الخميس 18 يوليو 2019 / 19:05

أمين شري... الأوكسجين النقدي الداخلي لميليشيا حزب الله

لم ينطلق أمين شري إلى موقع قيادي في حزب الله من العمل العسكري أو الأمني، كما هو المعتاد مع المسؤولين الحزبيين الذين يعطون شرف ”النيابة“ والمراكز الحكومية، بل قدم من التجارة والإشراف على عمليات التهريب والمال خارج إطار التمويل الإيراني.

أمين شري التاجر، ومسؤول وحدة الإشراف في الحزب على مطار رفيق الحريري الدولي ”مطار بيروت“، لم يكن مهتماً بالعمل السياسي، فهو تاجر يهتم بجمع المال وتصريفه، على نفسه وأفراد من عائلته، كما ابنة شقيقه التي تنشر يومياً صورها، كأنها ليست ابنة أخ القايدي في التنظيم المتطرف.

تقاربت المصالح بين شري وقياديين بحزب الله، حين قرر المجلس السياسي للحزب الاستعانة بأشخاص موثوقين من خارج الحزب للعمل كشركاء مع مالية الحزب وتأمين موارد من لبنان والخارج، حيث وقع الاختيار على عدد من الأشخاص بينهم تجار ومصرفيون في لبنان، وتجار صغار وكبار في دول العالم.

في بيروت كان أبرز الأسماء العاملة مع حزب الله المدعو صلاح عز الدين، الذي خسر عام ٢٠٠٩ نحو مليار ونصف المليار دولار في الأسواق المالية بعملية للموساد، بالإضافة إلى أمين شري لخبرته في الإدارة المالية والتجارة، وقربه من أحد القياديين من آل شري.

بدأ أمين شري سريعاً وضع خطة العمل المالي التي يمكن عبرها تأمين موارد إضافية للحزب، على أن يكون له منها نسبة مئوية، فاقترح مجموعة من الخطوات لتأمين المال وتشغيله وخفض المصاريف، بالإضافة إلى ربط العلاقة بالمصارف عبره للتأكد من مواجهة أي خطوات عقابية على حزب الله عبر المصارف مثل التي تتعرض لها طهران.

نجح شري سريعاً في مد شبكة علاقات واسعة، بقوة حزب الله في المطار، افتتح مكتباً له مقابل مكتب مدير الميدل ايست محمد الحوت (المحسوب على تيار المستقبل)، كان عمله في المطار يتوسع من متابعة شؤون العاملين المناصرين لحزب الله وتوظيفهم إلى إدخال البضائع والشخصيات، والسلاح المهرب بالطائرات من طهران، وصولاً إلى إيصال ”المانيفست“ اليومية للركاب من وإلى بيروت.

وفي مرفأ بيروت عمل شري عبر لجنة التنسيق المشتركة لتأمين دخول البضائع وبعض الأسلحة المهربة لحزب الله عبر الميناء من دون دفع الضرائب تحت اسم ”جهاد البناء“. وتوسع هذا العمل، ليتمكن لاحقاً من بيع خدمة إدخال البضائع للتجار المقربين من ”حزب الله“ وذلك عبر استثنائهم من دفع الرسوم الجمركية والضرائب، ودفعهم مبالغ محددة لشري أو تأمين بضائع محددة عبر دول العالم، مثل طائرات من دون طيار ومواد يمكن استخدامها للعمل العسكري.

كما أقام شري علاقات مباشرة مع أصحاب والمدراء العامين للمصارف الرئيسية لتأمين دخول المال وخروجه من دون رقابة. وجاء عام 2016 حيث بدأت الخزانة الأمريكية بوضع المصارف اللبنانية تحت التهديد بالعقوبات. المصارف بدأت بالتضييق على الحسابات الخاصة بحزب الله ودعت شري إلى سحب ما يمكن فضحه بسرعة، ولكن شري هدد أصحاب المصارف خلال اجتماع معهم، طالباً منهم تغطية الوضع بشكل غير قانوني.

أصحاب المصارف اتفقوا على رفض تهديدات شري، فجاء الرد سريعاً من حزب الله خلال شهر يونيو ذلك العام بوضع عبوة ناسفة أمام المقر الرئيسي لبنك لبنان والمهجر.

جرب يومها إعلام مقرب لحزب الله أن يتهم تنظيم داعش، لكن وزير الداخلية اللبناني الأسبق نهاد المشنوق أكد أن مقر البنك هو الهدف. وقال الوزير إن القنبلة وضعت في حقيبة بجانب الجدار الخلفي للمبنى. وتابع أن من الواضح سياسياً أن المستهدف كان بنك ”بلوم“. وقال إن الهجوم ليست له صلة بتنظيم داعش الذي نفذ تفجيرات انتحارية في بيروت. وكان مسؤولون لبنانيون قالوا إن "بنك بلوم أغلق عدداً من الحسابات المصرفية التي تخص أناساً يشتبه في صلاتهم بحزب الله التزاماً بقانون أمريكي يستهدف تمويل الجماعات الشيعية".

تسربت المعلومات إلى الخزانة الأمريكية عن دور أمين شري، وخصوصاً في تهديد البنوك اللبنانية، ورغم حصانته النيابية، فإنه اليوم واقع تحت سلطة المتابعة الجنائية الدولية التي تطوق حركته التي يدير بها صندوق مال حزب الله.