنطن على قرارها بشراء أس-400 مشيرة إلى أنّ تردّد الرئيس السابق باراك أوباما والكونغرس في بيع صواريخ باتريوت أجبرها على شراء الصواريخ الروسية. في هذا السياق، قال الجنرال المتقاعد ورئيس معهد تركيا القرن الحادي والعشرين خلدون صولمازتورك: "من وجهة نظر عسكرية، لا يوجد منطق على الإطلاق. يتطلب الدفاع الجوي أعلى درجة من التكامل. هذا تكامل على نطاق الناتو، بما في ذلك قاذفات القنابل، الإمرة والتحكم بنظام الدفاع الجوي، إلخ". وأضاف أنّ النظام الدفاعي الجوي في حلف شمال الأطلسي صلب ومتكامل مشيراً إلى أنّ إدخال منظومة أس-400 هو أمر "لا يمكن تصوره".

لا حاجة للصواريخ
عنت الحدود الطويلة لتركيا أنّ البلاد اعتمدت طوال عقود على المقاتلات عوضاً عن الصواريخ المتحركة. منذ سنتين، أصيبت بلدات تركية عدة على الحدود بهجمات صواريخ قصيرة المدى اتُهم بها الأكراد السوريون. لكنّ المراقبين يقولون إنّ هذا التهديد قد انتهى. ذكر يسيلادا أنّ تركيا "لا تحتاج إلى نظام مضاد للصواريخ. من قد يهاجمنا بالصواريخ بشكل محتمل؟ الدولتان الوحيدتان اللتان تملكان قوة كهذه هما روسيا وإيران، وهما حليفتان. لا أحد آخر يملك ترسانة بصواريخ طويلة المدى".

تدقيق متزايد في سلوك أردوغان
تصر أنقرة على أنّ منظومة أس-400 ستعزز صناعتها الدفاعية الوطنية السريعة التمدد عبر نقل التكنولوجيا. كان نقل التكنولوجيا، ولا يزال، حجر عثرة في جهود أنقرة للحصول على صواريخ باتريوت الأمريكية. لكنّ المراقبين يشيرون إلى أنّه من غير الواضح حجم التكنولوجيا التي تبدو موسكو مستعدة لتقاسمها مع تركيا بما أنّ الأخيرة عضو في حلف شمال الأطلسي.

تحذر واشنطن من أنّ إتمام الصفقة الروسية سيطرد الشركات الدفاعية التركية من اتحاد الشركات التي تبني مقاتلات أف-35، مما سيؤدي إلى خسارتها مليارات الدولارات. إنّ الكلفة المتصاعدة لشراء أنقرة أس-400، بحسب جونز، ستنتج المزيد من التدقيق بالأسباب التي تدفع أردوغان للبقاء على التصميم لإتمام الصفقة.