الجمعة 19 يوليو 2019 / 10:55

صحف عربية: أردوغان يجر تركيا نحو الهاوية

24 - معتز أحمد إبراهيم

تواصل تركيا تكبد الخسائر المتوالية، حيث جاء القرار الأمريكي باستبعاد تركيا من برنامج المقاتلة أف-35 ليزيد من حجم هذه الخسائر، ويرسم صورة التحول الاستراتيجي والسياسي في العلاقة بين البلدين.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الجمعة، فإن القرار الأمريكي ينطوي على الكثير من الخسائر التي سيدفع ثمنها الأتراك ممن يعيشون في أزمة استراتيجية عميقة بسبب سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان الاستفزازية.

فشل تركي
وفي التفاصيل، رأت صحيفة العرب اللندنية، أن ما تقوم به تركيا وما تنتهجه من سياسات يعكس فشلها، وقالت الصحيفة إن سياسة لي الذراع، التي راهن عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فشلت في تحدي واشنطن. مشيرة إلى أنه "وبدلا من تقوية الدور التركي عبر شراء منظومة صواريخ أس-400، وجدت أنقرة نفسها تقطع خطوة أولى خارج حلف الناتو وترهن مصيرها لتحالف مع موسكو حرص من خلاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على توظيف أنقرة في تصفية حسابات قديمة مع واشنطن ومن ورائها الناتو".

ويقول خبراء عسكريون وفقاً للصحيفة، إن استبعاد تركيا عن مشروع أف-35 هو إجراء فني لكنه يرسم صورة التحول الاستراتيجي والسياسي في العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة، التي يبدو أنها لم تعد تتحمل التعنت الذي يبديه أردوغان في القضايا الثنائية، أو في علاقته ببعض الحلفاء الاستراتيجيين. وإن وقف أي دور تركي في مشروع أف-35 يعطي انطباعاً جدياً بأن استراتيجية واشنطن تجاه تركيا بدأت بالتغيّر النوعي، وأن العقوبات ستكون عنوان المرحلة المقبلة.

طرد تركيا
من جهتها، لفتت صحيفة زمان التركية إلى تداعيات طرد أنقرة من برنامج الطائرة F-35 الأمريكي، وقال الكاتب والمحلل السياسي أمر الله أوسلو إن القرار يحمل أبعاداً دقيقة أهمها أن تركيا ونتيجة لهذا القرار ستتحمل خسائر بقيمة 1 مليار دولار أمريكي سنوياً، بإجمالي 9 مليارات دولار أمريكي. فضلاً عن تجنب البنتاغون الحديث عن الحظر الذي سيتم فرضه على تركيا، موضحاً أنه من اختصاص وزارة الخارجية الأمريكية.

وقال إن أحد الأسئلة المطروحة، في حال تراجعت تركيا من صفقة S-400 غداً، هل يمكن إعادة تركيا مرة أخرى إلى برنامج إنتاج F-35؟ موضحاً أن الدوائر الأمريكية ترفض ذلك طالما بقي أردوغان على رأس السلطة، بالاضافة إلى شعور الناتو بالضعف أمام تركيا، وهو ما سيزيد من أجواء ريبه الحلف إزاء التعاطي مع تركيا والتعامل معها.

وانتهى أوسلو إلى العقوبات التي سيفرضها حلف الناتو على تركيا، موضحاً أن حصول تركيا على هذه المنظومة الروسية، يعني غلق المجال الجوي لنظام الدفاع الجوي لحلف الناتو. أي أن تركيا لن تكون جزءاً من منظومة الدفاع الجوي الخاصة بحلف الناتو، وهو ما يعني أن تركيا أصبحت في ظلام بالنسبة للناتو.

رهانات تركيا الخاسرة
في سياق متصل، ذكرت صحيفة الخليج الإماراتية في افتتحيتها، أن الرئيس التركي وجد نفسه أمام وضع معقد في علاقة بلاده مع أمريكا، مشيرة إلى أن العلاقات الأمريكية التركية تمر بأسوأ مراحلها، خاصة في ظل التحفظات الأمريكية على قرار أنقرة بالاتجاه شرقاً للتسلح، والتخلي عن العقيدة العسكرية الأمريكية عن طريق الاستعانة بالتقنية الروسية. وأوضحت أن واشنطن تخشى أن تستخدم لاختراق الأسرار التكنولوجية للمقاتلة الشبح، كما أن الاستعانة بالتقنية الروسية يعني تعرض حلف شمال الأطلسي بأكمله للاختراق والتفكك، وهو ما لا ترغب به الولايات المتحدة وبقية دول الحلف.

ورصدت الصحيفة تغيراً في اللهجة التركية نحو أمريكا، حيث يردد الإعلام هناك أن الولايات المتحدة صارت "العدو الجديد لتركيا"، لهذا يراهن أردوغان على علاقة استراتيجية جديدة مع روسيا، في إطار إعادة تموضع سياسي وعسكري جديد. وأنتهت الصحيفة بالقول، إن هذا التحول من شأنه أن يشعل صراعاً مفتوحاً ليس فقط بين تركيا والولايات المتحدة، بل ومع أوروبا بشكل عام.

قراءة مغايرة
وإلى قراءة مغايرة وضعها الباحث السياسي بشير عبد الفتاح في صحيفة الحياة، والذي أشار إلى نقطة دقيقة تتمثل في تأكيد مصادر عسكرية روسية أن النسخ التي تلقتها أنقرة من صواريخ "إس 400" أقل كفاءة وتطوراً من تلك المستخدمة في الجيش الروسي، أو المثبتة في بقاع شتى من الفضاء الجيواستراتيجي الروسي كالقرم أو "قاعدة حميميم" في سوريا.

وقال عبد الفتاح، إن تسلم تركيا مكونات منظومات "إس 400" لا يعني حتمية تشغيلها، ذلك أن إتمام عملية التسليم يستغرق أسابيع وربما أشهراً، ثم تتبعها عملية نشر مكونات المنظومات، تليها عملية التركيب.

وأشار إلى أن تركيا في حاجة ماسة لدعم منظومات "إس 400" بنوعيات أخرى من الأنظمة الدفاعية الفعالة متوسطة وقصيرة المدى كالطوافات والمنصات الجوية لأسلحة الدعم الجوي، وهو ما يؤثر استراتيجياً على اليونان وقبرص اللتان تريا أن حصول تركيا على هذه الأسلحة سيمثل خطراً عليهم، وهو ما يزيد من حجم الضغوط بالمنطقة.

ونبه عبد الفتاح إلى أن واشنطن تسعى إلى بلورة "قانون شرق المتوسط"، الذي يسمح للولايات المتحدة بدعم الشراكة بين إسرائيل واليونان وقبرص من خلال مبادرات التعاون في مجالي الطاقة والدفاع، وهو ما يزيد من دقة المشهد برمته في الآونة الأخيرة.